هل ينجح قانون الدروس الخصوصية في القضاء عليها؟
مشروع قانون للقضاء على الدروس الخصوصية.. الوزارة: السجن لصاحب المركز.. وشوقي: المصريون ينفقون 25 مليار جنيه على الدروس الخصوصية..والبرلمان: لن يقضي على الدروس الخصوصية.
تحرير:صابر العربي
٣٠ أكتوبر ٢٠١٨ - ٠٣:٣٣ م
مركز درس خصوصي- ارشيفية
مشكلة مزمنة اسمها الدروس الخصوية، وعد كل من تولى حقيبة التعليم بمحاربتها وفشل، وخلال الساعات الساعات الماضية، لجأت الوزارة للسبل التقليدية في محاربتها، من خلال مداهمة مقار الدروس الخصوصية.
لكن الجديد في الأمر، هو إعلان الوزارة مشروع قانون لتجريم الدروس الخصوصية، ووضع عقوبات مغلظة، لردع المخالفين من المدرسين وضبط العملية التعليمية ورفع الأعباء عن الأسر، لكن هل من الممكن أن يساهم هذا القانون الجديد في القضاء على الظاهرة التى تعاني منها مصر على عقود مضت.
تجريم المراكز المشبوهة وأعلنت وزارة التعليم، عبر الدكتور محمد عمر، نائب وزير التربية والتعليم لشؤون المعلمين، عن إعداد مشروع لتجريم المراكز المشبوهة التي تعطي دروسا للطلاب دون إذن من وزارة التربية والتعليم، مشيرا إلى أن العقوبات في القانون عبارة عن غرامات مالية كبيرة جدا، وقد تصل إلى السجن لصاحب
تجريم المراكز المشبوهة
وأعلنت وزارة التعليم، عبر الدكتور محمد عمر، نائب وزير التربية والتعليم لشؤون المعلمين، عن إعداد مشروع لتجريم المراكز المشبوهة التي تعطي دروسا للطلاب دون إذن من وزارة التربية والتعليم، مشيرا إلى أن العقوبات في القانون عبارة عن غرامات مالية كبيرة جدا، وقد تصل إلى السجن لصاحب المركز ومن يقوم بالتدريس في المركز، وإذا كان مدرس سيتم فصله نهائيا من الوزارة.
وحسب عمر، فإن مشروع القانون سينظم فرض عقوبات مالية كبيرة والحبس للمراكز غير المصرح لها من الوزارة، للتعامل مع الطلاب من سن 6 سنوات إلى 18 سنة، والممارسين لمهنة التدريس بدون تصريح.
إحنا نخاف على ولادنا
وأضاف نائب وزير التربية والتعليم لشؤون المعلمين، أن العديد من المراكز تأخذ تصريحات من عدة وزارات غير وزارة التربية والتعليم، وتزاول مهنة التعليم وتعطي دروسًا بدون علم الوزارة، متابعا: "إحنا نخاف على ولادنا من المعلومات اللي بيتعرضولها في تلك المراكز، ولن نسمح بها".
وإن كانت وزارة التعليم عازمة على وقف الدروس الخصوصية، فما البديل الآمن للأسرة لتنمية قدرات أبنائهم للفهم والتعلم، ومن ثم الحصول على درجات جيدة، بعيدًا عن تلك المراكز المشبوهة كما أطلقت عليها وزارة التعليم؟
15 عامًا للقضاء على الدروس الخصوصية
وفي هذا السياق، أكدت النائبة ماجدة نصر، عضو مجلس النواب، أن النظام الجديد للتعليم لن يقضي على الدروس الخصوصية فى عام واحد، لكن على مراحل قد تصل لـ15 عاما، لافتة إلى أنها ظاهرة فى الأساس تعود لثقافه المجتمع نتيجة فقد الثقة فى التعليم الحكومى.
واعتبرت أن أى تشريعات جديدة لن تقضي على الدروس بنسبه 100%، ولكن لا بد من إلزام المدرس بالتواجد فى المدرسة، ومتابعته بشكل جيد، وخلق بدائل داخل المدارس من بينها الاهتمام بالمجموعات الدراسية على أن تترك لحسب احتياج الطلاب وليس لعدد محدد، وشددت على رفضها القاطع بأن تصل العقوبات للمعلم غير الملتزم إلى حد السجن، فالأفضل أن تصل إلى الفصل فقط.
25 مليار جنيه دورسًا خصوصية
وكان وزير التعليم، الدكتور طارق شوقي، قد أعلن في أحد لقاءاته الأخيرة مع النواب بالبرلمان، أن المصريين ينفقون ما بين 20 إلى 25 مليار جنيه على الدروس الخصوصية فى المراكز التعليمية الخاصة.
