بعد مجانية الغاز..الجزائريون يرسلون فواتيرهم لماكرون
استخدم الجزائريون أسلوبا احتجاجيا جديدا بعد الحديث عن مجانية الغاز، من خلال امتناعهم عن تسديد فواتير الكهرباء والغاز، مما أشعل جدلًا حول التوجه نحو العصيان المدني.
تحرير:وفاء بسيوني
٢٥ مارس ٢٠١٩ - ٠٣:١٦ م
الرئيس الفرنسي
جاءت تصريحات رئيس الوزراء الجزائري الأسبق علي بن فليس حول حصول فرنسا على الغاز الجزائري دون مقابل، لتثير ضجة في الأوساط السياسية والاقتصادية وعلى المستوى الشعبي أيضا.
يأتي ذلك في وقت يشتعل فيه الشارع الجزائري منذ فبراير الماضي رفضا لبقاء الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في الحكم، مما أدى لرفع حالة الغضب الشعبي وخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي في غياب أي رد رسمي من البلدين حول مجانية الغاز إن صحت هذه المعلومة، وطالبوا مجلس الأمة بمساءلة رئيس الوزراء نور الدين بدوي حول حقيقة هذه المعلومة الخطيرة.
والجزائر مورد كبير للغاز لأوروبا، خاصة لإسبانيا والبرتغال وفرنسا وإيطاليا، وتنتج نحو 135 مليار متر مكعب من الغاز سنويا ومليون برميل من النفط يوميا.
وأفاد مراقبون أن رئيس الوزراء لن يرد على استفسار مجلس الأمة سواء بالإيجاب أو بالسلب حول هذه القضية، لأن اتفاقيات الغاز بين الجزائر وفرنسا التي تجددت مع
والجزائر مورد كبير للغاز لأوروبا، خاصة لإسبانيا والبرتغال وفرنسا وإيطاليا، وتنتج نحو 135 مليار متر مكعب من الغاز سنويا ومليون برميل من النفط يوميا.
وأفاد مراقبون أن رئيس الوزراء لن يرد على استفسار مجلس الأمة سواء بالإيجاب أو بالسلب حول هذه القضية، لأن اتفاقيات الغاز بين الجزائر وفرنسا التي تجددت مع بداية الألفية الجديدة عمرها قرابة ست عشرة سنة، ولم يكن حينها نور الدين بدوي رقما في السلطة، ولا يمتلك المعلومة، كما أن علي بن فليس دخل في تناقض صارخ من خلال كلامه عن الغاز المجاني لفرنسا عندما قال إن القضية كانت سببا في خروجه من الحكومة، وهو الذي قال أسبابا أخرى عندما ترشح في الانتخابات الرئاسية 2004، وربطها بالصراع الدائر في جبهة التحرير الوطني.
فرنسا تكشف عن الأيادي الخفية وراء الحراك الجزائري

رواد مواقع التواصل طال غضبهم الرئيس الراحل هواري بومدين، واعتبروا احتفاليات تأميم النفط في الرابع والعشرين من شهر فبراير مجرد مهزلة، رغم أن مهندسا مختصا ومسؤولا سابقا في سوناطراك حسين مالطي قال إن التحويلات المجانية وضبابية تسويق النفط، والفضائح بدأت بعد وفاة هواري بومدين وتسلّم الشاذلي بن جديد للرئاسة.
حسين مالطي أكد في كتابه "الجزائر ولعنة البترول" أن النفط الجزائري في يد الأمريكيين، وفرنسا مقتنعة بحصتها التي هي ربما مجانية أمام الغول الأمريكي، وبالرغم من أن كتاب حسين مالطي يعود إلى سنوات خمس سابقة، إلا أنه عاد في الأيام الأخيرة تزامنا مع تصريحات علي بن فليس وبقوة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تناول صفقات النفط الذي يذهب جزء منه إلى رجال مخفيين يتصرفون فيه كما شاءوا، حيث تحدث عن التاريخ السري للبترول الجزائري وكشف أمورا خطيرة في الكتاب وفي تصريحات للإعلام الفرنسي عن كون الطبقة السياسية تقوم باختيار مسؤولي النفط في الجزائر على المقاس، وصارت لهم ثروات وأملاك في كل مكان في العالم ، وفقا لـ "الشروق" الجزائرية.
بعد الغضب العارم لدى الشارع الجزائري، استخدم الجزائريون أسلوبا احتجاجيا جديدا بعد تصريحات بن فليس من خلال امتناعهم عن تسديد فواتير الكهرباء والغاز، في عدة محافظات، مما أشعل جدلًا حول ما إذا كان هناك توجه نحو العصيان المدني.
ووفقا لمقاطع فيديو متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي، رفض مواطنون في ولايات باتنة وسكيكدة وتبسة وخنشلة وتلمسان، تسديد فواتيرهم إلى شركة "سونلغاز" المملوكة للدولة، في أسلوب احتجاجي جديد، للتنديد "باستفادة فرنسا من ثروات الجزائريين مجانا".

