المعارضة: المجلس استمرار للنظام البائد ويماطل في تسليم السلطة للمدنيين.. والطويل: جميع السيناريوهات مطروحة.. و"العسكرى" يسعى للتأكيد على عدم قدرة المعارضة على الحكم
«المجهول ينتظر السودان».. هذا هو الواقع الذى بات يواجه السودان، بعد أن تصاعدت وتيرة الأحداث فى الشارع خلال الأيام القليلة الماضية، وبعد إعلان المعارضة السودانية بقيادة تجمع المهنيين السودانيين الذي يقود حركة الاحتجاج في البلاد تعليق التفاوض مع المجلس العسكري الحاكم، في إطار حملة أوسع نطاقًا للضغط عليه من أجل تسليم السلطة للمدنيين، حيث أكد التجمع على لسان المتحدث الرسمي باسمه، محمد الأمين عبد العزيز: «نعلن استمرار الاعتصام وتعليق التفاوض مع المجلس العسكري، لأن المجلس استمرار للنظام البائد».
أعقب هذا قرار آخر من قيادات تحالف "الحرية والتغيير" في السودان بوقف التفاوض
مع المجلس العسكري والتعامل معه كامتداد
للنظام السابق، حسبما أكده وجدي صالح
القيادي بالتحالف، حيث قال إن المجلس
يماطل في تسليم السلطة للمدنيين، وإن
الثورة مستمرة وستنتصر لا محالة بإرادة
الشعب، ونحن مستمرون في الاعتصام حتى تحقيق
المطالب.
ويأتى
موقف
أعقب هذا قرار آخر من قيادات تحالف "الحرية والتغيير" في السودان بوقف التفاوض
مع المجلس العسكري والتعامل معه كامتداد
للنظام السابق، حسبما أكده وجدي صالح
القيادي بالتحالف، حيث قال إن المجلس
يماطل في تسليم السلطة للمدنيين، وإن
الثورة مستمرة وستنتصر لا محالة بإرادة
الشعب، ونحن مستمرون في الاعتصام حتى تحقيق
المطالب.
ويأتى
موقف المعارضة فى ظل دعم الدول
العربية للمجلس العسكري السوداني بقيادة
السعودية والإمارات والبحرين ومصر، خاصة
عقب قرار المجلس العسكري بإلغاء اتفاقية
سواكن مع تركيا التى وقع عليها الرئيس
المعزول عمر البشير، وهو ما اعتبره البعض
تغيرا كبيرا فى السياسة السودانية، التى
كانت تعمل تحت مظلة تركيا وقطر، وانسلاخا من عباءة الإخوان التى كانت تسيطر على
السودان فى السنوات السابقة.
وفى
ظل رفض المعارضة السودانية وجود
المجلس العسكري، ودعم الدول العربية
للمجلس العسكري ماديا ومعنوياً، يبقى السؤال الأبرز كيف سيتعامل المجلس العسكري
مع الأزمة فى الداخل والخارج، وما أبرز
السيناريوهات المطروحة أمام عبد الفتاح
البرهان للخروج من هذا المأزق. (اقرأ أيضا: بنك السودان المركزي يرفع سعر الجنيه أمام الدولار)
خيارات مطروحة
عادل نبهان، الخبير فى الشأن الإفريقي، قال إن "التجارب المريرة التى مر بها الشعب السوداني خلال السنوات السابقة، والخبرة الطويلة التى تمتع بها فى الانقلابات العسكرية، وعدم ثقتهم فى المجلس العسكري السوداني حتى وإن تخلص من رموز النظام السابق يجعلهم يرفضون وجود المجلس العسكري، لأن التجربة السودانية ثرية ولديها من الإدراك ما يكفي بمخاطر وجود العسكريين على رأس الحكم".
وأوضح نبهان فى تصريحات خاصة لـ"التحرير": "المجلس العسكري لا توجد أمامه الكثير من الخيارات فى ظل الرفض التام من الشعب لوجوده، أول الخيارات المطروحة أمامه أن يتم تسليم السلطة إلى مجلس مدني ويكون هو عضوا بالمجلس، لأنه لن يتخلى عن السلطة بشكل كامل بنسبة 100%".
وتابع: "الخيار الثاني يتمثل فى تشكيل حكومة تكنوقراط يشارك فيها والاستجابة إلى جزء كبير من مطالب المعارضة السودانية وعقد عدد من المواءمات مع المعارضة فى الداخل حتى لا تنفلت الأوضاع فى السودان حتى مع فرض حظر التجوال وحماية المنشأت".
