هكذا تحولت صيحة قتال الجنود على الجبهة لأغنية وطنية
أكثر من 45 سنة مرت على صدور أغنية بسم الله الله أكبر وحتى الآن يظل كثير من التفاصيل المثيرة حول هذه الأغنية غائبة عن الجمهور، منها كيف تحول هتاف الجنود لأسرع أغنية وطنية
تحرير:حليمة الشرباصي٠٦ أكتوبر ٢٠١٨ - ٠٩:٠٠ م
لم يعاصر جيلي حرب أكتوبر لكننا وبعد عقود مرت على النصر العظيم ما زال الحماس الذي خيم على البلد جيشًا وشعبًا قادرا على أن يمس قلوبنا، ويخترق حواجز الزمن ليجدد روح النصر في دمائنا، ما زالت أغنية «بسم الله الله أكبر» تلقي بظلال أمل على هذا الجيل، تذكرنا أن روح النصر ما زالت تسري بداخلنا وإن بَعدت أو طال الركود، هل كان يتوقع الموسيقار بليغ حمدي والشاعر عبد الرحيم منصور أنه في القرن الـ21 ستتسبب أغنيته الشهيرة في جعل فتاة في مقتبل العشرينيات تستعيد مشاعر نصر أكتوبر بهذه القوة، ربما كان هذا غرضه من البداية أن يسجل بفنه لحظة هي الأهم في تاريخ مصر.
بعد هزيمة 1967، أخذ كثير من فناني مصر على عاتقهم مسئولية مواصلة المسيرة الحماسية وتشجيع الشعب بأهمية عدم فقدان الثقة في قدرة جنودنا على استعادة سيناء المحتلة، وكان الموسيقار بليغ حمدي والشاعر عبد الرحيم منصور من أوائل هؤلاء الفنانين، ربما ذلك يفسر الحماسة المستميتة التي كانت تلاحقه لتسجيل الأغنية الوطنية
بعد هزيمة 1967، أخذ كثير من فناني مصر على عاتقهم مسئولية مواصلة المسيرة الحماسية وتشجيع الشعب بأهمية عدم فقدان الثقة في قدرة جنودنا على استعادة سيناء المحتلة، وكان الموسيقار بليغ حمدي والشاعر عبد الرحيم منصور من أوائل هؤلاء الفنانين، ربما ذلك يفسر الحماسة المستميتة التي كانت تلاحقه لتسجيل الأغنية الوطنية «بسم الله الله أكبر بسم الله» رغم الصعوبات.
البداية جاءت بذهاب بليغ حمدي بصحبة زوجته وردة إلى مبنى ماسبيرو فور سماعه بخبر عبور الجيش المصري قناة السويس وتحطيمه خط بارليف، لم يكن في ذلك الوقت مدركًا أنه على وشك تأليف نشيد رسمي للنصر سيخلده الزمن، لكنه كان مدفوعا بحماسة وحب للوطن، قوبلت بتعنت ورفض دخوله لمبنى الإذاعة والتليفزيون، لكنه لم يستسلم، واتصل بصديقه المذيع وجدي الحكيم، محذرًا إياه إن رفض دخوله للقيام بأغنية لوطنه بأن يحبسه، وبسرعة وافق "الحكيم" ظنا منه أن "بليغ" يمزح لكن كان مخطئًا.
ودخل "بليغ" المبنى ولا يحمل في رأسه سوى صرخة جنودنا في الحرب بسم الله الله أكبر بسم الله، لتكون هي نواة أغنيته الجديدة، ليلتقطها الشاعر عبد الرحيم منصور مكملًا باقي الكلمات: "نصرة لبلدنا .. بسم الله بسم الله بإيدين ولادنا .. بسم الله بسم الله، و أدان ع المدنة .. بسم الله بسم الله بتحيي جهادنا .. بسم الله بسم الله، الله أكبر أذن و كبر و قول يا رب النصرة تكبر، بكفاحنا يا مصر .. بسم الله بسم الله تأريخ النصر .. بسم الله بسم الله".
ولم تكن هذه هي العقبة الوحيدة، فبعد دخول "بليغ" المبنى اكتشف أن تعقيدات الحرب حالت بين دخول معظم المطربين إلى المبنى، وبالتالي لا توجد أمامه فرصة لتسجيل الأغنية التي ألفها بالتشارك مع المؤلف عبد الرحيم منصور، فما كان منه إلا أن جمع 15 موظفا من العاملين بالمبنى يمتلكون صوتًا جيدًا ونفذ الأغنية، مسجلًا رقمًا قياسيًا جديدًا في ساحة الغناء العربي، حيث أخذت اغنية «بسم الله الله أكبر بسم الله» لقب أسرع أغنية في ساحة الغناء المصرية.
همة بليغ حمدي وعبد الرحيم منصور كانت وراء تنفيذ أغنية النصر في يوم واحد فقط، لكن هذه الهمة لم تفتر ولم تعرف الاستسلام بعدها، فقد ظل الثنائي يقدم أغاني وطنية حماسية منذ نكسة 1967 وحتى نصر أكتوبر، ومن هذه الأغاني سكت الكلام للمطرب عبد الحليم حافظ، وعبرنا الهزيمة للمطربة شادية، "وقومي يا مصر" أيضًا غناها الفنان عبد الحليم حافظ، وكذلك أغنية "على الربابة" بغني للفنانة وردة والتي لاقت نجاحًا كبيرًا وظلت عالقة في وجدان الجمهور بمرور الزمن.
مر 45 عامًا منذ صدور أغنية "بسم الله الله اكبر بسم الله"، ورغم ذلك ما زالت من أساسيات الاحتفال بحرب أكتوبر، قد تنسى تاريخ اليوم السادس من أكتوبر، لكن هذه الأغنية قادرة على أن تعيد لك ذاكرة النصر وتزيد من حماستك، فقد كانت نقطة تحول في طريقة الغناء في ذلك الوقت كونها أول أغنية وطنية تجمع بين الدعاء واللحن السريع في موازنة لم يستطع أحد الوصول إليها بعد العظيمين بليغ حمدي وعبد الرحيم منصور، لكن يكفينا أنهما تركا إرثًا للوطن والموسيقى ما زال خالدًا بعد كل هذه الفترة.