انتخابات الجزائر.. إطاحة مفاجئة وانسحابات غير متوقعة
وضجت منصات التواصل الاجتماعي بدعوات مكثفة لتعميم مقاطعة تسديد جميع فواتير مستحقات الماء، والكهرباء، والغاز، والاتصالات، على باقي محافظات الجمهورية، تحت شعار "نعيش أسيادًا في بلادنا فوق قوانينهم، ومثل معيشة المتنفذين".
وتدافع المواطنون إلى مقرات الشركة حاملين فواتيرهم، وطلبوا من العاملين فيها إصلاح الأخطاء التي ارتكبوها، وإرسالها إلى عنوان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وعناوين المواطنين الفرنسيين الذين يستفيدون من الطاقة "مجانا"، بدلا من عناوينهم، حسب "العربية نت".
وأثارت هذه الخطوة انقساما بين الجزائريين، فهناك من رحب بها وقال إنها وسيلة ضغط جيدة للكشف عن تاريخ المعاملات وصفقات النفط بين الجزائر وفرنسا، ومن رأى أنها انحرافا عن مطالب الحراك الشعبي وانسياقا نحو الفوضى وإضرارا بالمصلحة العامة.
الناشط فيصل الحداد في تدوينة داعمة لهذه المبادرة "عندما تقوم فرنسا بدفع ديون غاز بلادنا وأولادنا، الذي أخذته مجانا أو بأسعار رمزية طوال السنوات الماضية بتواطؤ من المسؤولين الفاسدين بالدولة، سنسدد نحن فواتيرنا، العصيان أصبح ضروريا الآن، حتى يستمعوا إلينا ويكشفوا لنا الحقائق".

فيما اعتبر مدون آخر أن هذه الخطوة "غير محسوبة العواقب"، وستضر الجزائريين أكثر مما تنفعهم، قائلاً "يجب أن نفرق بين الحراك والتعصب، دفعكم للفواتير يعني دفع أجور عمال شركة الكهرباء، يعني صيانة المولدات التالفة، يعني عدم بقائكم في الظلام، وعدم دفعها يعني إفلاس الشركة وطرد موظفيها الذين هم معكم كل جمعة في الحراك.
وبالتزامن مع مجانية الغاز ، كشفت "فاينانشيال تايمز"، اليوم الإثنين، أن إيرادات صادرات النفط والغاز في الجزائر، أقل من احتياجاتها.
وأضافت الصحيفة الأمريكية، أن الاحتياطيات الأجنبية تتراجع بسرعة كبيرة، وغطاء الاستيراد المتبقي، يكفي عامين لا أكثر، مما يعني إمكانية حدوث أزمة اقتصادية بعد هذه الفترة.
بعد تخلي حلفائه عنه.. مستقبل غامض ينتظر بوتفليقة
وأفصح الدكتور الجزائري مصطفى عوكي كبير الباحثين في معهد أكسفورد لدراسات الطاقة، في تصريح لذات الصحيفة أن الجزائر، من أكبر موردي الغاز الطبيعي إلى أوروبا، تعتمد على صادرات الهيدروكربون.

وأكد أن تقلبات سعر النفط ليست التحدي الوحيد الذي يواجه النفط والغاز في الجزائر، بل يعرف قطاع الهيدروكربونات انخفاض الإنتاج من حقول النفط المتقادمة، بالإضافة لارتفاع الطلب المحلي على الغاز الطبيعي، ومناخ الاستثمار الصعب.