مؤسس مبادرة «اكتب صح»: اللغة العربية مهددة بالانقراض
مبادرة "اكتب صح" هى مبادرة أسسها الصحفي حسام مصطفى إبراهيم لتعليم اللغة العربية.. وفازت "اكتب صح" بجائزة (أفضل فكرة مبتكرة) في منتدى الإسكندرية للإعلام عام 2017
تحرير:خالد وربي١٨ ديسمبر ٢٠١٨ - ٠٤:٠٠ م
هناك إهمال شديد للغة العربية سواء على المستوى الحكومي أو الشعبي، كما فقدت اللغة العربية قيمتها وجدواها. وحسب مؤسس مبادرة "اكتب صح" حسام مصطفي إبراهيم خلال حوار أجراه معه "التحرير"، فإن هناك مسئولين حكوميين يخطئون في التحدث بالعربية في أثناء التكلم، فضلا عن الأخطاء الإملائية في لافتات الوزارات والمؤسسات الحكومية، كما أن الحكومة نفسها أسهمت في تجريف اللغة العربية التي باتت معرضة للانقراض. مطالبا بضرورة أن تؤمن الحكومة بقيمة اللغة العربية حتى تسهم في تحفيز المجتمع على الاهتمام بها.. وإلى نص الحوار:
- كيف جاءت فكرة مبادرة "اكتب صح"؟
بدأت مبادرة "اكتب صح" في عام 2013، وذلك نتيجة عملي الكثير مع الصحفيين ورئاستي الديسك المركزي بعدد من الصحف، وكنت أتعاون مع زملائي الصحفيين لتصحيح بعض الأخطاء التي يقعون فيها في أثناء الكتابة، وقررت تأسيس مبادرة يستفيد منها عدد أكبر بخلاف الصحفيين لإحياء اللغة العربية.
بدأت مبادرة "اكتب صح" في عام 2013، وذلك نتيجة عملي الكثير مع الصحفيين ورئاستي الديسك المركزي بعدد من الصحف، وكنت أتعاون مع زملائي الصحفيين لتصحيح بعض الأخطاء التي يقعون فيها في أثناء الكتابة، وقررت تأسيس مبادرة يستفيد منها عدد أكبر بخلاف الصحفيين لإحياء اللغة العربية. والفكرة هنا أنني اهتممت بطريقة تعليم اللغة، وأسست صفحة على "فيسبوك" ووجدت إقبالا كبيرا على المبادرة من شخصيات عديدة غير الصحفيين. واكتشفت أنه ليس الصحفيون فقط من لديهم مشكلة مع اللغة العربية، بل كثيرون من المصريين والعرب أيضا، وظهر ذلك من ردود الأفعال التي جاءت على الصفحة ونشاطها. وبدأت الناس تتفاعل مع المبادرة من خلال تصوير الأخطاء الإملائية بالشوارع واللافتات الحكومية، كما استجاب بعض المواقع الإلكترونية الصحفية في تصحيح الأخطاء التي كنا نرصدها. وأعتقد أننا أحدثنا حركة واهتماما كبيرين باللغة مرة أخرى وأطلقنا موقعا إلكترونيا باسم "اكتب صح"، فضلا عن قناة على "اليوتيوب" بنفس الاسم، وعقدنا عددا من الورش لتعليم اللغة العربية وإحيائها، ودرسنا في عدد من الجامعات مجانا، ونقوم بكل ذلك بمجهود شخصي لأننا لا نتلقى دعما من أى جهة، ورغم ذلك لدينا 90 ألف متابع على "فيسبوك"، كما دربنا نحو 500 متدرب.
- لماذا سميتها "اكتب صح"؟
سميتها بالعامية لجذب عدد أكبر من الجمهور، ومصطلح مألوف لدى الناس، وهو أسلوب استخدمه كتاب كبار مثل يوسف إدريس في رواياته.
- هل يوجد منهج تعليمي تتبعه في المبادرة؟
لقد صممت برنامجا ومنهجا تعليميا لرصد أشهر الأخطاء الإملائية والنحوية والأسلوبية وكيفية التعامل معها وتلافيها، ويمكن المتدرب ذلك من القدرة على كتابة جملة باللغة العربية بشكل صحيح. ويحتاج المتدرب إلى شهر للتدريب على ذلك، من خلال ورشة تعليمية تستمر 24 ساعة. وأنا أستخدم منهجا وأسلوبا يسمى التعرض لإتقان اللغة من خلال إحاطته باللغة طوال فترة التدريب، ويكون هناك تواصل مستمر بعد انتهاء الورشة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.
أفضل طريقة لتعلم اللغة هى ربطها بحياتنا واستخداماتنا اليومية لها، وأنصح المتدربين بمشاهدة أفلام الكارتون المدبلجة باللغة العربية، ولكي ننمي اللغة لا بد من أربع مهارات هى: الاستماع والقراءة والكتابة والحديث، وهو ما يسهل تعلم اللغة.
- ما أشهر الأخطاء اللغوية التي يقع فيها المصريون؟
أشهر هذه الأخطاء هو عدم التمييز بين الهاء والتاء المربوطة، خاصة في لافتات الشوارع، فضلا عن الأخطاء في الهمزة وعدم التفريق بين الألف المقصورة والياء، مما ينتج عنه كلمات مشوهة، والمصريون فقط هم من يقعون في هذا الخطأ على مستوى الوطن العربي كله.
