على هامش حفل ختام المهرجان، أجرينا حوارًا مع رئيسه محمد محمود، ليُحدثنا عن كواليس نجاح هذه الدورة، والصعوبات التي يواجهها صناعه، وأزمتهم مع محافظة الإسكندرية
مرت الدورة الخامسة من مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير، والتي أقيمت بسينما فريال العريقة بمنطقة محطة الرمل في الفترة من 3 وحتى 8 من شهر أبريل الجاري، بسلام على صُناعه، وبنجاح متواصل منذ 4 دورات سابقة بدأت بظهور المهرجان للنور عام 2015.
وتحت شعار "إسكندرية بتحب السينما"، يُقام المهرجان سنويا بفضل جهود مستقلة من مجموعة من خيرة الشباب السينمائيين المنتمين للمحافظة، برئاسة المخرج محمد محمود، بالإضافة للرئاسة الشرفية للدكتور محمد العدل الداعم الأكبر لهم، برعاية جمعية "دائرة الفن"، بهدف نشر ثقافة الفيلم القصير وتبادل الثقافات العربية.
نود في البداية أن تحدثنا بالتفصيل عن أزمة المهرجان مع محافظ الإسكندرية..
الأزمة قديمة وليست مع محافظ واحد، فوصلنا للدورة الخامسة له، كما أنه من الإسكندرية، ويقام في قلب الإسكندرية بدءًا من دورته الأولى، كل ذلك وكأن المحافظة لا ترانا. قدّمت خطابا رسميا حتى أقابل المحافظ الجديد بصفتي رئيس جمعية دائرة
نود في البداية أن تحدثنا بالتفصيل عن أزمة المهرجان مع محافظ الإسكندرية..
الأزمة قديمة وليست مع محافظ واحد، فوصلنا للدورة الخامسة له، كما أنه من الإسكندرية، ويقام في قلب الإسكندرية بدءًا من دورته الأولى، كل ذلك وكأن المحافظة لا ترانا. قدّمت خطابا رسميا حتى أقابل المحافظ الجديد بصفتي رئيس جمعية دائرة الفن المنظمة للمهرجان، مرفقا معه جواب موافقة ورعاية وزارة الثقافة والمركز القومي للسينما. ومن المنطقي أن ذلك يعطينا ثقلا وقوة حتى يوافق المحافظ على مقابلتنا. طلبنا فقط مقابلته، ولا نحتاج إلا لأشياء بسيطة من المحافظة، كأن يأتي المحافظ لحفل الافتتاح ليرحب بالضيوف مثلما يحدث في مهرجانات أسوان والأقصر وشرم الشيخ والإسماعيلية وغيرها. طلبنا أن نقابله بطرق رسمية ولم ننجح، وطلبنا أن نقابله بطرق ودية ولم ننجح.

هل ترى أن هناك تعنتا بالفعل من قِبل المحافظة تجاه المهرجان؟
هناك تعنت من قبَل المحافظة، فالفعاليات تقام على أرض الإسكندرية، والمحافظ "لا حياة لمن تنادي"، وكان رد المحافظة الوحيد علينا أن أصدروا بيانا يؤكدون فيه أن المحافظ يدعم الأنشطة الثقافية، ولكن على أرض الواقع بيانه ليس موجودا، ونحن الموجودون بفضل التغطية الصحفية الأمينة للمهرجان. نحزن أن شعار محافظة الإسكندرية غير موجود على اللوحات والتصميمات، أصبحنا كيانا منذ 5 سنوات، الناس تعرف المهرجان جيدًا، كان على المحافظ فقط أن يبحث عن اسم المهرجان في "جوجل" حتى يعرف تاريخ دوراته السابقة ونجاحاته رغم ضعف الإمكانات.
وهل ترى أن المحافظة ستقدم لكم دعما ماديا حال الوصول للمحافظ؟
لن نذهب للمحافظ لنقول له "إدينا فلوس"، نعلم جيدًا وضع المحافظة وأنها لا تقدم دعما كبيرا، ولكنها تستطيع أن تساعدنا في نواحٍ مختلفة، نحتاج إلى دعم المحافظة -مثلا- بشدة لتقديم تسهيلات في الناحية الدعائية، كاستخدام اللوحات الإعلانية التابعة للمحافظة في الترويج للمهرجان، وأن توفر للضيوف مثلا وسائل مواصلات، وأشياء بسيطة من هذا القبيل.. مش محتاجين من المحافظة فلوس.
ما طبيعة دعم الدكتور خالد عبد الجليل للمهرجان وسر حرصه على مساندتكم؟
أود أن أشكر الدكتور خالد عبد الجليل بصفة شخصية، فقد قدم لنا الكثير، وساندنا منذ الدورة الثانية عام 2016 قبل أن يأتينا دعم وزارة الثقافة، ومن وقتها وهو يحرص على المساندة والدعم، وهذه الدورة بفضله بعد الله، أقمنا المهرجان في سينما فريال العريقة، وهذا أحدث فارقا كبيرا للدورة الخامسة عن الدورات السابقة، ويكفي أننا أصبحنا نعرض في وسط البلد وفي قلب الإسكندرية، ما سهل علينا استهداف أكبر عدد من الجمهور، خاصة أن بجوارنا مجمع كليات الشاطبي لنخاطب شباب الجامعات.

