ردة فعل سائق الجرار المحترق خلال اللقاء الصحفي أثارت الجدل على مواقع التواصل: أستاذة علم اجتماع: إهمال ولا مبالاة ولا بد من تأهيل المواطنين وتعليمهم قيم العمل
أثار لقاء الإعلامي وائل الإبراشي مع سائق الجرار الذي اصطدم بمصدات رصيف 6 بمحطة القطارات الرئيسية بالقاهرة، العديد من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي والمواطنين الذين تابعوا اللقاء، وكان حديث أغلبهم في المواصلات العامة ومواقع التواصل الاجتماعي، حول الحالة التي كان يتحدث بها، فأحيانا كانت تعلو ابتسامة وجهه وطوال الوقت يتكلم بحالة من اللا مبالاة، ولا يشعر بحجم الكارثة التي وقعت وحصدت أرواح 22 موطنا مصريا، وخلفت 43 مصابا بسبب الانفجار والحريق الذي نشب عن الاصطدام، وما دفع للتساؤل حول الصحة النفسية لهذا السائق.
على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، كتب أحد المتخصصين تعليق خلال حوار دار عن حالة السائق خلال الحوار وقال: «أعتقد طبيعي وتفسيره الطبي أو العلمي موجود في علم النفس. ده defensive mechanism أو دفاع من دفاعيات اللا وعي». وأضاف: «تحديدا تحت اسم "isolation of affect".. وترجمته
على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، كتب أحد المتخصصين تعليق خلال حوار دار عن حالة السائق خلال الحوار وقال: «أعتقد طبيعي وتفسيره الطبي أو العلمي موجود في علم النفس. ده defensive mechanism أو دفاع من دفاعيات اللا وعي». وأضاف: «تحديدا تحت اسم "isolation of affect".. وترجمته الحرفية "عزل المشاعر"، وبيكون عبارة عن تقبل الواقع والوقائع بلا إقحام للمشاعر خوفا من إقحامها، هو طبيعي لكن خايف يفكر بعمق في أبعاد الحادثة وأبعاد مستقبله».
لا يجب التعجل في إصدار الأحكام
أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة، الدكتور
سعيد عبد العظيم، أوضح لـ«التحرير»، أنه يجب عدم التعجل في إصدار الأحكام، وأضاف أن هناك «تفاصيل لم تظهر بعد، ولا بد من انتظار تحقيقات النيابة»، وتابع: «لا يمكن إبداء أي
انطباع، لأنها جريمة، والأمر صعب، ولا يجب
التعجل قبل أن تصدر النيابة والطب الشرعي تقريرهم». (اقرأ أيضا: جثث متفحمة.. ما حدث في محطة مصر لحظة بلحظة (تغطية))
السائق يخضع لتحليل المخدرات
طريقة السائق خلال الحوار، أثارت الكثير من الجدل، وما زاده هو الإجراء القانوني المتبع في مثل تلك الحوادث، حيث قررت النيابة العامة تحويل السائق لإجراء تحليل المخدرات. (اقرأ أيضا: إجراء تحليل مخدرات لسائق جرار «محطة مصر»)

اللا مبالاة سمة في المصريين
ولأن الأمر لا يمثل حالة فردية، بل ربما حالة عامة عند قطاع كبير من المواطنين المصريين، فضروري معرفة رأي علم الاجتماع في تصرف السائق والطريقة التي تحدث بها، وقالت لـ«التحرير» دكتورة
سامية قدري أستاذة علم الاجتماع بجامعة
عين شمس، حول حديث السائق إن «الشعب
المصري منذ فترة وفكرة اللا مبالاة أصبحت
سمة لديه، وهي إحدى السمات التاريخية للشخصية
المصرية، لكن زادت حدتها في السنوات الأخيرة».
وتوضح أنها لم تعرف بوقع الحادثة إلا الساعة الثانية ظهر أمس، بعدما كانت في طريقها لمحطة مصر لحجز تذكرة سفر، فوجدت سيارات الإطفاء لكن كانت «الحياة طبيعية وماشية كأن لم يحدث حادث كبير»، إضافة إلى حكايات المواطنين المتضاربة في المواصلات العامة.

أستاذة علم الاجتماع تضيف أن من ضمن حالة اللا مبالاة «صورة أحد الشباب وهو يلتقط سلفيي وفي خلفية الصورة الجرار المحترق»، وتؤكد أن اللا مبالاة كانت سمة في الشخصية المصرية لظروف
تاريخية، لكن «اليوم قدر المشاعر والإحساس
تجاه الآخر أصبح ضعيفا، واختزلنا مفهوم
الآخر ليعبر فقط عن المختلف دينيا، رغم أن الآخر هو كل
شخص غيري».
«أرى
أن حالة الإهمال واللا مبالاة مسألة في منتهى الخطورة، ولا يمكن بناء
مجتمع بهذه المظاهر»، توضح قدري وتضيف أن «ترك آلة قوية تدور
ليتشاجر سائقها فيتسبب في كارثة، هو إهمال»، لافتة إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي تترك القضية الأساسية، وهي «اللا مبالاة واللا أخلاق والإهمال»، لتحول المسار من الموظف المهمل، إلى صراع
سياسي، ويكون الجدل حول السياسة وليس
الإهمال.
وتوضح أن من مظاهر الإهمال ما يحدث من المسؤولين
عن تأمين المترو، حيث يتعاملون بقدر كبير من الإهمال، ويتكرر في كل
المرافق الحيوية بمصر، وأشارت إلى أن الأزمة ليست في بنية تحتية فقط أو آلات متهالكة، بل في البشر، فهم يحتاجون لإعادة صياغة وتطوير آدائهم
المهني، لكن «البشر متروكين، وما
نراه هو أحد مظاهر ترك البشر بدون تأهيل،
حول قيم العمل واحترامها، ليس
في سائق القطار فقط بل في كل مكان بمصر، تغيب الجودة
والاهتمام». وقالت: «الأهم هو بناء البشر». (اقرأ أيضا: الرحلة الأخيرة لـ«مسعف رمسيس» على رصيف النار)