واستطرد:" الدعم العربي للسودان سوف يساعد على تخفيف وطأة الأوضاع الاقتصادية فى السودان التى قال المجلس العسكري أنه ليس لديه حلول لها، تقف أم إرادة الشعب السوداني".
وكانت السعودية والإمارات قد أعلنتا عن تقديم حزمة مشتركة من المساعدات لجمهورية السودان، يصل إجمالي مبالغها إلى ثلاثة مليارات دولار أمريكي، وتشمل المساعدات 500 مليون دولار مقدمة من البلدين كوديعة في البنك المركزي السوداني وذلك لتقوية مركزه المالي، وتخفيف الضغوط على الجنيه السوداني، وتحقيق مزيد من الاستقرار في سعر الصرف، على أن يتم صرف بقية المبلغ لتلبية الاحتياجات الملحة للشعب السوداني الشقيق، تشمل الغذاء والدواء والمشتقات النفطية.
جميع السيناريوهات مفتوحة
الدكتورة
أمانى الطويل، مديرة البرنامج الإفريقى
بمركز الأهرام للدراسات السياسية
والاستراتيجية، قالت إن جميع السيناريوهات
مفتوحة أمام المجلس العسكري، ويصعب التنبؤ
بها فى ظل تسارع الأحداث بصورة كبيرة، لا سيما
بعد توجه المجلس العسكري نحو فتح الطرق
ورفع الحواجز واتخاذ إجراءات إصلاحية فى
السودان، ورفض الشارع السوداني التام لوجود
المجلس العسكري وتفعيل هاشتاج فى السودان، يؤكد أن المعارضين مستمرون فى الشوارع
إلى شهر رمضان.
وأضافت
الطويل فى تصريحات خاصة لـ"التحرير" أن
الدعم الخارجي الذى يحصل عليه المجلس
العسكري قائم على الدور الذى يقوم به رئيس
المجلس العسكري عبد الفتاح البرهان، فى
دعم تحالف العربي، وعدم وجود رغبة إقليمية
فى استمرار حالة عدم الاستقرار فى السودان،
ويجعل من استقرار السودان أمرا فى غاية
الضرورة، بالإضافة إلى قرار المجلس العسكري
بإلغاء اتفاقية سواكن مع الجانب التركي.
وأكدت
الطويل أن المعضلة
التى تقف أمام المجلس العسكري هي تشكيل
المجلس نفسه ووجود بعض القيادات التى
عليها علامات استفهام كبيرة من الشارع
السوداني، ويعدون رموزا للحركة الإسلامية، مثل
جلال الشيخ نائب مدير جهاز المخابرات
السابق صلاح قوش، وعمر زين الدين نائب
مدير جهاز الأمن السابق. (اقرأ أيضا: البرهان يفتح باب محاكمة البشير: من يملك إدانة يتقدم)
المجلس العسكري والمعارضة
وشددت
الطويل على أن "المجلس
العسكري لديه رؤية ومنهج يحاول من خلاله
أن يهز مصداقية المعارضة فى نفسها وقدرتها على تولى الحكم فى الوقت
الحالي، من خلال رسالة مضمرة مفادها
الحديث عن أن المجلس العسكري تلقى ما يزيد
على 100 مقترح
من المعارضة السودانية، مما يعني عدم
وجود توافق فيما بينها وعدم وجود رؤية
للمستقبل، وبذلك لن تكون قادرة على تسلم
السلطة فى الوقت الحالي".
وتابعت: "هناك
مجموعة من القوانين كان يجب أن تسقط خلال
الفترة الماضية، ولكنها لم تسقط وهو ما
يلقي بظلاله حول توجهات هذا المجلس، مثل
قانون النظام العام وهو قانون يعطى السلطة
الحق فى التدخل فى الشئون الشخصية
للمواطنين، بالإضافة إلى أن هذا القانون
جزء من رفض الشارع السوداني للمجلس".
مميزات الثورة السودانية
واستطردت
الطويل: "أهم
ما يميز الثورة السودانية أن هناك ملامح
بها لم تكن موجودة فى ثورات الربيع العربي،
أهما أنها لم تقتصر على مكان محدد، وإنما
موجودة فى أحياء الخرطوم، بالإضافة إلى
أن الشعب السوداني لديه خبرات فيما يتعلق
بالتعامل مع المظاهرات والتعامل مع النظم
العسكرية واكتسابهم الخبرات من ثورات
الربيع العربي والتحركات ضد نظم الحكم".