«البردة».. أشهر ما قيل في مدح الرسول
صاحب الهدى الذي أرسله الله رحمة للعالمين، وشفيعا لعباده يوم الدين.. الكثير قيل في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم، لكن هناك من امتاز في ذلك، واشتهرت أبياته لسنوات من بعده
تحرير:السيد نجم
١٨ نوفمبر ٢٠١٨ - ٠٨:٠٠ م
خير الأنام الذي ذكر حسن صفاته وعظم مكانته في قرآن يتلى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وبه كان هدى الناس، ولولاه ما عرفوا الهدى.. الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، كان يحب الاستماع إلى الشعر الحسن، وكان من حوله الشعراء من الصحابة، ولعل أشهرهم الصحابي حسان بن ثابت، الذي كان "ينافح" عن الرسول في قصائده، ويقول في مدحه ومدح رسالته، وبذلك سارت سنة تواصلت حتى يومنا هذا، وهناك الكثير من أشعار المديح، لكن بعضها وصل في الشهرة ما لم يبلغه الآخر، وهو ما نستعرضه في تقريرنا التالي.
قصيدة البردة هناك عدة قصائد مدح سميت بالبردة، وإن كانت القصيدة الأولى يعود تاريخها إلى وقت الدعوة، وهي مرتبطة بقصة إسلام الصحابي كعب بن زهير، وقد كان من الشعراء المعروفين في الجاهلية، وحينما بدأ الرسول يدعو إلى الإسلام، هجاه، وكان له من الشعر أيضًا بحق نساء المسلمين، فأهدر الرسول دمه.
"كعب" بعدها دخل
قصيدة البردة هناك عدة قصائد مدح سميت بالبردة، وإن كانت القصيدة الأولى يعود تاريخها إلى وقت الدعوة، وهي مرتبطة بقصة إسلام الصحابي كعب بن زهير، وقد كان من الشعراء المعروفين في الجاهلية، وحينما بدأ الرسول يدعو إلى الإسلام، هجاه، وكان له من الشعر أيضًا بحق نساء المسلمين، فأهدر الرسول دمه.
"كعب" بعدها دخل الإيمان قلبه، وأتى إلى الرسول مستأنسًا وطالبًا للعفو، معلنا إسلامه، ثم أنشد قصيدته اللامية (أي التي تنتهي أبياتها بحرف اللام)، وبعدما انتهى من إلقائها، عفا عنه النبي، بل وخلع بردته عليه، فحازت اسم "البردة"، كما تسمى أيضًا بـ"البرءة"، حيث أبرأ كعب بها ذمته من النيل من الرسول. ومن أبياتها: "أُنْبِئْتُ أنَّ رَسُولَ اللهِ أَوْعَدَني.. والعَفْوُ عنْدَ رَسُولِ اللهِ مَأْمُولُ، وقَدْ أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ مُعْتَذِراً.. والعُذْرُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ مَقْبولُ" وبها أيضًا: "إنَّ الرَّسُولَ لَنورٌ يُسْتَضاءُ بِهِ مُهَنَّدٌ مِنْ سُيوفِ اللهِ مَسْلُولُ".
البردة (البوصيري) الشاعر المصري محمد بن سعيد البوصيري، كانت له واحدة من أبلغ القصائد التي قيلت في مدح الرسول، وله قصة معها، حيث كان البوصيري ينظم أشعارًا في مدح النبي، وداهمه مرض شديد، ففكر في عمل قصيدته هذه، وأن يستشفع بها إلى الله كي يعافيه، فيقول: "قررت إنشادها، ودعوت، وتوسلت، ونمت فرأيت النبي فمسح على وجهي بيده المباركة، وألقى عليّ بردة، فانتبهت ووجدتُ فيّ نهضة، فقمت وخرجت من بيتي، ولم أكن أعلمت بذلك أحداً، فلقيني بعض الفقراء فقال لي: أريد أن تعطيني القصيدة التي مدحت بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقلت: أي قصائدي؟ فقال: التي أنشأتها في مرضك، وذكر أولها وقال: والله إني سمعتها البارحة وهي تنشد بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأعجبته وألقى على من أنشدها بردة. فأعطيته إياها. وذكر الفقير ذلك وشاعت الرؤيا".
وجاء في القصيدة: "محمد سيد الكونين والثقليـن.. والفريقين من عرب ومن عجمِ، نبينا الآمرُ الناهي.. فلا أحدٌ أبر في قولِ لا منه ولا نعم، هو الحبيب الذي ترجى شفاعته.. لكل هولٍ من الأهوال مقتحم، دعا إلى الله فالمستمسكون به.. مستمسكون بحبلٍ غير منفصم".
نهج البردة أحمد شوقي، الملقب بأمير الشعراء، عارض قصيدة "البوصيري"، والمعارضة في الشعر أن ينظم الشاعر قصيدة على وزن وقافية وموضوعها، والحقيقة أن لـ"شوقي" العديد من القصائد التي عارض فيها كبار الشعراء، وقد أقر بفضل "البوصيري" في القصيدة فيقول: "المادحون وأرباب الهوى تبع.. لصاحب البردة الفيحاء ذي القدم"، وأيضًا جاء في قصيدته: "فلا تسل عن قريش كيف حيرتها.. وكيف نفرتها في السهل والعلم، تساءلوا عن عظيم قد ألم بهم.. رمى المشايخ والولدان باللمم، يا جاهلين على الهادي ودعوته.. هل تجهلون مكان الصادق العلم؟ لقبتموه أمين القوم في صغر.. وما الأمين على قول بمتهم، سرت بشائر بالهادي ومولده.. في الشرق والغرب مسرى النور في الظلم".
وهناك العديد من المعارضات لـ"البردة"، التي جاء بها الشعراء، وإن رأى الكثيرون أن هذا الاسم لا يجب أن يطلق إلا على قصيدة كعب فقط.. وأيا يكن، فإن كتب الشعر وصدور المحبين والعارفين تزخر بآلاف الأبيات التي قيلت في مدح وحب الرسول عليه الصلاة والسلام.