تحل اليوم، الرابع من أبريل، الذكرى السبعون لتوقيع معاهدة الدفاع المشترك في واشنطن عام 1949، لتأسيس حلف شمال الأطلنطي "الناتو"، إلا أن الحلف يواجه تحديات عدة اليوم
عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية وسقوط النظام النازي اجتمع عدد من الدول في غرب أوروبا إلى جانب الولايات المتحدة وكندا، لتأسيس كيان يضمن أمنها الجماعي ويحميها من توغلات الاتحاد السوفييتي، إذ تشكلت في هذه المرحلة بوادر الانقسام إلى ما عرف بالكتلتين الشرقية والغربية، وبداية الحرب الباردة بين ممثلي كلتا الكتلتين، الولايات المتحدة المنتشية من مكاسبها بعد الحرب العالمية، والاتحاد السوفييتي الذي بدوره كان قد توسع واستحوذ على عدد كبير من دول أوروبا الشرقية. ومن هنا ظهر حلف الناتو، ليحتفل هذا العام بالذكرى السبعين لتأسيسه.
بداية قوية
بعدما تسببت الحرب العالمية الثانية في دمار هائل في أرجاء مختلفة من القارة الأوروبية، كانت الدول الأوروبية بحاجة ماسة لإعادة بناء اقتصادها وضمان حمايتها من التوسع المتزايد للاتحاد السوفييتي.
وكانت الولايات المتحدة تحتاج إلى بسط نفوذها على دول غرب أوروبا المنكسرة جراء الحرب لمنع توغل النفوذ
بداية قوية
بعدما تسببت الحرب العالمية الثانية في دمار هائل في أرجاء مختلفة من القارة الأوروبية، كانت الدول الأوروبية بحاجة ماسة لإعادة بناء اقتصادها وضمان حمايتها من التوسع المتزايد للاتحاد السوفييتي.
وكانت الولايات المتحدة تحتاج إلى بسط نفوذها على دول غرب أوروبا المنكسرة جراء الحرب لمنع توغل النفوذ السوفييتي فيها، ولذلك دشنت الولايات المتحدة ما عُرف بـ"مشروع مارشال" وهو برنامج مساعدات لإنعاش اقتصادات الدول المتضررة.
وإلى جوار الاقتصاد فقد كانت دول أوروبا الغربية بحاجة ماسة لضمان أمنها، لا سيما أن النفوذ السوفييتي كان يصل إلى حتى حدود ألمانيا الغربية من ناحية جارتها الشرقية.
ووسط تلك المخاوف وُلدت فكرة حلف شمال الأطلنطي "الناتو" بعد توقيع عدة دول في أوروبا الغربية معاهدة "بروكسل" عام 1948، وهي معاهدة تنص على الدفاع الجماعي المشترك بين الدول الموقعة، إذا تعرضت أي منها لهجوم، وبعدها بعام واحد وسّعت الولايات المتحدة نطاق معاهدة "بروكسل" لتشمل دول شمال الأطلنطي، وتم توقيع معاهدة حلف شمال الأطلنطي في واشنطن في 4 أبريل 1949.
بالأرقام.. هل يمكن أن ينجو الناتو دون أمريكا؟

مستقبل غامض
توسع الحلف الآن ليضم 29 دولة، وإلى جانب الدور التاريخي التقليدي في الدفاع الجماعي المشترك بين الدول الأعضاء فيه، فإن الحلف يشارك في مهام عديدة حول العالم، منها قيادة "القوة الدولية للمساعدة الأمنية" في أفغانستان، إلى جانب مهام أخرى في منطقة البلقان وفي البحر الأبيض المتوسط.
إلا أن مستقبل الناتو تحيط به العديد من الشكوك، فبعد سقوط الاتحاد السوفييتي عام 1991، يتساءل الكثيرون عن مبرر وجود الحلف الذي نشأ بالأساس لصد توسعاته، فبعد صعود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لمنصبه في 2017، شكك في أكثر من مناسبة في جدوى الحلف ومعنى الالتزام بالدفاع الجماعي.
هل يتسبب الخلاف بين أمريكا وأوروبا في انهيار الناتو؟

وفي 2018 تساءل ترامب: لماذا يجب على الولايات المتحدة الالتزام بالدفاع عن دولة صغيرة مثل الجبل الأسود والمخاطرة بإشعال حرب عالمية ثالثة؟ مشككا في إمكانية استمرار الحلف لـ70 عاما أخرى.
وقد ازداد ضغط الولايات المتحدة على أعضاء الحلف لرفع نسبة الإنفاق العسكري في الدول الأعضاء إلى النسبة التي كان أعضاء الحلف قد اتفقوا عليها، وهي 2% من الناتج المحلي الإجمالي، وخصت واشنطن بالذكر برلين التي اتهمها ترامب مرارا بإنفاق القليل جدا على ميزانية الدفاع.
لكن يرى البعض الآخر أن وجود الحلف لا يزال مهما لدول أوروبا تحديدا، خصوصا في ظل المخاوف الروسية المتجددة من توسع الحلف وامتداده لدول أخرى في شرق أوروبا، وهي المخاوف التي جعلت الحلف يؤجل انضمام دول مثل أوكرانيا وجورجيا إليه في ظل رغبة قادة الناتو في تجنب المزيد من الصراعات.
الإنفاق العسكري.. أزمة متجددة بين حلفاء الناتو

وكتب "بيتر ريكتس" وهو دبلوماسي بريطاني سابق في صحيفة "الجارديان" البريطانية، يقول إن "هناك دفعة جديدة لتطوير استعدادات قوات الحلف للتعامل مع التهديدات من جميع الأنواع، بما فيها الاستغلال الروسي للمناطق الرمادية بين التخويف والتخريب والصراع المباشر".
وفي حديث لشبكة "يورو نيوز" قال "هنريش بروس"، مساعد الأمين العام السابق للحلف لشؤون الدفاع، إنه "في ظل الغموض الذي يكتنف مستقبل الحلف، لا يزال الناتو منظمة لا غنى عنها لضمان أمن أوروبا، الآن أكثر من أي وقت مضى" مضيفا أن "الوقت مناسب لتعزيز وجود الحلف أكثر".