ارتفع سعر الجنيه المصري أمام الدولار والعملات الأجنبية منذ بداية العام الجاري 2019، وهو ما أرجعه الخبراء إلى عدة أسباب منها التدفقات النقدية الدولارية، وعودة السياحة
شهدت أسعار الدولار الأمريكي تراجعا ملحوظا أمام الجنيه المصري خلال الـ5 أشهر الماضية، ليفقد ما يقرب من نحو 79 قرشا من قيمته منذ بداية العام الجاري 2019، ليسجل أقل سعر في البنوك نحو 17.16 جنيه للبيع، في مقابل نحو 17.95 جنيه نهاية ديسمبر 2018.
وذكرت وكالة "شينخوا" الصينية أن قيمة الجنيه المصري ارتفعت مقارنة بقيمته في ديسمبر الماضي، ليهبط سعر الدولار إلى أدنى مستوياته منذ مارس 2017.
ويبلغ متوسط سعر الدولار في البنوك حاليا نحو 17.18 جنيه للبيع، و17.08 جنيه للشراء، حسب بيانات البنك المركزي المصري.
خبراء: العملة الخضراء تتراجع أمام الجنيه لهذه الأسباب
ترى الدكتورة شيرين الشواربي، أستاذ الاقتصاد ونائب وزير المالية سابقا، أن هناك عدة عوامل أسهمت في انخفاض الدولار أمام الجنيه المصري، ويأتي في مقدمتها زيادة حجم التدفقات النقدية الدولارية إلى البنوك، خلال الفترة الماضية، إلى جانب ارتفاع حجم تحويلات
خبراء: العملة الخضراء تتراجع أمام الجنيه لهذه الأسباب
ترى الدكتورة شيرين الشواربي، أستاذ الاقتصاد ونائب وزير المالية سابقا، أن هناك عدة عوامل أسهمت في انخفاض الدولار أمام الجنيه المصري، ويأتي في مقدمتها زيادة حجم التدفقات النقدية الدولارية إلى البنوك، خلال الفترة الماضية، إلى جانب ارتفاع حجم تحويلات المصريين في الخارج.
وارتفع حجم تحويلات المصريين المغتربين بالخارج إلى نحو 29 مليار دولار بنهاية 2018، مقارنة بنحو 18.2 مليار دولار فى 2017، بزيادة سنوية قدرها 17%، حسب تقرير صادر من البنك الدولي.
ويقدر عدد المصريين المقيمين فى الخارج بنحو 9.5 مليون مواطن، وفقا لبيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء.
وأضافت الشواربي أن من ضمن العوامل التى عززت قيمة الجنيه المصري أيضا، هى شهادة المؤسسات الدولية بأداء وقوة الاقتصاد المصري، والتى أدت إلى رفع تصنيفها الائتماني إلى إيجابي من قبل مؤسسة موديز الشهر الماضي.
واتفق معها الدكتور وليد جاب الله، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، الذي أكد أن تراجع الدولار يأتى بالتزامن مع ارتفاع ثقة المؤسسات الدولية في برنامج الإصلاح الاقتصادي، وعودة تدفقات صناديق الاستثمار إلى أدوات الدين، وإشادة صندوق النقد الدولي بالإصلاحات الاقتصادية.
ورفعت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني، تصنيفها الائتماني لمصر إلى (B2)، مع نظرة مستقبلية مستقرة، كما رفعت الوكالة تصنيفاتها لإصدارات الديون طويلة الأجل للحكومة المصرية بالعملة الأجنبية والعملة المحلية درجة واحدة إلى (B2) من (B3).
من جانبه يرى هاني توفيق، الخبير الاقتصادي، أن سعر الجنيه المصري ارتفع بنحو 5% خلال الشهرين الماضيين، نتيجة زيادة إقبال الأجانب على الاستثمار في أذون الخزانة، وهو الأمر الذى أسهم في زيادة المعروض الدولاري وانخفاض سعر الدولار.
