لم تكن خسارة حزب العدالة والتنمية السيطرة على المدن الكبرى في تركيا، سوى مؤشرات لرفض الشعب سياسات الرئيس رجب طيب أردوغان على المستوى السياسي والاقتصادي
واجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أمس الإثنين، هزيمة انتخابية ثقيلة في عدد من المدن الرئيسية في بلاده، وهو الأمر الذي كشف عن عوار ضخم في أساليب قيادته تركيا على مدى السنوات القليلة الماضية، بما يهدد مستقبله السياسي.
إسطنبول، وهي المدينة التي سيطر على سياساتها لربع قرن من الزمان، لم تعد الآن تنحاز إلى عمدتها السابق، وذلك بعد ما أظهرت نتائج التصويت انتصار المعارضة في السابق على عمدة المدينة المركزية الهامة، سواء على المستوى الاقتصادي أو السياسي.
وفي تعليقها على هزيمة حزب أردوغان في المدن الرئيسية، أكدت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية أن انتصارات المرشحين من حزب المعارضة الرئيسي في تركيا بالعديد من كبرى مدن البلاد، بما في ذلك أنقرة العاصمة، كانت بمثابة هزيمة رمزية كبيرة لأردوغان نفسه، مما أفسد الهالة التي حاول رسمها لنفسه على مدى أكثر من عشرين عامًا
وفي تعليقها على هزيمة حزب أردوغان في المدن الرئيسية، أكدت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية أن انتصارات المرشحين من حزب المعارضة الرئيسي في تركيا بالعديد من كبرى مدن البلاد، بما في ذلك أنقرة العاصمة، كانت بمثابة هزيمة رمزية كبيرة لأردوغان نفسه، مما أفسد الهالة التي حاول رسمها لنفسه على مدى أكثر من عشرين عامًا من العمل السياسي.
بعد خسارة أنقرة.. صفعة جديدة تنتظر أردوغان بإسطنبول
وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن الانتخابات المحلية التي جرت يوم الأحد في جميع أنحاء تركيا، كان يُنظر إليها على أنها استفتاء على سياسات أردوغان نفسها وليس الحزب.
خسارة إسطنبول كانت بمثابة ضربة قاسية للرئيس التركي، الذي جاء مولده السياسي بعد فوزه بمنصب عمدة المدينة من عام 1994 إلى عام 1998، وقد عملت المدينة منذ ذلك الحين كمصدر للثروة والهيبة لحزبه، وهو الأمر الذي استحق تركيزًا اقتصاديًا وثقافيًا كبيرًا من جانب أردوغان عن طريق إقامة المشروعات الضخمة والمساجد المتعددة.

وقال سولي أوزيل، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة قادر هاس في إسطنبول: "لم تكن تلك المملكة الواسعة تخص حزب العدالة والتنمية، بل لأردوغان"، مشيرًا إلى أن ذلك "من الناحية النفسية، يعد خسارة كبيرة".
وأرجعت الصحيفة تأثر الرئيس التركي بشكل خاص بالهزيمة في المدن الرئيسية، إلى أنه قام بحملة انتخابية واسعة في الأسابيع الأخيرة لصالح مرشحي حزبه، وصوّر نجاحهم على أنه مسألة بقاء وطني في جميع أنحاء البلاد، لكن المحللين توقعوا أنه سيواجه حسابًا من الناخبين في المقام الأول بسبب الركود الاقتصادي الذي تسبب في زيادة نسب البطالة.
هبوط الليرة التركية بعد «الانتخابات المحلية»
وحسب الصحيفة الأمريكية، قال بعض الناخبين إن قضايا الاقتصاد كانت في مقدمة أولوياتهم في طريقهم إلى صناديق الاقتراع، وقال المحللون إن أشخاصًا آخرين، خاصة في المراكز الحضرية، ربما صوتوا لرفض توسيع نطاق سلطات أردوغان في السنوات الأخيرة، كما أنهم رأوا أن الانتخابات المحلية فرصة للاحتجاج على الأجواء السياسية الخانقة التي سادت خلال حملة القمع الحكومية ضد المعارضين بعد محاولة الانقلاب فاشلة في يوليو عام 2016.

وقال أوزيل: "في المدن الحضرية، كانت هناك تطلعات لمزيد من الانفتاح.. يبدو أن جاذبية الرئيس قد تضاءلت".
وأوضح أوزيل أن نتائج الانتخابات قد تكون لها عواقب على أردوغان أكثر من مجرد رمزية، خاصة أنها أنهت سيطرة حزب الرئيس وسلفه على مدينتي أنقرة وإسطنبول منذ عام 1994.
أردوغان يتجاهل انهيار الليرة.. ويقدم تسهيلات جديدة لمنح الجنسية
وفي مقال نُشر الاثنين، كتب جونول تول، مدير برنامج الدراسات التركية في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، أن "خسارة أنقرة وإسطنبول -إلى جانب أضنة وأنطاليا وإزمير، وهي المدن الكبرى الأخرى التي استولت عليها المعارضة يوم الأحد، وجهت ضربة هائلة لشبكة العملاء التي بناها أردوغان على مدى السنوات الـ25 الماضية".
وإجمالًا، بات من المتوقع أن تُلقي نتائج الانتخابات ظلالها على أداء الرئيس التركي سياسيًا واقتصاديًا في المستقبل القريب، بما يوحي بمزيد من الأزمات داخل تركيا خلال الأشهر القليلة المقبلة.