- كيف ترى الأخطاء في لافتات الوزارات والجهات الحكومية؟
سبق أن رصدت من خلال تحقيق صحفي قمت به الأخطاء اللغوية بالمدارس الحكومية والوزارات والبنوك والمستشفيات والمترو، وهذه الأخطاء هى وسيلة لنشر الأخطاء اللغوية، والعكس لو تم ضبط هذه الأخطاء فستكون وسيلة مجانية لنشر الصواب اللغوي، ولا يوجد في مصر مكان يخلو من الأخطاء اللغوية. وقد سبق أن تقدمت بمبادرة لتصويب الأخطاء اللغوية بالمترو الذي يرتاده 3 ملايين مصري، وقمت بدراسة لهذا المشروع، لكنني فشلت للوصول إلى أى مسئول يتبنى هذه الفكرة. ومن أشهر أخطاء المترو كلمة "اتجاه"، مثلا، تكتب بهمزة وهى بدون همزة.
- ما رأيك في أخطاء الكتب المدرسية؟
الكتب المدرسية مليئة بالأخطاء خاصة في الهمزات.
- ما أسباب ضعف اللغة العربية؟
أهم أسباب ضعف اللغة العربية هو عدم الاهتمام الرسمي والحكومي بها على مستوى الدولة، فلا يوجد مصحح لغوى داخل المؤسسات الحكومية لضبط وتصحيح ما يخرج عنها من منشورات رسمية أو لافتات. وأقترح بالنسبة لمجلس الشعب على أى عضو قبل أن يدخل تحت قبة المجلس ويقدم استجوابا أو طلب إحاطة أن يتلقى كورس لغة عربية في أساسيات اللغة، فأعضاء مجلس النواب كانوا يخطئون في إلقاء القسم نفسه، كما أنه لم يعد هناك جدوى اقتصادية من تعلم اللغة العربية، لكن لو تم وضع مدقق لغوي في كل مؤسسة حكومية سيصوب الأخطاء وسيكون هناك إقبال على دراسة اللغة العربية، وسيتم إحياؤها.
- من المسئول إذن عن تدهور اللغة العربية بهذا الشكل؟
المسئولية مشتركة بين الحكومة والمواطنين أنفسهم، حيث يقبل الآباء على تعليم أبنائهم اللغات الأجنبية بالمدارس الدولية التي تضع اللغة العربية في مناهجها "سد خانة"، لأن وزارة التربية والتعليم تجبرهم على ذلك، رغم أن تعلم اللغات الأجنبية لا يتعارض مع تعليمهم اللغة العربية، كما أن الحكومة لا تهتم بإحياء اللغة، كما لا يوجد برامج تليفزيونية ونشرات الأخبار بها أخطاء مرعبة من جانب المذيعين، كما أن هناك مسئولين حكوميين ووزراء يخطئون باللغة العربية، وأسهمت الحكومة نفسها في تجريف اللغة، لأنها غير مؤمنة بقيمتها وأطالب الرئيس عبد الفتاح السيسي بالدعوة إلى إحياء اللغة العربية، لأن ذلك سيجعل الحكومة تهتم بها وتدعمها.
- هل أسهمت الأغاني الشعبية والسينما في تدهور اللغة العربية؟
لا يوجد صراع بين اللغة الفصحى واللغة العربية، بالعكس يمكن الكتابة باللغة البيضاء وهى اللغة العربية البسيطة غير المعقدة، مثلما استخدمها صلاح جاهين وبيرم التونسي، وهى عامية ترتدي ثوب الفصحى.
- هل هناك أصل للغة العامية في اللغة الفصحى؟
طبعا.. واللغة العربية ليست لغة المصريين في الأساس، لغتنا هى العامية، وهى خليط من كل الشعوب التي احتلت مصر منها ما هو تركي وفرنسي وفرعوني وقبطي وفارسي، واللغات كلها تأخذ وتعطي بعضها البعض.
- هل يجد المتدربون صعوبة في القواعد النحوية؟
المهم هنا هو انتقاء الدروس الضروري استخدامها، وأنا أختار نحو 12 قاعدة نحوية لتعليمها للمتدربين، لأن هناك قواعد لم نعد نستخدمها حاليا وأنا أستخدم بعض الألعاب التعليمية التي تسهم في تقبل التعلم وربطها بحياة الناس بعيدا عن الأمثلة العتيقة.
تبدأ من المرحلة الابتدائية وحتى مراحل عمرية متقدمة، ونخطط لإعداد ورش تعليمية مخصصة للأطفال.
- ما التحديات التي تواجه اللغة العربية؟
أهم التحديات التي تواجه اللغة العربية هي قلة الإقبال عليها، فلا يعرف من يدرسها ماذا سيفعل بها بسبب تفريغها من جدواها الاقتصادية وقلة مصادر التعلم التي تناسب الشباب وعدم تأهيل المدرس بالشكل الكافي وهو حامل اللغة، وذلك لانشغاله بلقمة العيش ومرتبه غير الكافي والدروس الخصوصية، فنحن لدينا مدرسون غير مؤهلين لتدريس اللغة العربية وليس لديهم وقت لتطوير أنفسهم.
- هل أثرت العولمة على اللغة العربية؟
نحن لم نستغل التكنولوجيا في تسويق اللغة العربية، والمحتوى العربي على الإنترنت قليل للغاية ومليء بالأخطاء مقارنة باللغات الأخرى، ولذلك فاللغة العربية مهددة بالانقراض وهى في خطر.