العلاقات بين الولايات المتحدة وحلفائها على الجانب الآخر من المحيط الأطلنطي، كانت مثالية على مدار عقود مضت، ومثال يحتذى به لما يجب أن تكون عليه العلاقات بين الحلفاء.
إلا أنه منذ تولى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منصبه في يناير 2017، ظهرت العديد من الخلافات بين الولايات المتحدة وأوروبا. شبكة "بلومبرج" الاقتصادية، أشارت إلى أنه يبدو أن كل من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قد نالا ما يكفيهما من ترامب. ففي وقت سابق من هذا الأسبوع، أعلن ميركل وماكرون عن ما قد يكون تحول تاريخي في العلاقات على جانبي الأطلنطي، حيث دعوا أوروبا إلى التحلي بالمزيد من الاستقلالية عن الولايات المتحدة، وكانت الرسالة المشتركة هي أن الوقت قد حان لإعادة تأكيد سيادة القارة في مواجهة ترامب.
وطالب كل منهما الاتحاد الأوروبي بتحمل المزيد من المسؤولية الدفاعية، في الوقت الذي يناقشون فيه خطة لإنشاء نظام مالي منفصل لضمان استقلالية أوروبا.وفي الوقت الذي بدأ فيه وزيري المالية في البلدين مناقشة الأمر خلال محادثات في باريس أمس الأربعاء، تظل هناك علامة استفهام حول ما إذا كان من الممكن أن تستطيع أوروبا
وطالب كل منهما الاتحاد الأوروبي بتحمل المزيد من المسؤولية الدفاعية، في الوقت الذي يناقشون فيه خطة لإنشاء نظام مالي منفصل لضمان استقلالية أوروبا.
وفي الوقت الذي بدأ فيه وزيري المالية في البلدين مناقشة الأمر خلال محادثات في باريس أمس الأربعاء، تظل هناك علامة استفهام حول ما إذا كان من الممكن أن تستطيع أوروبا الاستقلال عن أمريكا على الرغم من العلاقات المتشابكة بينهما.
اقرأ المزيد: العقوبات الأمريكية تصطدم بـ«دول اليورو».. وأوروبا تستقل سياسيًا عن واشنطن
حيث قالت كريستين بيرزينا الباحثة في صندوق "مارشال" الألماني في بروكسل، "إننا نشهد الآن كيف يقوم الأوروبيون بتعديل إحساسهم بالوضع العالمي".
وأضافت أن "الدعوات من أجل بناء أوروبا أقوى، على مستوى التجارة والقضايا الأمنية والدفاعية، تتزايد مع توتر العلاقات عبر الأطلنطي، وكذلك بسبب المخاوف بشأن مستقبل الاتحاد الأوروبي، بالنظر إلى تزايد النزعة القومية بين الدول الأعضاء والبريكست".
أعداء الولايات المتحدة
وترى "بلومبرج" أن ترامب منذ دخوله البيت الأبيض، يعمل على تقويض أركان النظام العالمي الذي نشأ بعد الحرب العالمية الثانية، حيث شكك في مدى أهمية منظمة حلف شمال الأطلسي "الناتو"، كما انسحب من الاتفاق النووي مع إيران، الذي ساعدت القوى الأوروبية في التفاوض عليه.
وفي خضم حرب تجارية مع أكبر الاقتصادات في العالم، صرح ترامب أن الاتحاد الأوروبي كان "عدوًا" للولايات المتحدة، وهو ما دفع ألمانيا وفرنسا كقائدين فعليين للاتحاد الأوروبي للنظر في ترتيبات بديلة.
ومع ذلك، فإن الاستقلال المالي الحقيقي للاتحاد الأوروبي، يعني أن يصبح "اليورو" عملة يمكنها أن تحل محل الدولار الأمريكي في الاقتصاد العالمي، بالإضافة إلى بناء إطار مالي يمكن أن يتنافس مع وول ستريت، وهي أهداف قد تستغرق سنوات عديدة.
كما أن القدرات الدفاعية التي تسمح لأوروبا بحماية نفسها، تُعد عبئًا كبيرًا على قارة يشارك 29 دولة منها في حلف الناتو، أوفت 5 دول فقط منهم، بهدف التحالف بإنفاق 2? من الناتج الاقتصادي على الدفاع.
اقرأ المزيد: خلاف أمريكا وأوروبا يهدي تركيا «فرصة تاريخية»
وأشارت الشبكة إلى أن أحد الأسباب الرئيسية التي دفعت أوروبا إلى الاستقلال بشكل أكبر عن أمريكا، هو انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي الإيراني، وهو ما أجبر الشركات الأوروبية على الانسحاب من السوق الإيرانية لتجنب العقوبات الأمريكية.
واقترح وزير المالية الفرنسى برونو لو مير، ووزير الخارجية الألمانى هيكو ماس، يوم الاثنين، أن تقوم دول الاتحاد الأوروبى بإنشاء نظم دفع مستقلة عن الولايات المتحدة لتفادي العقوبات الجديدة.
بالإضافة إلى سياسية ترامب القائمة على فكرة "أمريكا أولًا"، التي تضيف إلى مخاوف الاتحاد الأوروبي، التي تتراوح بين روسيا التي لا يمكن التنبؤ بتحركاتها، مرورًا بالتعثر الاقتصادي التركي ومستقبل سوريا.
وتشمل النماذج قيد الدراسة نظامًا بديلًا لنظام "سويفت" للتحويلات البنكية، وآلية من شأنها تمكين تسوية عقود النفط مقابل صفقات أخرى.
لحظة محورية
وقالت "بلومبرج" إن هذه الدعوات تأتي في لحظة محورية للكتلة الأوروبية، حيث يمثل القادة المستبدين في دول أوروبا الشرقية اختبارًا لحدود قواعد الاتحاد الأوروبي.
كما أن بريطانيا على أعتاب مغادرة الاتحاد؛ ويبدو أن الصدام مع إيطاليا حول الميزانية والمهاجرين هو نقطة الانطلاق الرئيسية للخلاف المقبل في بروكسل.
اقرأ المزيد: لماذا تراجع ترامب عن خططه مع الاتحاد الأوروبي وبوتين؟