القبض على سعد زغلول ورفاقه كان الشرارة التي أشعلت نيران الثورة.. تشكلت لجان شعبية من الثوار لحماية الممتلكات والانفس.. الثورة شهدت إطلاق نيران على المتظاهرين من مجهولين
فجر سعد زغلول شرارة ثورة 1919 التي قام بها الشعب المصري الذي عانى من قسوة الاحتلال الأجنبي وتغلغله في شئون البلاد وإلغائه دستورها ومحاولته فصل السودان عنها فضلا عن الأحكام العرفية وإصرار بريطانيا على فرض الحماية على مصر والرقابة على الصحف وارتفاع الأسعار ما أشعر المصريين بأنهم في سجن كبير.
كانت مقدمات الثورة عندما فكر الزعيم سعد زغلول في تشكيل وفد مصري للدفاع عن قضية مصر عام 1918 إذ دعا أصحابه للتحدث فيما ينبغي عمله للبحث في المسألة المصرية بعد الهدنة في الحرب العالمية الأولى عام 1918.
وجاء تأليف الوفد المصري في نوفمبر 1918 برئاسة سعد زغلول معجلا ببداية الثورة إذ كان موقف سعد وصحبه من الإنذار الذي وجهه إليهم الجنرال وطسن قائد القوات البريطانية في 6 مارس 1919 بمثابة دعوة للمقاومة العامة فقد أنذرهم بأن لا يجعلوا الحماية البريطانية على مصر موضع مناقشة، وأن لا يعرقلوا تأليف وزارة جديدة
وجاء تأليف الوفد المصري في نوفمبر 1918 برئاسة سعد زغلول معجلا ببداية الثورة إذ كان موقف سعد وصحبه من الإنذار الذي وجهه إليهم الجنرال وطسن قائد القوات البريطانية في 6 مارس 1919 بمثابة دعوة للمقاومة العامة فقد أنذرهم بأن لا يجعلوا الحماية البريطانية على مصر موضع مناقشة، وأن لا يعرقلوا تأليف وزارة جديدة تخلف وزارة رشدي باشا المستقبلية وتوعدهم بأشد العقوبات العسكرية فلم يتراجعوا واستمروا في المقاومة، وأعقب ذلك اعتقال سعد وزملائه الثلاثة وهم محمد محمود باشا واسماعيل صدقي باشا وحمد الباسل باشا وتم نفيهم إلى جزيرة مالطة في 8 مارس فكان بمثابة الشرارة التي أشعلت نيران الثورة.

إقرأ أيضا في ذكرى ثورة 1919.. أوجه الشبه والاختلاف مع «25 يناير»
اليوم الأول للثورة
في 9 مارس 1919 نقل سعد وأصحابه الثلاثة إلى بورسعيد بقطار الساعة الحادية عشرة صباحا ومن هناك أقلتهم الباخرة إلى جزيرة مالطة التي اختارتها السلطة العسكرية منفى لهم ومعتقلا وفي نفس اليوم بدأت الثورة بمظاهرات سلمية دعا لها الطلبة إذ أضربوا عن تلقي الدروس وخرجوا من مدارسهم وساروا في بادئ الأمر في نظام وسكينة تتقدمهم أعلامهم وهم يهتفون بحياة مصر والوفد المصري وسعد وسقوط الحماية الإنجليزية عن مصر وكان طلبة مدرسة الحقوق أول المضربين فقد امتنعوا عن تلقي الدروس منذ صبيحة هذا اليوم وقالوا لا ندرس القانون في بلد يداس فيه القانون وتوجهوا إلى مدرسة المهندسخانة "كلية الهندسة حاليا" ثم إلى مدرسة الزراعة وخرج معهم طلاب المدرستين وساروا يهتفون وذهبوا إلى مدرسة الطب بشارع قصر العيني ثم إلى مدرسة التجارة العليا بشارع المبتديان وسار الطلبة متظاهرين وقصدوا ميدان السيدة زينب وأدركهم بعض الجنود الإنجليز وأخذوهم الى قسم السيدة زينب ثم وصلت قوة "بلوك الخفر" مشاة وفرسانا آتية من المحافظة بقيادة الضابط آرثر وكيل الحكمدار لفض المظاهرة وهدد باعتقالهم في المحافظة ولكن دون جدوى فاقتادهم رجال البوليس من قسم السيدة الى المحافظة بباب الخلق مارين بشارع الخليج وفي طريقهم انضم إليهم طلبة مدرسة التجارة المتوسطة ودار العلوم ومدرسة القضاء الشرعي والإلهامية الثانوية واختلط الجمهور بالطلبة وساروا معهم متظاهرين إلى باب الخلق الذي امتلأ بالمتظاهرين فأعد الحكمدار رسل بك قوة من "بلوك الخفر" مسلحين بالعصى طاردت المجتمعين وأخلت منهم الميدان بعد جه استمر عدة ساعات وكان عدد الطلبة المحتجزين في أول يوم للثورة هو 300 طالب.
اليوم الثاني للثورة 10 مارس
في يوم 10 مارس 1919 وهو اليوم الثاني للثورة حدث الإضراب العام بالمدارس من غير تحريض فكان جماعيا وطبيعيا لا مصطنعا ولا حزبيا لكن تخلل تلك المظاهرة الكبرى بعض الحوادث منها تعدي بعض المتظاهرين على عربات الترام فاتلفوا كثيرا منها وتعطل سيرها واعتدوا على واجهات بعض المحال المملوكة للأجانب كما حطموا مصابيح بعض الشوارع واستاء الطلبة من وقوع هذه الحوادث فبادروا في اليوم التالي إلى إذاعة منشور في الصحف العربية والأوروبية يعبرون عن أسفهم لما وقع من الاعتداء ويدعون إلى الإقلاع عنه.
اليوم الثالث
في اليوم الثالث تعطل سير الترام وأضرب سائقو السيارات الأجرة وتعطلت المواصلات في جميع أنحاء العاصمة وأقفل معظم التجار متاجرهم وأغلقت البنوك وتجددت المظاهرات تطوف المدينة، حتى صارت شبه مظاهرة عامة على الرغم من أن البلاد كانت تحت الأحكام العرفية وفي ذات اليوم أضرب المحامون واجتمعوا بقاعة المحامين بمحكمة استئناف مصر.
اليوم الرابع
في 12 مارس استمرت المواصلات معطلة وتجددت المظاهرات فأطلق الجنود البريطانيون على المتظاهرين الرصاص من البنادق والمدافع الرشاشة وكان أكثر القتلى بين طلبة الأزهر.
اليوم الخامس
استؤنفت المظاهرات ووقع أكثرها في الحلمية والغورية والظاهر وشبرا، وأهمها مظاهرة أمام مسجد الإمام الحسين وساروا إلى المحكمة الشرعية التي أمرت قضاتها وموظفيها بالانصراف.

