تضمن الأوسكار بعض المفاجآت الصادمة وخرجت بعض الأفلام بدون أى جائزة، لكن يظل الفائز الأكبر هو الجمهور الذى تسنى له الاستمتاع بأفضل ما ابتكرته الصناعة السينمائية
وأخيرًا، انحسمت المنافسة الشرسة فى حفل جوائز أوسكار 2019، وفاز الأفضل فى دورته الـ91 والتى أقيمت على مسرح كوداك فى مدينة لوس أنجلوس، ورغم أن الحفل شهد بعض الجوائز المتوقعة مثل فوز فيلم Roma بأكثر من جائزة من أصل 10 ترشيحات له، وحصول رامى مالك ذى الأصول المصرية على جائزة أفضل ممثل، بعد تبادل الممثل البريطانى كريستيان بيل من فيلم Vice والمصرى- الأمريكى رامى مالك من فيلم Bohemian Rhapsody الفوز فى المحافل السينمائية المختلفة بالجائزة، ففاز الأخير بجولدن جلوب، وفاز الأول بـ"بافتا"، وبات من الصعب التخمين لمن ستذهب قبل أن يحسم الجدل فى الحفل الرسمى.
وهذه نظرة سريعة على 7 أفلام استطاعت أن تصل للنهاية وتفوز بالأوسكار وعرض بعضها فى مصر.
والملاحظ فى أفلام هذا العام هوالاحتفاء بالنساء وقوتهن، وقدرتهن على إدارة الأمور بشكل يفوق الرجال فى بعض الأحيان، وربما كان وجود مثل هذه الأفلام فى ترشيحات الأوسكار محض صدفة ليس إلا، إلا أنه يتناسب -بكل تأكيد- مع حملات
وهذه نظرة سريعة على 7 أفلام استطاعت أن تصل للنهاية وتفوز بالأوسكار وعرض بعضها فى مصر.
والملاحظ فى أفلام هذا العام هوالاحتفاء بالنساء وقوتهن، وقدرتهن على إدارة الأمور بشكل يفوق الرجال فى بعض الأحيان، وربما كان وجود مثل هذه الأفلام فى ترشيحات الأوسكار محض صدفة ليس إلا، إلا أنه يتناسب -بكل تأكيد- مع حملات "مى تو" و"تايمز أب" التى بدأت عام 2017 لتشجيع النساء لمواجهة أى اعتداء جسدى ضدهن.
Green Book
الفائز بأفضل فيلم لعام 2019، من إخراج بيتر فاريلى فى أول تجربة درامية له بعد تقديمه الكثير من الأفلام الكوميدية، وبطولة فيجو مورتينسين، ماهرشالا على، الذى حصل على جائزة أفضل ممثل مساعد عن دوره بالفيلم، ودون شيرلى، وتدور أحداثه عام 1960، عن عازف وموسيقار أسمر البشرة لا بد أن يقيم حفلة فى جنوب الولايات المتحدة الأمريكية، فيوكل إلى سائق إيطالى عنصرى مهمة القيادة به وصولًا إلى مكان الحفل، وكى يصلا بأمان إلى مكان الحفل يلجأ السائق إلى كتاب أخضر يوضح المناطق الآمنة من العنصرية واضطهاد ذوى البشرة السمراء.

سبق أن فاز فيلم Green book فى جولدن جلوب بأفضل سيناريو وأفضل ممثل مساعد لماهرشالا على، ورغم ذلك كان من الصعب توقع فوزه فى حفل الأوسكار، نظرًا لوجود عيوب عديدة فى بناء القصة، إلا أن لجنة الأوسكار فضلت أن تركز على الجانب الدرامى وتتجاهل تكنيك سرد الأحداث، ساعدها فى ذلك أداء "ماهرشالا على" الفريد لشخصية العازف المثلى الأنيق، صاحب الحضور الجذاب الذى أسر قلوب المشاهدين، وزملائه فى العمل بمن فيهم السائق العنصرى ذاته، الذى تحول إلى واحد من كبر أصدقائه بنهاية الفيلم.