تدفقات النقد الأجنبي وعودة السياحة
أكد الدكتور محسن خضير، الخبير المصرفي، أن تراجع سعر الدولار أمام العملة المحلية يرجع إلى عودة السياحة إلى انتعاشتها مرة أخرى، وهو الأمر الذى أسهم في تدفق المزيد من المعروض الدولاري في البنوك.
وأضاف خضير أن الحكومة نجحت في إصدار سندات دولية بداية العام الجاري.
ونجحت الحكومة خلال شهر فبراير الماضى فى إصدار سندات دولية بقيمة بلغت نحو 4 مليارات دولار على 3 شرائح وذلك لآجال 5 و10 و30 عاما، وذلك في ضوء طلبات اكتتاب تخطت نحو 21.5 مليار دولار.
وتستهدف الحكومة طرح سندات دولية بقيمة تتراوح ما بين 3 و5 مليارات دولار قبل نهاية العام الجاري 2019.
وأعلن طارق عامر، محافظ البنك المركزي المصري، أن حجم تدفقات النقد الأجنبي، إلى مصر منذ تحرير سعر الصرف في عام 2016، بلغ أكثر من 150 مليار دولار.
وشملت التدفقات الأجنبية الدولارية كلا من إصدار سندات دولارية بنحو 18 مليار دولار، بالإضافة إلى التدفقات المباشرة للبنوك نتيجة بيع العملات الأجنبية لها بنحو 88 مليار دولار، فضلا عن الاستثمار فى أذون الخزانة والبورصة بنحو 26 مليار دولار، وكذلك قروض دولية تلقتها مصر وتمويلات حصلت عليها البنوك، وبعض الودائع منها الوديعة السعودية التي بلغت قيمتها نحو 3 مليارات دولار.
3 سيناريوهات لتحرك سعر الجنيه أمام الدولار
وضع بنك استثمار "شعاع" 3 سيناريوهات لتحرك أسعار الجنيه أمام الدولار على المدى المتوسط، ويشمل الأول أن يرتفع سعر الدولار من 17.20 جنيه في نهاية يونيو المقبل إلى 17.87 جنيه في نهاية يونيو 2020، ثم إلى 18.20 جنيه في نهاية يونيو 2021، وإلى 18.87 جنيه، و19 جنيها في نهاية يونيو 2022، ويونيو 2023 على التوالي.
والسيناريو الثاني، هو "انخفاض سريع لقيمة الجنيه"، بحيث يرتفع متوسط سعر الدولار من 17.77 جنيه في العام المالي الجاري إلى 18.04 جنيه في العام المقبل، ثم إلى 18.55 جنيه في عام 2020-2021، ثم إلى 19.07 جنيه، و19.48 جنيه في العامين التاليين.
أما السيناريو الثالث فيتمثل في حدوث "ارتفاع مؤقت لقيمة الجنيه ثم الانخفاض مجددا"، بحيث ينخفض متوسط سعر الدولار من 17.77 جنيه في العام المالي الجاري إلى 17.03 جنيه في العام المقبل، ثم يرتفع إلى 17.52 جنيه في عام 2020-2021، ثم إلى 18 جنيها، و18.39 جنيه في العامين التاليين.
ويرى "شعاع" أن سعر صرف الجنيه حاليا أقل من قيمته الحقيقية بشكل طفيف، أي أن الجنيه يظهر بقيمة أكثر ضعفا عن المفترض أن يكون عليها، "ولكنه ليس بعيدا جدا عن القيمة العادلة"، مشيرا إلى أنه لا يوجد ضغط هيكلي في الوقت الحالي قد يؤدي إلى انخفاض حاد في قيمة الجنيه في المستقبل القريب.
وأوضح "شعاع" أن الارتفاع السريع الحالي في قيمة الجنيه تحركه أسباب مؤقتة، على المدى القصير، حيث يرجح ارتباط تحرك الجنيه بالاستثمارات الأجنبية في أدوات الخزانة، مشيرا إلى أن هذه التدفقات لا تواجه تهديدا كبيرا بالنظر إلى المشهد العالمي الحالي.