وأقر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أن عدد المدرسين بمرحلة التعليم ما قبل الجامعي في العام الدراسي 2015-2016 ارتفع بنسبة 0.8 بالمئة، حيث بلغ 16ر1 مليون مدرس مقارنة بـ15ر1 مليون في العام الدراسي السابق عليه.
والرواتب الشهرية للمعلمين، حسب وزير التعليم نفسه، لم تتعد الـ 2000 جنيه، حيث قال "الناس دى عايشة على 1500 و2000 جنيه في الشهر، وهناك 120 ألف معلم يقودون التغيير"، كاشفًا عن وجود خطة لمضاعفة دخل المعلم المصرى، لافتا إلى أن هذه الخطة تتكلف 17 مليار سنويا في الباب الأول.
عدد من خبراء التعليم كان لهم رأي مغاير لرؤية الحكومة أو لوزارة في القضاء على الدروس الخصوصية عبر مشروع قانون، مؤكدين أن الإجراءات العقابية فشلت في التصدي للظاهرة، وكان آخرها فشل تطبيق الضبطية القضائية لإغلاق مراكز الدروس الخصوصية.
معالجة تدني الأجور
وقال الدكتور كمال مغيث، الخبير التربوى والباحث بالمركز القومى للبحوث التربوية، إن القانون لن يكون الحل في القضاء على الدروس الخصوصية، لأن الدروس الخصوصية مرتبطة بكل أشكال تدهور العملية التعليمية، ولا يتم القضاء على هذه الظاهرة السلبية إلا بإجراء حزمة من الإصلاحات.
وأضاف مغيث أنه على رأس هذه الاصلاحات معالجة مشكلة تدني أجور المدرسين، فلا يمكن التصدي لظاهرة الدروس الخصوصية وأجور المدرسين لا تجعلهم يعيشون عيشة كريمة تليق بالمربي والمعلم لجيل بأكمله، وأيضا المناهج التعليمية التي تعتمد على امتحان الفرصة الواحدة في اليوم الواحد وفي الساعات الاخيرة دون قياس قدرة الطلاب الحقيقية وتقوية النقاط المتميزين فيها.
القانون يجعل الظاهرة تتفاقم
وأضاف مغيث، أنه من المنطقى الذى يريد أن يعالج آفة الدروس الخصوصية عليه أولاً أن يعالج الأسباب التى أدت إليها، لكن القانون قد يأتى بنتائج عكسية، ويجعل الظاهرة تتفاقم، ويؤدي إلى البحث من قبل المدرسين والطلاب لإيجاد ثغرات للتحايل على القانون كما يجعلهم يعملون فى الظلام، كما أنه يجعل الدروس الخصوصية ترتفع ثمنها لأنها ممنوعة، والطلاب فى حاجة إليها فى ظل منظومة تعليمية فاشلة فى المدارس.
وقال الدكتور حسنى السيد، أستاذ البحوث التربوية، إن قانون تجريم الدروس الخصوصية جاء متأخرا جدا، وستواجه الوزارة مقاومة شديدة لمدة عام على الأقل تتراجع مع مرور الوقت، ومع زيادة رواتب المعلمين.
وأضاف السيد، أنه من المهم ألا ننظر إلى المعلم على أنه "مجرم"، لأنه يمثل قدوة لأبنائنا، بل يجب أن نرقى به علمًا وسلوكًا واحترامًا، لأن هدم شخصيته يعنى هدم المثل الإيجابية والقدوة للطالب، فالآباء والطلاب للأسف، وفق عرف مجتمعي، حريصون على الدروس الخصوصية، بل إنهم يجبرون المدرسين عليها أحيانًا خوفًا على مستقبل أبنائهم.
وتابع: بيئة المدرسة غير جاذبة، بل أصبحت طاردة، والأداء فيها بعيد عن الجودة، والمعلم يكون أحيانا غير متخصص أو تربوى، ويجب أن تكون هناك ضبطية قضائية فاعلة قادرة على متابعة حركة الدروس الخصوصية وحضور المدرسين طوال اليوم الدراسى والتركيز على المناطق الشهيرة بالمراكز، خاصة فى محافظتى القاهرة والإسكندرية، وهما أعلى المحافظات فى عدد مراكز الدروس الخصوصية.
وأكد السيد، أنه بالقانون سنضمن ضبط دور المدرسين من غير العاملين بالوزارة التى لا تستطيع عقابهم، وكذلك المعلمون ممن حصلوا على إجازة من الوزارة للتفرغ للدروس الخصوصية ويعودون للعمل بعد الإجازة.