وماذا عن دعم وزارتي الشباب والرياضة والثقافة؟
الوزارة تدعمنا بأقل من 1% من ميزانيتنا، تدعمنا بالتحديد بـ10 آلاف جنيه، وطلبنا منهم أن يتكفلوا ببند من بنود الميزانية ولا يعطونا أي أموال، وهو جانب المطبوعات، ومن المقرر أن يُنظر في ذلك من قبَل الوزارة في الفترة المقبلة، بينما "الثقافة" تدعمنا بـ30% من ميزانيتنا.
وباقي الميزانية من أين؟
بالحب.. المركز القومي للسينما دعمنا بسينما فريال وبأجهزة الصوت، وشباب التنظيم كلهم متطوعون؛ لجنة التحكيم متطوعة، لجنة المشاهدة متطوعة، إدارة الندوات من النقاد والصحفيين متطوعة. أقدم لهؤلاء وغيرهم كل الشكر.
ما الفائدة العائدة عليكم كصناع للمهرجان في ظل هذه الظروف؟
كل عام أسأل نفسي هذا السؤال، أين الفائدة؟ أنا مخرج أفلام قصيرة بالأساس وآخر أفلامي منذ عام 2017، كتبت فيلما منذ أكثر من عامين ولا أملك وقتًا ولا مالا لأنتجه. نخرج من كل دورة مجهدين بدنيا ومديونين. لو أي دورة للمهرجان تمر بسلام لكُنا في قمة السعادة بما نقدمه، ولكن هذا لا يحدث ونعود لنفس السؤال: لماذا نستمر؟ ولكن يصعب عليّ أن أهدم ما بنيناه على مدار سنوات بتعب ومجهود، يُشجعنا على العودة مجددًا والاستمرار أشياء بسيطة؛ كإقامة الورش التي تفيد آخرين، وأن نرى جمهورا لا نعرفه ولا يعرفنا يحضر العروض بأعداد كبيرة، ويشجعنا على أن نرى مخرجي أفلام قصيرة يوجهون لنا الشكر لأننا وفرنا لهم فرصة لعرض أعمالهم. يشجعنا مثلا أن ننتج 4 أفلام بالدورة الماضية من ورشة للمخرجة عايدة الكاشف، منها فيلم "آخر سكان الجزيرة" مثلا، الذي شارك في 3 مهرجانات دولية. هذه الأشياء وغيرها تقول لنا: "لازم المهرجان يكمل، أشياء تسعدنا وتساعدنا على الاستمرار، عسى أن نصل يومًا ما لمرحلة أفضل".

ما تقييمك للدورة الخامسة وهل أنت راضٍ عنها؟
بدأنا ونحن لا نعرف شيئا عن تنظيم المهرجانات، وكل عام نكتسب مزيدا من الخبرات، نجرب ونخطئ ونقيم أخطاءنا حتى وصلنا للدورة الخامسة. بها أخطاء أيضًا كثيرة، سنعمل على تصليحها بالفترة المقبلة، ولكني أعتقد أن الدورة الخامسة هي الأكثر احترافية للمهرجان من الناحية التنظيمية.
ما رأيك في مستوى الأفلام المعروضة هذه الدورة؟
هناك تفاوت في مستوى الأفلام، فهذا العام لدينا أعمال قوية، خاصة أن كل أفلامنا هي عرض أول في مصر، ولأول مرة ننجح في ذلك، وبالتأكيد هي نقطة تحسب لنا، حيث شكلت كلمة "عرض أول" حافزا لدى الكثيرين لحضور العروض.
هل قلة الأعمال التي تتحدث عن هوية الإسكندرية أمر مقصود؟
جمهور المهرجان 90% منه من الإسكندرية، ونحو 10% من خارجها، فالإسكندرانية يعرفون الإسكندرية جيدا. نريد أن نريهم أعمالا مختلفة من ثقافات مختلفة، من تونس والمغرب والجزائر وعمان والسعودية وغيرها من البلدان ذات الهوية المختلفة عنه، ما يشجعه على الاستمرار في المجيء.
ألا ترى أن المهرجان بحاجة لمزيد من الدعاية حتى يحقق نجاحات أكبر؟
بالتأكيد، ولكننا نصنع كل ما في وسعنا، قبل المهرجان نعلن عن طرق التقديم وأعضاء اللجان والأفلام المختارة وغيرها، بالإضافة إلى أننا نسعى دائمًا للترويج للمهرجان عبر صفحاته على مواقع التواصل الاجتماعي عن طريق الإعلانات الممولة حتى نصل لأكبر شريحة ممكنة وليس لمتابعي الصفحة فقط، كما نروج للمهرجان بأنفسنا في شوارع الإسكندرية في الدوائر المصرح لنا بها من الجهات الأمنية. نحاول دائما أن نصل إلى الجمهور، ودائما نفكر في طرق جديدة حتى نصل للمزيد.
وما الخطوة المقبلة التي تراها ضرورية لتطوير المهرجان أكثر؟
أولا، المحاولة بشكل أكبر أن نجد راعيا لنا وممولا. ثانيًا، أن نعمل على توسيع دائرة فريق العمل. ثالثا، نحتاج لهيكل إداري سليم ونوزع المهام بطريقة واضحة. في السنوات الماضية تعودنا أن نصنع كل شيء بأيدينا، لكن علينا أن نتخطى ذلك وأن يصبح لدينا عدد أكبر من المنظمين الذين نثق بهم.
هل من كلمة أخيرة نختم بها؟
أتمنى أن يزيد دعم وزارة الثقافة في الدورة المقبلة، حتى ننتقل للأمام أكثر، ونكون احترافيين أكثر، وتكون لدينا برامج وعروض أفلام أكثر، أتمنى أن نظل موجودين في سينما فريال في قلب الإسكندرية، وبعدها ننتقل لسينما راديو، ثم ريو، أتمنى أن تجدد هذه السينمات وتظل دور عرض الدولة باقية، أود أن أشكر الدكتور خالد عبد الجليل وأؤكد أن لولاه لم تكن الدورة تظهر بهذا الشكل، وكذلك أشكر الدكتور محمد العدل، الداعم الأكبر لنا منذ البداية.