في بيان طال انتظاره منذ صباح اليوم الخميس، أعلن الجيش السوداني تنحية رئيس البلاد عمر البشير، بعد 4 أشهر من الاحتجاجات المستمرة ضده، فماذا حدث خلالها؟
"تسقط بس" شعار رفعه السودانيون في وجه الرئيس السوداني السابق عمر البشير، في الاحتجاجات التي اندلعت ضد حكمه منذ عدة أشهر، والآن "سقط" البشير فعليا، وأعلن وزير دفاع البلاد عوض بن عوف، في بيان بثه التليفزيون السوداني منذ قليل، إبعاد البشير عن منصبه، والتحفظ عليه في مكان آمن، وتشكيل مجلس عسكري انتقالي لإدارة البلاد لفترة انتقالية تستمر لمدة عامين، على أن يتم خلالها تهيئة البلاد سياسيا لعقد انتخابات رئاسية، فما الذي حدث منذ اندلاع المظاهرات؟ ومن يقف وراءها؟
الاحتجاجات بدأت بشكل عفوي في 19 ديسمبر الماضي، حينما تجمع المئات من المواطنين السودانيين للتنديد بارتفاع أسعار المواد الأساسية في البلاد، وانخفاض قيمة العملة السودانية.
وبعد ساعات من اندلاعها، طوقت عناصر الأمن المتظاهرين وحاولوا منعهم من الوصول إلى بعض المناطق الحساسة في البلاد، ثم سرعان ما تحولت المظاهرات
الاحتجاجات بدأت بشكل عفوي في 19 ديسمبر الماضي، حينما تجمع المئات من المواطنين السودانيين للتنديد بارتفاع أسعار المواد الأساسية في البلاد، وانخفاض قيمة العملة السودانية.
وبعد ساعات من اندلاعها، طوقت عناصر الأمن المتظاهرين وحاولوا منعهم من الوصول إلى بعض المناطق الحساسة في البلاد، ثم سرعان ما تحولت المظاهرات إلى أعمال عنف وشغب.
أعمال العنف امتدت لتشهد حرق مكاتب حزب البشير مطالبين بإنهاء حكمه، لترد الشرطة بالغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين، بينما شهدت بعض المناطق استعمالا للذخيرة الحية؛ ما تسبب في سقوط عدد من القتلى والجرحى.
وفي ظل تزايد الاحتجاجات وشموليتها، علقت السلطات الدراسة في كل الجامعات وكذلك في مرحلتي "الأساسي والثانوية" بولاية الخرطوم، لأجل غير مسمى، كما أعلنت حالة الطوارئ وفرض حظر التجوال من السادسة مساءً حتى السادسة صباحا في بعض الولايات.
إلا أن استمرار المظاهرات في عدد أكبر من المدن، وتزايد حدة الاشتباكات بين المتظاهرين من جهة، وقوات الأمن من جهة أخرى، دفع الحكومة للرد باعتقال عدد من قادة المعارضة، كما قتلت خمسة أشخاص على الأقل في يوم واحد، بحسب تصريحات مدير جهاز الأمن السوداني السابق صلاح قوش، الذي ألقى باللوم على "متمردين تربطهم صلات بإسرائيل".
اعتذار وطوارئ ومجلس عسكري.. بيان الجيش السوداني

وتواصلت الاحتجاجات في يناير، وسط تعنت النظام في الاستماع لمطالب المحتجين وعدم تلبية رغباتهم، وتزامنا مع ذلك برز اتحاد المهنيين الذي عمل على تنظيم التظاهرات وتنسيقها والدعوة إليها.
ومع استمرار وقوع ضحايا بين المتظاهرين، ألقى المحتجون باللوم على النظام، واستغلوا تشييع الجنازات كنقطة بداية لاحتجاجات جديدة ومنسقة عبروا فيها عن مطلبهم الواضح وهو إسقاط النظام.
وفي المقابل واصل البشير تجاهله للمطالب الشعبية وأدلى بتصريحات أكد فيها أن السودان محكوم بقرار المواطنين عبر صناديق الاقتراع، وأضاف أن "انتخابات 2020 ليست ببعيدة".
وفي فبراير الماضي، قرر البشير حل الحكومة وإقالة جميع الولاة في البلاد، والتراجع عن إجراءات تعديل الدستور التي تتيح له الترشح مرة أخرى، وهو ما تسبب في هدوء حدة المظاهرات.
انقلابات وتحالفات.. رحلة صعود وسقوط البشير

إلا أن نجاح الحراك الشعبي الذي اندلع في الجزائر في إسقاط الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة أسهم في إعادة حالة الزخم للمتظاهرين.
وفي ذكرى انتفاضة 6 أبريل التي أطاحت بحكم الرئيس السوداني الأسبق جعفر نميري، تظاهر مئات الآلاف من السودانيين في شوارع العاصمة الخرطوم، متوجهين إلى مقر القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية وقصر الضيافة، مقر إقامة البشير.
وهناك عقد المحتجون اعتصاما أمام مقر القيادة فتدخلت قوات الأمن لتفريقهم بالقوة، ما تسبب في مقتل عدد من المتظاهرين، إلا أنهم واصلوا اعتصامهم المفتوح أمام مقر القيادة العامة، مطالبين بتنحي البشير وإسقاط النظام، وسط محاولات من قوات الأمن لتفريق الاعتصام.
وشهد هذا الشهر تحولا ضمنيا في موقف الجيش السوداني بعدما اشتبك مع عناصر من الشرطة بالرصاص الحي، لحماية المحتجين.
قوى الحرية عن بيان الجيش السوداني: انقلاب عسكري

وكانت ذروة نجاح الاحتجاجات اليوم الخميس، بعد أن أعلن وزير الدفاع عوض بن عوف، في بيان له "اقتلاع رأس النظام والتحفظ عليه في مكان آمن".
إلا أنه من الواضح أن بيان الجيش لم يلقَ قبولا من المتظاهرين، إذ قالت قوى إعلان الحرية والتغيير في بيان: "إننا نرفض ما ورد في بيان انقلابيي النظام هذا، وندعو شعبنا العظيم للمحافظة على اعتصامه".