التنظيم الإرهابي يحاول إدخال الدولتين ضمن أجندته عن طريق اختطاف احتجاجات الشعوب.. والمستقبل السياسي لكليهما عامل الحسم الرئيسي في تقرير مستقبله
جدد ظهور أبو بكر البغدادي، زعيم تنظيم داعش في الفيديو الأخير، التساؤلات حول الخطط القادمة للتنظيم، في ظل انحسار نفوذه داخل العراق وسوريا، وانتقال أعداد كبيرة منه خارج هذه الدول، وسط معلومات مُسربة عن استعدادات جديدة من جانب التنظيم للانتقال إليها، والتمركز داخلها.. وهذه الدول هي الجزائر والسودان اللتان أشار لهما تقرير حديث منشور في صحيفة الجارديان البريطانية، وربط بين ما فعلته داعش في الأيام الأولى لانتفاضة العراقيين ضد صدام حسين، ساعين لاستغلال الأوضاع الأمنية لتعزيز وجودهم في تلك الدول، وإحدث ثغرات كُبرى داخلها.
العيش على أنقاض الأنظمة العربية
نشأ تنظيم داعش على أنقاض نظام صدام حسين، مستفيدا من الفراغ الذي خلفه سقوط الجهاز الأمني والاستخباراتي، ليبدأ في السيطرة على العديد من المناطق الميدانية، ويوزع أفراده داخل المدن التي غادرها رجال الأمن.
ولا يُعد ذلك استثناءا، فهي استراتيجية التنظيم الذي يحاول التسلل للدول
العيش على أنقاض الأنظمة العربية
نشأ تنظيم داعش على أنقاض نظام صدام حسين، مستفيدا من الفراغ الذي خلفه سقوط الجهاز الأمني والاستخباراتي، ليبدأ في السيطرة على العديد من المناطق الميدانية، ويوزع أفراده داخل المدن التي غادرها رجال الأمن.
ولا يُعد ذلك استثناءا، فهي استراتيجية التنظيم الذي يحاول التسلل للدول التي تنشأ فيها حركات احتجاجية أو ثورات تُطيح بأنظمتها الحاكمة، وهو ما تكرر في سوريا، حين نشأت التظاهرات الرافضة لبقاء الرئيس السوري بشار الأسد في الحُكم، ودعت لإسقاطه؛ قبل أن يبدأ داعش في استغلال الفوضي التي نشأت بعد الاحتجاجات في أغلب المدن السورية، ليوزع أعضاءه داخل مناطق معينة، وتظل تحت سيطرته الميدانية لسنوات، قبل أن تنجح القوات السورية في تحرير أغلبها من قبضة التنظيم الإرهابي.
وفي مصر، وخلال ولاية الرئيس المعزول محمد مرسي، سعى التنظيم لتوسيع نشاط عملياته العسكرية في سيناء، وتحديدا في المناطق الحدودية، قبل أن تنجح قوات الجيش والشرطة، بعد ثورة 30 يونيو، في حصار هذه العناصر التابعة للتنظيم، وتطهير أغلب البؤر التي سعوا للتمركز داخلها.
ويُشير تقرير الجارديان، إلى أن هذه الظروف السياسية التي تقع في العديد من الدول العربية تستغلها داعش في سبيل الحشد سواء كان فكرياً أو تنظيميا لضم كوادر جديدة لها في هذه البلدان، والجهاد لصالحها.
ويعتقد نيكولان هينين، مؤلف كتاب أكاديمية الجهاد، وكاتب التقرير، أن المُستقبل السياسي للجزائر والسودان هو من سيحدد بشكل كبير احتمالية توسع داعش من وجوده داخل كلا الدولتين، مؤكداً أن التنظيم سيحاول اختطاف احتجاجات الشعوب فيهما، كما اعتاد منذ عام 2011.
كيف أشار داعش للدولتين في بيانه الأخير؟
نشرت مؤسسة "الفرقان" التابعة لداعش في 29 أبريل الماضي، مقطع فيديو للبغدادي، حمل إشارة حول رغبة واضحة من التنظيم لإدخال السودان والجزائر ضمن أجندته، بقوله إن "السبيل الوحيد الذي ينجع مع هؤلاء الطواغيت هو الجهاد في سبيل الله".
وترتفع احتمالات خطر نمو خلايا تابعة لداعش في السودان عن الجزائر؛ خصوصا أن السودان شهد في السنوات السابقة اكتشاف خلايا للتنظيم الإرهابي في عدد من المدن، فضلا عن انتقال أعداد كبيرة من الشباب السوداني لداعش، والتي كان أبرزها في نهاية عام 2016، حين سافرت مجموعتان من طلاب جامعة العلوم الطبية والتكنولوجيا، وهي جامعة خاصة تابعة لوزير الصحة، المنتمي إلى الحركة الإسلامية مأمون حميدة، إلى سوريا للالتحاق بتنظيم داعش.
كان من بين هؤلاء الطلاب ابنة الناطق الرسمي لوزارة الخارجية السودانية السفير علي الصادق، والتي سافرت لسوريا في أواخر يونيو الماضي، عبر أنقرة، مع زملائها من طلاب الطب والصيدلة بالجامعة، للعمل في مستشفيات بالمناطق الخاضعة لسيطرة داعش.
على خلاف السودان، تنخفض احتمالية حضور داعش في الجزائر، لأسباب لها علاقة بتماسك المؤسسة العسكرية، وتمتع قوات الجيش بقدرات أمنية عالية، إلى جانب الخبرة الأمنية الكبيرة للأجهزة الأمنية في الجزائر، والتي اتضحت في إحباطها، في السنوات الأخيرة، للكثير من العمليات الإرهابية لداعش.
عامل آخر له علاقة بصعوبة تسلل داعش للجزئر يتمثل في البعد المجتمعي والسياسي الذي شكل محددا رئيسياُ في إفشال محاولات التجنيد لهذه التنظيمات، حيث قدرت دراسة بحثية صادرة عن "مجموعة سوفان الأمريكية" عدد الجزائريين المجندين في "داعش" بأنه لا يتجاوز 200، وهي نسبة ضئيلة إذا ما قورنت بالبلدان الآخرى التي تجاورها كتونس (6 و7 آلاف مجند) والمغرب (1200 و1500 مجند).