فيلم Us يتضمن بعض العوامل والمقومات الناجحة، واستطاع بالفعل تحقيق إيرادات كبيرة وأن يلقى إشادة نقدية من البعض، إلا أن تشعب تفاصيله، جعلت منه فيلما متواضعا.
تحرير:حليمة الشرباصي٠٤ أبريل ٢٠١٩ - ١٢:٠٠ م
فيلم Us
يمتلك المخرج الأمريكى جوردان بيل سابقة مذهلة فى أفلام الرعب، إذ دخل فيلمه Get out صاحب الميزانية المنخفضة والدعاية المتواضعة التاريخ بفوزه بأوسكار أفضل سيناريو، وبالتالى عندما أعلن المخرج عن نيته تنفيذ فيلم رعب آخر من تأليفه وإخراجه توسم النقاد والجمهور خيرًا، وانتظروا بفارغ الصبر صدور هذا الفيلم كى يمتعوا أذهانهم وأعينهم برؤية رعب مختلف، خاصة أنهم تعودوا على أفكار "بيل" الفريدة التى تجمد الدم فى العروق، وتحويله لأشياء عادية نستخدمها فى حياتنا اليومية إلى أدوات رعب فتاكة، لكن السؤال هنا هل حافظ "بيل" على نجاحه فى Us أم خيب أمل الجمهور؟
يبدأ فيلم Us بداية حماسية متقنة تختلف تمامًا عما ظهر فى التريلر، ليأخذ المشاهدين إلى حقبة الثمانينيات، بملابسها المبهرجة، وأغانى مايكل جاكسون، مستعرضًا لمحة من ماضى الأم "أديليد" (لوبيتا نيونجو) التى اختبرت فى عمر الـ 8 أعوام، بموقف مرعب أثر عليها نفسيا حتى عامنا الحالى، إذ قابلت قرينة تشبهها تمامًا
يبدأ فيلم Us بداية حماسية متقنة تختلف تمامًا عما ظهر فى التريلر، ليأخذ المشاهدين إلى حقبة الثمانينيات، بملابسها المبهرجة، وأغانى مايكل جاكسون، مستعرضًا لمحة من ماضى الأم "أديليد" (لوبيتا نيونجو) التى اختبرت فى عمر الـ 8 أعوام، بموقف مرعب أثر عليها نفسيا حتى عامنا الحالى، إذ قابلت قرينة تشبهها تمامًا فى الملاهى قامت بخنقها، ورغم أن الموقف قد يكون بسيطا فإنه محور جميع الأحداث التى توالت فى الفيلم، فبعدها بعشرين عاما، جلست "أديليد" فى منزل طفولتها تحكى لزوجها عن هذه التجربة الأليمة، قبل أن تفاجأ بظهور عائلة تشبههم تمامًا لكنها ترتدى ملابس موحدة لونها أحمر، تهاجمهم بالمقصات وتخطط لقتلهم كل على حدة.
وعلى مدار ساعتين تقريبًا، يأخذ "بيل" المشاهدين فى رحلة مليئة بالمفاجآت والتعقيدات، لتفسير حادثة الطفولة ووجود قرناء يشبهون البشر تمامًا خرجوا للقيام بثورة هدفها تدمير الكائنات البشرية، وخلال سعى "بيل" لإيجاد رابط يفسر هذه الحوادث الخارقة للطبيعة، لم يستطع أن يوجد أى لمحة منطق اتسمت بها تفاصيل الفيلم، فخرج الفيلم مترهلًا، مليئا بالتناقضات التى حيرت المشاهد وجعلت أغلب المتفرجين فى السينما غارقين فى حسابات معقدة، يمتلئ عقلهم بالأسئلة التى لم يجب عنها المؤلف والمخرج، رغم ظهور تتر النهاية بالفعل.
قدم "بيل" فى Us عالمين يعيشان بالتوازى، الأول هم البشر فوق الأرض يحيون حياة طبيعية، والثانى هم مجموعة القرناء بملابسهم الحمراء، الذين يخرجون من تحت الأرض ويقومون بثورة لقتل البشر والاستيلاء على أماكنهم والتمتع بخيرات الأرض، بعد أن عاشوا معزولين تحت الأرض يأكلون الأرانب النيئة، مجبرين على الالتزام بقواعد وضعتها مجموعة مجهولة من البشر تلزمهم بتقليد البشر الأصليين على الأرض، والتزاوج مع من يختارهم البشر، بل وإنجاب قرناء مشابهين تمامًا لأبنائهم، فيخرج الفيلم من حيز الرعب إلى مدار الفانتازيا والخيال العلمى مما أفقد الفيلم هويته وكذلك نجاحه.