Bohemian Rhapsody
استطاع رامى مالك بدوره فى الفيلم أن يحصد عددا كبيرا من الجوائز وتوجها بأوسكار أحسن ممثل، وهو دور عضو فريق Queen فريدى ميركورى، مستعينًا بالمكياج ليبدو أشبه بالمغنى الأسطورى، صاحب الأغنية الشهيرة Bohemian Rhapsody التى سمى الفيلم تيمنًا بها، ونجح "مالك" بهذا الفيلم أن يقدم أداء العمر، إذ اجتمع عليه كل من النقاد والجمهور، ورأوا فيه شبهًا بـ"ميركورى" الذى عاش حياة مليئة بالصعاب قبل أن يصبح نجما فريدا، تمامًا مثل مالك الذى تحول من بائع "طعمية" إلى ممثل شهير، ورغم صدق وإتقان "مالك" للشخصية، فإن صناع الفيلم واجهوا انتقادات كبيرة من أعضاء الفريق ذاته بسبب عدم دقة كثير من أحداثه.

The Favourite
بطولة أوليفيا كولمان التى حصلت على أوسكار أحسن ممثلة عن دورها بالفيلم، ورايتشل ويز، وإيما ستون، ومن إخراج يورجوس لانثيموس، ويتناول قصة الملكة "آن" صاحبة الشخصية الضعيفة التى تنساق وراء صديقتها ليدى "سارة" وتملكها مقاليد الحكم والقرار، إلى أن تأتى الخادمة "أبيجيل" لتتحايل على الوضع بأكمله.فيلم The Favourite هو فيلم نسائى فى عالم يبدو فيه الرجال أشبه بـ"بهلوانات" يرتدون "باروكة" طوال الوقت، ووجوههم ملطخة بـ"مكياج" مبالغ فيه، كأن المخرج يقصد التحقير من دورهم وتسليم مقاليد الحكم بالكامل لـ نساء، يلعبن لعبة مصغرة هدفها الكلى الاستحواذ على الحكم، فبينما الملكة "آن" تمتلك القوى والعرش فى الظاهر، إلا أن ليدى "سارة" وغريمتها "أبيجيل" هما من تحركانها تمامًا من وراء الستار، كما يتحكم المؤدى بعرائس "الماريونيت".
السبب الأول والأخير وراء نجاح فيلم The Favourite فى ترك هذا التأثير الضخم على النقاد واكتساحه حفل جوائز بافتا (يعادل حفل الأوسكار فى أهميته ويقام فى بريطانيا) هو بناء الشخصيات المتماسك، إذ أحكم كتاب سيناريو الفيلم رسم شخصياته؛ فبات من السهل تفهم دوافع كل شخصية دون حوار بينهم؛ فالملكة "آن" تبحث عن الحب غير مصدقة أنها تستحقه، فتتولد لديها نوازع لتدمير الذات، أما ليدى "سارة" فكل ما تطمح له هو السيطرة على مقاليد القوة فى المملكة، قبل أن تصطدم مصلحتها الشخصية بـ"أبيجيل" محترفة الشطرنج التى تجيد تحريك رقعه؛ لخدمة مصلحتها الشخصية ورفع مكانتها الاجتماعية كى تنسى ماضيها المتواضع، الفيلم ليس أفضل أعمال المخرج يورجوس لانثيموس، فقد قدم من قبل أفلاما قوية مثل The Lobster الذى ترشح لأوسكار أفضل سيناريو ولم يفز بها، وفيلم The Killing of a Sacred Deer الذى ترشح لجائزة السعفة الذهبية فى مهرجان كان ولم يفز بها، لكن الفارق بين أفلامه السابقة وThe Favourite هو تخلى "لانثيموس" عن بصمة الغرابة والشذوذ التى تغلب على كل أفلامه؛ وهو ما لم يحدث فى فيلمه الأخير، بالعكس قدم "لانثيموس" صورة محافظة وتجاهل الجوانب الجنسية الغريبة لشخصياته من أجل عيون الأوسكار.
