المدينة التي عرفت الحوادث الإرهابية في 2000 على يد تنظيم القاعدة.. يبلغ عدد المسجلين على قوائم الخطر لدى أجهزة الأمن بالمدينة 2500 ومنفذ الحادث الأخير كان مرصودا أمنيا
لم تكن الحادثة التي وقعت في مدينة ستراسبورج، شرقي فرنسا، الأسبوع الماضي، وخلفت 7 قتلى و13 جريحا، هي الواقعة الأولى لحوادث التطرف الديني داخل المدينة التي ذاع صيتها كواحدة من أجمل وأشهر مدن أوروبا يرتادها ملايين الأشخاص سنويا، ويحاول التقرير التعرف على الوجه الآخر للمدينة، والذي تشكل من واقع ارتفاع أعداد معتنقي أفكار الإسلامين المتطرفين، وآخرهم منفذ الحادثة الأخيرة، الذي هتف "الله أكبر" عندما فتح النار على ضحاياه في أحد أهم أسواق عيد الميلاد ليس في المدينة فحسب بل وفي أوروبا كلها.
الوجه الآخر للمدينة الأوروبية المهمة
اكتسبت مدينة ستراسبورج الفرنسية أهمية استثنائية في أوروبا؛ فهي تضم أحد أهم أسواق عيد الميلاد الأوروبية التي يرتادها ملايين الأشخاص سنويا، إلى جانب أهميتها السياسية في ضمها العديد من المؤسسات الأوروبية كالمبنى الرئيسي للبرلمان الأوروبي، والمجلس الأوروبي، والمحكمة
الوجه الآخر للمدينة الأوروبية المهمة
اكتسبت مدينة ستراسبورج الفرنسية أهمية استثنائية في أوروبا؛ فهي تضم أحد أهم أسواق عيد الميلاد الأوروبية التي يرتادها ملايين الأشخاص سنويا، إلى جانب أهميتها السياسية في ضمها العديد من المؤسسات الأوروبية كالمبنى الرئيسي للبرلمان الأوروبي، والمجلس الأوروبي، والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.
كما حملت المدينة وجها آخر، على خلاف الصورة التي ذاع صيتها عنها كمدينة سياحية عالمية، وهو تحولها لبلد حاضنة للمتطرفين الإسلاميين، وتصدرها قائمة المدن الفرنسية التي وقعت فيها حوادث عنف لأسباب دينية على مدار العامين الماضيين.
وحسب عمدة المدينة رولان ريس فإن 10% من المسجلين في قوائم الخطر لدى أجهزة الأمن يقيمون في ستراسبورج، ويبلغ عددهم 2500 شخص، بينما تشير التقديرات كذلك إلى ارتفاع أعداد الشباب المقيمين فيها، ممن اعتنقوا أفكار الإسلاميين المتطرفين.
ووقعت أولى حوادث التطرف في عام 2000، حين سعى تنظيم القاعدة لتفجير كنيسة في المدينة، عبر 4 متهمين، تدربوا في معسكرات يمولها تنظيم القاعدة المتهم بالوقوف وراء الهجمات التي تعرضت لها الولايات المتحدة يوم 11 سبتمبر 2001، بعد هذه الحادثة، ارتفع أعداد الشباب المنتسبين للتيارات السلفية، والمعتنقين لأفكار الإسلاميين المتطرفين، الذين انتقلوا خارج المدينة لتنفيذ العشرات من العمليات الإرهابية، فضلا عن انتقال أعداد كبيرة منها للانضواء تحت راية داعش في سوريا والعراق.
كما تورط رجلان من سكان المدينة في واقعة عنف جديدة عام 2012، حين ألقيا قنبلة يدوية على متجر كبير لبيع المأكولات اليهودية ما أسفر عن إصابة شخص ووقوع أضرار مادية طفيفة.
المهاجرون.. المتهم الرئيسي
ارتبط ارتفاع حالات العنف داخل المدينة واعتناق أعداد كبيرة للأفكار المتطرفة بوجود أعداد كبييرة من المهاجرين داخل ستراسبورج في أحياء كاملة، ففي الحادثة الأخيرة، المتورط الرئيسي فيها مواطن جزائري، تطرف إسلاميا في السجن ورصد سلوكه المتشدد، في 2015، وبحسب تصريحات سعيد سالمي أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيزانسون بفرنسا، لموقع DW عربية: "إنهم لم يأتوا من البلدان العربية والمغاربية، لكنهم أبناء فرنسا ويعانون من العزل الاجتماعي والبطالة داخل فرنسا، وهو ما ولد بداخلهم نوع من الغضب المتراكم والذي خرج في شكل أعمال عنف وإجرام"، موضحا: "ما يحدث اليوم هو أن هذا الغضب يجد في الراديكالية الإسلامية طريقا للانتقام من هذا المجتمع الذي يحمله المسئولية فيما وصل إليه".
ويُعتقد على نطاق واسع، أن تنعكس هذه الأحدث على مآلات المهاجرين العرب، داخل المدن الفرنسية عموما، وخاصة ستراسبورج، إلى جانب تكريس نظرة الخوف والقلق من السكان الأصليين تجاه المهاجرين وأبنائهم.
وتتضمن هذه الانعكاسات وضع المزيد من الإجراءات القانونية المتشددة للحيلولة دون قدوم مزيد من المهاجرين واللاجئين القادمين من البلدان العربية، إذ يصل عدد المسلمين في ستراسبورج وضواحيها إلى ما بين 40 و60 ألف شخص أي ما بين 8 و12% من سكان المنطقة.
ولاتزال المدينة الفرنسية ومسئولوها يراهنون على وعي سكانها في مكافحة كافة أشكال التطرف الديني، وهو الأمر الذي تجلى في الكلمة التي ألقاها رئيس بلدية ستراسبورج رولان رياس، خلال المراسم الجنائزية لضحايا الحادث، قائلا: "هذا التجمع يظهر تنوع معتقداتنا التي لا تشكل عائقا، بل أحد مقومات القضاء على العنف والتطرف ومعاداة السامية وجميع أشكال الإقصاء والعنصرية" مختتما: "هذه هي المعركة التي يجب الاستمرار فيها".