رغبة "بيل" فى أن يجمع بين الإسقاطات السياسية وتسلية الجمهور، لم تساعده فى الحفاظ على تفاصيل قصته متماسكة، إذ أراد المخرج أن يرمز لثورة القرناء بثورات الجياع والمهمشين على مدار التاريخ، هؤلاء الذين خرجوا للانتفاض على السلطات الظالمة المحظوظة بمواردها دون أن تبذل جهدًا كى تستحقها، وتحديدًا ثورة فيتنام عام 1955، لمقاومة أمريكا وجبروتها ضد السكان الأصليين.
ورغم أن إسقاط "بيل" يبدو فكرة ذكية على الورق، فإن التنفيذ لم يكن بهذا الذكاء، فالجمهور بداية لم يفهم الإسقاط السياسى أو لم يرغب فى وجوده داخل أحداث فيلم رعب، أما الجانب الفنى فامتلأ بالثغرات والأسئلة ؛ فمثلا لم نعرف من أوجد هؤلاء القرناء، كيف عاشوا طوال هذه الفترة فى مكان يبدو ضيقًا جدا ومحدودا على الشاشة، كيف نسيت البطلة أنها ليست الأصلية طوال هذه الفترة.. وغيرها كثير من الأسئلة لم يجب عنها "بيل".
براعة الممثلين وحسن اختيارهم، كانت نقطة القوة الوحيدة التى امتلكها جوردان بيل، فلولا أداء الممثلة الكينية المكسيكية لوبيتا نيونجو، لسقط الفيلم من اعتبارات الجمهور تمامًا، فالممثلة استطاعت الوصول إلى طبقة صوت متحشرجة مرعبة تطلبت تدريبا متواصلا، من أجل القيام بدور القرينة، ثم واصلت أداءها المحترف بعينيها الواسعتين اللتين تكفى نظرة واحدة لهما ليتملكك الرعب دون أن تفهم ما يحدث حتى، ومع قيامها بشخصيتين، تضاعف جهدها لإتقان الدورين، وإظهار الاختلافات بين طريقة كلامهما وحركاتهما، حتى تعبيرات وجهيهما، فتعرف الفرق بينهما دون أن تتكلم، وهذه نقطة تحسب للممثلة.
يُحسب لـ"بيل" أيضا الموسيقى التصويرية التى وضعها مايكل أبيلس، فى ثانى تعاون بينهما بعد فيلم Get Out والتى قام بإعادة نسخها من أغنية الراب الناجحة فى التسعينيات I GOT 5 ON IT، وبفضل إبداع "مايكل" تحولت الموسيقى التصويرية من أمر ثانوى إلى لاعب أساسى فى الأحداث؛ فيكفى أن تسمع "مزيكا" الأغنية كى تتشبث أصابعك بالمقعد رهبةً من الآتى، رغم أن الآتى ليس مرعبًا بهذه الدرجة.
فيلم Us يتضمن بعض العوامل والمقومات الناجحة، واستطاع بالفعل تحقيق إيرادات كبيرة وأن يلقى إشادة نقدية من البعض، ونجح فى بعض مشاهده فى أن يجمد الدم فى العروق بالفعل، إلا أن تشعب تفاصيله ورغبة مؤلفه ومخرجه فى استعراض عضلاته ومعلوماته السياسية وفى نفس الوقت تسلية الجمهور، جعلت منه فيلما متواضعا لم يرتق لآمال الجمهور.
********
قصة الفيلم:
يتناول الفيلم قصة عائلة قررت الذهاب لقضاء عطلة صيفية فى منزل تملكه الأم، إلا أنهم يفاجأون فى أول ليلة يقضونها فى المنزل بأسرة تشبههم تمامًا تهاجمهم وتريد قتلهم دون تفسير.
بطولة: لوبيتا نيونجو، إليزابيث موس، وينستون ديوك، وآنا ديوب، إخراج وتأليف: جوردان بيل