«العرب يستحقون صحافة حرة».. آخر مقالات جمال خاشقجي
الصحفي المختفي: مُنِحت الحكومات العربية حرية مواصلة إسكات الإعلام بمعدل متزايد.. كان هناك زمن اعتقد فيه الصحفيون أن الإنترنت سيحرر المعلومات من الرقابة والسيطرة
تحرير:التحرير
١٨ أكتوبر ٢٠١٨ - ٠٣:٢٨ م
جمال خاشقجي
«لقد كان العالم العربي مفعما بالأمل خلال ربيع عام 2011، كان الصحفيون والأكاديميون وعامة السكان يفيضون بتوقعات لمجتمع عربي مشرِق وحر في بلدانهم، كانوا يتوقعون التحرر من هيمنة حكوماتهم والتدخلات المستمرة والرقابة على المعلومات، سرعان ما أُحبِطت هذه التوقعات، وهذه المجتمعات إما عادت إلى أوضاعها السابقة، أو واجهت ظروفا أكثر قسوة من ذي قبل». هذه الكلمات هي من آخر ما كتبه الصحفي السعودي جمال خاشقجي، والذي اختفى منذ يوم 2 أكتوبر الجاري، عقب دخوله قنصلية بلاده في تركيا.
هذه الكلمات هي من مقال نشرته صحيفة «واشنطن بوست»، والتي كان يعمل بها «خاشقجي»، أمس الأربعاء، وصرحت كارن عطية محررة قسم الآراء العالمية في الصحيفة، بأن مترجم ومساعد «خاشقجي» هو الذي أرسل لها المقال، بعد يوم من الإبلاغ عن فقدانه في مدينة أسطنبول، وظلت الصحيفة الأمريكية محتفظة بالمقال رافضة نشره على أمل
هذه الكلمات هي من مقال نشرته صحيفة «واشنطن بوست»، والتي كان يعمل بها «خاشقجي»، أمس الأربعاء، وصرحت كارن عطية محررة قسم الآراء العالمية في الصحيفة، بأن مترجم ومساعد «خاشقجي» هو الذي أرسل لها المقال، بعد يوم من الإبلاغ عن فقدانه في مدينة أسطنبول، وظلت الصحيفة الأمريكية محتفظة بالمقال رافضة نشره على أمل في عودة الصحفي المختفي مرة أخرى، والذي كان يأمل في حرية الصحافة بكل البلاد العربية.
يبدأ «خاشقجي» مقاله: لقد كنت أبحث على الإنترنت مؤخرا للنظر في مؤشر حرية الصحافة لعام 2018 الذي نشرته مؤسسة «فريدوم هاوس» وتوصلت لإدراك خطير. هنالك دولة واحدة فقط في العالم العربي نالت تصنيف «حرة»، تلك الدولة هي تونس، تليها الأردن والمغرب والكويت في المرتبة الثانية بتصنيف «حرة جزئيا»، تُصنف بقية الدول في العالم العربي على أنها «غير حرة».
ويضيف: نتيجة لذلك، فإن العرب الذين يعيشون داخل هذه البلدان إما غير مطَلعين، أو مضللون. فهم لا يستطيعون معالجة المسائل التي تؤثر على المنطقة وحياتهم اليومية على نحو كاف، ناهيك عن مناقشتها علنا. يهيمن سرد تديره الدولة على النفسية العامة وبينما لا يصدقه الكثيرون، إلا أن أغلبية كبيرة من السكان تقع ضحية لهذه الرواية الزائفة. للأسف، من غير المحتمل أن يتغير هذا الوضع.
ويتابع الصحفي المختفي: لقد كان العالم العربي مفعما بالأمل خلال ربيع عام 2011، كان الصحافيون والأكاديميون وعامة السكان يفيضون بتوقعات لمجتمع عربي مشرِق وحر في بلدانهم. كانوا يتوقعون التحرر من هيمنة حكوماتهم والتدخلات المستمرة والرقابة على المعلومات، سرعان ما أُحبِطت هذه التوقعات، وهذه المجتمعات إما عادت إلى أوضاعها السابقة، أو واجهت ظروفا أكثر قسوة من ذي قبل.
ويقول: كتب صديقي العزيز الكاتب السعودي البارز صالح الشحّي أحد أشهر الأعمدة المكتوبة في الصحافة السعودية، مع الأسف، إنه الآن يقضي عقوبة سجن غير مبررة لمدة 5 سنوات بسبب تعليقات مزعومة تعارضت مع الخط العام للحكومة السعودية.