اليوم السادس
في يوم الجمعة 14 مارس 1991 تجددت الاعتداءات من الجنود البريطانيين على المتظاهرين وكان أكثرها فظاعة ما وقع جهة الحسين، ذلك أنه بينما كان الناس خارجين من صلاة الجمعة بمسجد الحسين جاءت سيارتان مدرعتان إنجليزيتان واخذ من فيهما من الجنود يطلقون الرصاص على المصلين وهم خارجين من المسجد. وفي ذلك اليوم أيضا وقعت مظاهرتان أخريان في شارع عباس "الملكة نازلي" والسيدة زينب فرقهما الجنود البريطانيون بالمدافع الرشاشة وبلغ عدد القتلى في مظاهرة السيدة زينب 13 قتيلا وعدد الجرحى 27.
اليوم السابع
بعد المجزرة التي وقعت في يوم 14 مارس ضاعفت السلطة العسكرية قواتها في حي الحسين وبعض الأحياء الاخرى ورابطت سرايا من الجنود البريطانيين في مداخل الأحياء القريبة من الأزهر كالغورية والكحكية وشارع الجواهرجية المؤدي إلى الصاغة وشارع الشنواني وشارع السكة الجديدة والموسكي.
وأضرب في هذا اليوم 15 مارس عمال عنابر السكك الحديدية وعددهم 4 آلاف عامل وبعد انقطاع المواصلات الحديدية أخذ الناس يستخدمون السفن الشراعية في النيل والترع واستمرت المظاهرات، وكانت مظاهرة بولاق دموية عندما اعترضتها القوات البريطانية بالقرب من كوبري أبو العلا وأطلقت عليهم النار فسقط منهم كثير من القتلى والجرحى.
اليوم الثامن
شهد يوم 16 مارس سقوط أول شهيدة وهى السيدة حميدة خليل أول شهيدة لثورة 1919، ولذلك عرف ذلك اليوم بيوم المرأة المصرية وكان استشهادها محركا للسيدات، حيث خرج في هذا اليوم أول مظاهرة نسائية مكونة من 300 سيدة تقودهن السيدة هدى شعراوي وطفن بالسفارات الأجنبية ببيان احتجاج على بقاء الاحتلال البريطاني في مصر، وعند ذهابهن إلى بيت الأمة قابلهن جنود الإنجليز وحاولوا منعهن.

اليوم التاسع
شهد يوم 17 مارس أكبر مظاهرات الثورة، حيث أبلغت الحكمدارية بها وتولى رسل بك حكمدار العاصمة مواجهة المظاهرات وكانت تضم المظاهرة نحو 50 ألف متظاهر وانتهت عند شارع عباس، واستمرت ثماني ساعات ولم يحدث أي اعتداء عليها غير أنه أطلقت النيران على المتظاهرين من نوافذ بعض البيوت من مصدر غير معروف وأصيب بعض المتظاهرين وسقط بعضهم قتلى.
اليوم العاشر
كان هذا اليوم من أشد أيام حوادث العنف في الوجه القبلي بل في الثورة كلها، حيث هاجم الثوار القطار القادم من الأقصر إلى القاهرة ووقع الهجوم في ديروط، ثم دير مواس وكان فيه بعض الضباط البريطانيين قتلهم الثوار وبلغ عدد القتلى ثمانية.
كيف تكونت اللجان الشعبية خلال أيام الثورة؟
شكل المتظاهرون في أيام الثورة جماعة منهم يتولون حفظ النظام أثناء سير المظاهرات والاجتماعات، وجعل لأفرادها شارات خاصة تميزهم عن سواهم وهى شريط من القماش الأحمر يحيط بالذراع اليسرى وكتب عليها بالقماش الابيض "بوليس وطني" وكانوا يحملون العصى ليفضوا عن المتظاهرين من يندس وسطهم، ومنهم من كان يحمل القرب وقلل الماء ليسقي من يظمأ من المتظاهرين، وبعضهم يسقيهم الماء المحلى بالسكر وكان الجمهور يستجيب لنداءات الشرطة الوطنية، وكان لهذه اللجان الشعبية دور كبير في تنظيم المظاهرات وحفظ الممتلكات والأنفس وقد أسندت رئاستها إلى الشيخ القاياتي وكان يصدر تعليماته إلى أفرادها من منزله بالسكرية.