Roma
من الأفلام التى توقع لها كثيرون اكتساح جوائز الأوسكار وصدقت تخميناتهم، وحصل على جائزة أحسن مخرج وأحسن تصوير سينمائى وأحسن فيلم أجنبى، فالفيلم الذى أخرجه ألفونسو كوران جمع بين الصدق والبساطة، وبسلاسة غير عادية كسب قلوب النقاد والجماهير، خاصةً بقصته الإنسانية التى تدور حول خادمة مكسيكية تعيش مع أسرة انفصل فيها الأب عن الزوجة، وتولت الأخيرة رعاية أبنائها برفقة الخادمة التى تقودنا فى رحلة إنسانية -على مدى عدة سنوات- نشاهد فيها تاريخ المكسيك وانعكاسه على المجتمع.
وحاول "كوران" بفيلم Roma أن يجعل الجمهور جزءًا من المكسيك فى هذه الفترة؛ فاستعان بأثاث قديم من منزله، وركز فى الأبيض والأسود فى تصويره أحداث الفيلم بما يتناسب مع الفترة التى تناولتها الأحداث، وأخيرًا وليس آخرًا وضع إهداءً رقيقًا للخادمة التى ربته فى طفولته، محاولًا منحها بعض التقدير كونها السبب الرئيسى فى ظهور هذا الفيلم للنور، وفى نفس الوقت التأكيد على دور النساء فى تاريخ المكسيك وتأثيرهن الكبير فى تاريخها.
Vice
كان من الأفلام المثيرة للجدل فى الأوسكار، متلقيًا 8 ترشيحات دفعة واحدة من بينها أفضل فيلم وأفضل ممثل، لكن الفيلم لم يحصل سوى على جائزتين أحسن مكياج وشعر، إذ قدم كريستيان بيل شخصية السياسى ونائب الرئيس الأمريكى جورج دبليو بوش، الشيطان ديك تشينى، صاحب الألاعيب السياسية والنظريات الشائكة التى تركت تأثيرا بارزا على السياسات الأمريكية حتى الآن، وبفضل أداء "بيل" الفريد كان من السهل على الفيلم حصد كل هذه الترشيحات، لكن من الوضح أنه لم يستطع الحصول إلا على جائزة واحدة رغم إشادة الكثيرين بأداء بيل.
The Wife
خرج الفيلم بدون أى جوائز، ورغم توقع البعض نتائج جوائز الأوسكار، فإن جائزة أفضل ممثلة ظلت محل نزاع حتى اللحظات الأخيرة لإعلان الفائزة، إذ لم تكن جلين كلوز، بطلة فيلم The Wife لتسلم بهذه السهولة لبطلات الفيلمين السابقين، فبعد ترشحها 6 مرات لنيل الأوسكار، كان أوانها قد آن للفوز بالجائزة فى الترشيح السابق، خاصةً مع أدائها المتميز لـ"جوان كاستلمان" زوجة الروائى الشهير جو كاستلمان، التى ضحت بطموحها وأحلامها وعاشت فى الظل، من أجل ترك الأضواء لزوجها الذى تجاهل رباط الزواج المقدس، مشوهًا إياه بالخيانة والأنانية، إلى أن جاءت لحظة الثورة لينقلب السحر على الساحر، وأداء كلوز الرائع للدور كان السبب فى الترشيح بينما أكد الكثير من النقاد أنها ستصل للأوسكار هذه المرة ورغم قوة أدائها بالمقارنة مع الممثلات المرشحات أمامها فإن أعضاء الأكاديمية كان لهم رأى آخر.