ويشير «خاشقجي» إلى أنه: نتيجة لذلك، فقد مُنِحت الحكومات العربية حرية مواصلة إسكات الإعلام بمعدل متزايد. كان هناك زمن اعتقد فيه الصحفيون أن الإنترنت سيحرر المعلومات من الرقابة والسيطرة المرتبطتين بوسائل الإعلام المطبوعة، لكن هذه الحكومات التي يعتمد بقاؤها الفعلي على السيطرة على المعلومات أعاقت الإنترنت بشدة. كما اعتقلوا المراسلين المحليين وحظروا الإعلانات للإضرار بعائدات وسائل إعلام معينة.
ويوضح: يواجه العالم العربي نسخته الخاصة من الستار الحديدي التي لا تفرضها جهات خارجية، لكن من خلال القوى المحلية المتنافسة على السلطة، خلال الحرب الباردة، لعبت «إذاعة أوروبا الحرة» التي نمت على مر السنين إلى مؤسسة حاسمة، دورا هاما في تعزيز وإدامة الأمل في الحرية، العرب بحاجة إلى شيء مماثل، في عام 1967، وافقت صحيفتا «نيويورك تايمز وواشنطن بوست» على نشر صحيفة عالمية مشتركة، وهي صحيفة «إنترناشيونال هيرالد تريبيون» التي أصبحت بمثابة منصة للأصوات العالمية.
ويضيف: لقد اتخذت مطبوعتي «واشنطن بوست» مبادرة لترجمة العديد من المقالات الخاصة بي ونشرها باللغة العربية وأنا ممتن لذلك، يحتاج العرب إلى القراءة بلغتهم الخاصة حتى يتمكنوا من فهم ومناقشة مختلف جوانب ومضاعفات الديمقراطية في أميركا والغرب، إذا قرأ أحد المصريين مقالا يكشف التكلفة الفعلية لمشروع بناء في واشنطن، فسيستطيع فهم الآثار المترتبة على مشاريع مماثلة في مجتمعه بشكل أفضل.
وكانت أخر كلمات «خاشقجي»: العالم العربي بحاجة ماسة إلى نسخة حديثة من هذه المبادرة حتى يتمكن المواطنون من الإطلاع على الأحداث العالمية، وما هو أهم من ذلك، نحن بحاجة إلى توفير منصة للأصوات العربية، نحن نعاني من الفقر وسوء الإدارة وسوء التعليم، إن إنشاء منتدى دولي مستقل ومعزول عن تأثير الحكومات القومية التي تنشر الكراهية من خلال الدعاية سيمكن الناس العاديين في العالم العربي من معالجة المشاكل البنيوية التي تواجهها مجتمعاتهم.
يذكر أن الولايات المتحدة طلبت، أمس الأربعاء، من تركيا نسخة من التسجيلات الصوتية، التي تدعي أنها حصلت عليها من داخل القنصلية السعودية بشأن الصحفي السعودي جمال خاشقجي، المختفي داخل قنصلية بلاده قبل أسبوعين، حسبما صرح الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب.
وأوضح ترامب: «لقد طلبناها، إذا كانت موجودة.. ولست متأكدا بعد من أنها موجودة. ربما. ربما. سأحصل على تقرير كامل عن ذلك من مايك (بومبيو) عندما يعود»، في إشارة لوزير الخارجية الأمريكي ومتابعته تطورات قضية الصحفي جمال خاشقجي، كما رفض ترامب وصفه بأنه «يعطي غطاءً للسعودية»، مشيرا إلى أنه يصر على الوصول إلى ما حدث لجمال خاشقجي، لكنه أكد مرة أخرى أهمية علاقة الولايات المتحدة مع المملكة العربية السعودية، وأشار إلى الاستثمارات السعودية في بلاده.
وقال: «أنا لا أعطي غطاء على الإطلاق، وأريد فقط معرفة ما يحدث، مع هذا فإن السعودية حليف مهم لنا في الشرق الأوسط»، مشيرا إلى صفقة أسلحة بقيمة 110 مليارات دولار بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، رغم أن مبلغ 14.5 مليار دولار فقط من هذا الرقم بدأ بالفعل يتحقق.