تحل اليوم ذكرى وفاة الشاعر الكبير نزار قباني.. ويمكن القول بأن "نزار" مات عدة مرات قبل هذا اليوم أولاها بانتحار شقيقته مرورًا بوفاة ابنه وتفجير زوجته
عاش آخر سنين عمره وحيدًا، وكأن ما كتبه من شعر، وما خاض من قضايا، لم تشفع له برفقة تؤنسه ولا عائلة تشهد احتضاره، حينما داهمته أزمة قلبية حادة توفى على أثرها عن عمر يناهز الـ75، كان ذلك قبل 21 عامًا، حيث رحل عن عالمنا العربي وشعره الأيقونة الفنية الراقية نزار قباني، وذلك في العاصمة البريطانية لندن، ثم انتقل مسافرًا من لندن إلى دمشق وحط بها محمولًا على أعناق مشيعيه إلى موطنه وقبلة شعره، تنفيذًا لآخر وصاياه: «أدفن في دمشق، الرحم التي علمتني الشعر والإبداع، وأهدتني أبجدية الياسمين».
عندما ذهبت روحه إلى بارئها تجمع المشيعون حاملين جثمانه متجهين إلى المركز الثقافي الإسلامي في لندن حيث المسجد المركزي ليصلوا عليه قبل أن ينتقل إلى دمشق، وعن هذا اليوم تناثرت كثير من الروايات التي تفيد أن جماعة من الأشخاص المتشددين، رفضوا دخول جثمانه إلى المسجد، متهمين الراحل بالكفر والزندقة، ووفق مجلة
عندما ذهبت روحه إلى بارئها تجمع المشيعون حاملين جثمانه متجهين إلى المركز الثقافي الإسلامي في لندن حيث المسجد المركزي ليصلوا عليه قبل أن ينتقل إلى دمشق، وعن هذا اليوم تناثرت كثير من الروايات التي تفيد أن جماعة من الأشخاص المتشددين، رفضوا دخول جثمانه إلى المسجد، متهمين الراحل بالكفر والزندقة، ووفق مجلة «الجديد اللندنية» أكدت ابنته «هدباء قباني» تلك الواقعة بقولها: «كان هناك أناس مشاغبون حاولوا منع الصلاة على أبي حينما ذهبنا للصلاة على روح أبي، اعتبرنا الأمر مفروغا منه؛ أن يدخل الرجال إلى الجامع ليصلوا عليه، وأن نقف نحن في الباحة ونتقبّل التعازي به. حاول البعض منعنا بدعوى أن هناك أناسا مشاغبين حاولوا منع الصلاة على أبي».
اقرأ أيضًا:
في مثل هذا اليوم.. توفي الشاعر نزار قباني
ابنه توفيق
وصية نزار كانت أن يدفن في دمشق بجوار جثمان ابنه «توفيق»، الذي بوفاته قتل نزار حزنًا حيث غادره وهو في ريعان شبابه، بسبب مرض أصاب قلبه، صدمة نزار بوفاة ابنه خرجت من قلبه على الأوراق في كلمات رثاء: «مات ابنى توفيق فى لندن توقف قلبه عن العمل كما يتوقف قلب طائر النورس عن الضرب، عمره اثنتان وعشرون سنة وشعره كلون حقول القمح فى تموز كان توفيق أميرا دمشقيا جميلا، كان طويلا كزرافة، وشفافا كالدمعة».
وبعد أعوام من وفاته استجمع جزءًا من قواه ليكتب له هذه المرثية الشعرية:
«مكسرة كجفون أبيك هي الكلمات.. ومقصوصة، كجناح أبيك، هي المفردات
فكيف يغني المغني وقد ملأ الدمع كل الدواة.. وماذا سأكتب يا بني؟
وموتك ألغى جميع اللغات. لو كان للموت طفل، لأدرك ما هو موت البنين
ولو كان للموت عقل.. سألناه كيف يفسر موت البلابل والياسمين ولو كان للموت قلب.. تردد في ذبح أولادنا الطيبين».
اقرأ أيضًا:
نزار قباني.. منع من دخول مصر وهذه رسالته لعبد الناصر
زوجته بلقيس
كان الموت في حياة نزار ملازمًا، وكثرت في أشعاره المرثيات والكلمات الحزينة الشاحبة، في يوم هادئ كأشعار نزار دوى صوت انفجار هائل هز أركان بيروت وفي تلك اللحظة كان نزار في مكتبه القريب من مقر السفارة العراقية بلبنان حيث كانت تعمل بها زوجته بلقيس الراوي التي تعرف عليها في إحدى ندواته الشعرية وتيم بها وظل يلاحقها حتى وقعت في غرام شعره، كان هذا الدوي الهائل انفجار السفارة ومعها انفجر قلب نزار حينما جاء إليه الخبر، وقال بذهول وقلة حيلة: «بلقيس راحت».
اقرأ أيضًا:
انتحرت أخته وقُتلت زوجته.. المرأة في حياة نزار قباني
سكت شعر نزار فترة حتى انتفض على رثائها بقصيدة «بلقيس»: «شكرا لكم .. فحبيبتي قتلت وصار بوسعكم أن تشربوا كأسا على قبر الشهيدة وقصيدتي اغتيلت.. وهل من أمة في الأرض إلا أنتم تغتال القصيدة؟!».
أخته وصال
قبل موت زوجته بأعوام وحينما كان عمر نزار 15 عاما، وما زال الشعر جنينًا يتشكل في جسده، أفجعه موت شقيقته بانتحارها، حيث قتلها العشق لرفض العائلة أن تتزوج بمن تحب وإجبارها على الزواج بآخر، وهذا الحادث كان بمثابة الثقاب الذي أشعل الشعر في نفس نزار قباني.
اقرأ أيضًا:
نزار قباني شاعر المرأة.. انتحرت شقيقته وفُجرت زوجته
وقال عن وفاتها «هل كان موت أختي في سبيل الحب أحد العوامل النفسية التي جعلتني أتوفر لشعر الحب بكل طاقاتي، وأهبه أجمل كلماتي؟ هل كانت كتاباتي عن الحب تعويضا لما حرمت منه أختي، وانتقاما لها من مجتمع يرفض الحب، ويطارده بالفؤوس والبنادق؟، "وصال" قتلت نفسها بكل بساطة وشاعرية منقطعة النظير لأنها لم تستطع أن تتزوج بحبيبها».