الهجوم على الناقلتين، أمس الخميس، في خليج عمان، أعاد للأذهان الأحداث التي سبقت حرب فيتنام قبل نحو 50 عاما، فهل يعيد التاريخ نفسه وتدخل الولايات المتحدة في صراع مع إيران؟
تحرير:أحمد سليمان١٤ يونيو ٢٠١٩ - ٠٥:١٧ م
حرب فيتنام
بالأمس، كانت السفينة "كوكوكا كاريدجس" التي ترفع علم بنما، وتديرها اليابان وسفينة "فرونت ألتير" النرويجية وتحمل علم جزر مارشال، تبحر في خليج عُمان عندما تعرضا لكمين.
وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو سارع بتوجيه أصابع الاتهام إلى إيران بالوقوف وراء "الهجوم غير المبرر"، مدعيا أن الولايات المتحدة قد أجرت تقييمها بناء على معلومات استخباراتية عن السلاح المستخدم و"الهجمات الإيرانية المماثلة على سفن الشحن".
وأصدرت الولايات المتحدة في وقت لاحق شريط فيديو غير واضح، قالت إنه يظهر قيام عناصر إيرانية بإزالة لغم غير منفجر من إحدى الناقلتين.
إلا أن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، نفى هذه المزاعم، مدعيا أن طهران ساعدت في إنقاذ العشرات من أفراد الطاقم من الكارثة التي وقعت على أكثر خطوط نقل النفط ازدحاما في العالم.
وأشارت صحيفة "إكسبريس" البريطانية، إلى أن كلماته تعكس بشكل مخيف الأحداث التي وقعت قبل أكثر من نصف قرن والتي أدت إلى اندلاع
إلا أن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، نفى هذه المزاعم، مدعيا أن طهران ساعدت في إنقاذ العشرات من أفراد الطاقم من الكارثة التي وقعت على أكثر خطوط نقل النفط ازدحاما في العالم.
وأشارت صحيفة "إكسبريس" البريطانية، إلى أن كلماته تعكس بشكل مخيف الأحداث التي وقعت قبل أكثر من نصف قرن والتي أدت إلى اندلاع حرب فيتنام.
الواقعة المعروفة أيضًا باسم "حادثة المدمرة الأمريكية يو إس إس مادوكس"، شهدت مواجهتين منفصلتين بين شمال فيتنام والولايات المتحدة في خليج تونكين.
ففي 2 أغسطس 1964، كانت المدمرة الأمريكية "يو إس إس مادوكس" تقوم بمهمة استخباراتية في خليج "تونكين"، وتتبعتها ثلاثة قوارب تابعة لشمال فيتنام، وهاجمتها بطوربيدات ونيران المدافع الرشاشة، من جانبها ردت البحرية الأمريكية بنيران كثيفة، مما أدى إلى إتلاف ثلاثة قوارب وقتل أربعة جنود فيتناميين شماليين.
ثم ادعت وكالة الأمن القومي أن حادثة ثانية وقعت في 4 أغسطس 1964، ونتيجة لهذين الحادثين، مرر الكونجرس الأمريكي قرار "خليج تونكين"، الذي منح الرئيس الأمريكي آنذاك ليندون جونسون، سلطة مساعدة أي دولة في جنوب شرق آسيا تتعرض حكومتها لخطر "العدوان الشيوعي".
كان القرار بمثابة المبرر القانوني للرئيس جونسون لنشر القوات الأمريكية وبدء الحرب المفتوحة لدعم فيتنام الجنوبية، حيث جاء قراره بعد تسع ساعات فقط من التقرير الأولي.
وفي الوقت الذي كان لا يزال يجري فيه البحث عن أدلة حول هجوم 4 أغسطس، كان جونسون يلقي خطابه للجمهور الأمريكي يعلن فيه الحرب على شمال فيتنام.
حيث تشير الرسائل المسجلة في ذلك اليوم إلى أن كل من جونسون ووزير الدفاع الأمريكي الأسبق روبرت ماكنمارا لم يكونا متأكدين من وقوع الهجوم، كما أخفق الأخير في إبلاغ الرئيس جونسون بأن قائد مجموعة المهام البحرية الأمريكية قد غير رأيه بشأن الهجمات في وقت مبكر من ذلك اليوم، حيث ادعى أن رادار السفينة تأثر "بالطقس الغريب"، وهو ما يشكك في وقوع الهجوم الثاني.
وبعد مرور عام على الحادث، ذكرت تقارير أن الرئيس جونسون اعترف لأحد مساعديه قائلا "على حد علمي، كانت قواتنا البحرية تطلق النار على الحيتان هناك".
الأدلة أظهرت، في وقت لاحق، كذب صور الرادار، في واقعة أطلق عليها اسم "أشباح تونكين"، أثبتت عدم وجود قوارب فيتنامية حقيقية، كما اعترف ماكنمارا، بعد ذلك أن الهجوم على حاملة الطائرات الأمريكية في 2 أغسطس حدث دون رد، إلا أنه لم يحدث أي هجوم في 4 أغسطس.
وفي عام 2005، تم رفع السرية عن دراسة من قبل وكالة الأمن القومي التي كشفت حقيقة هذه الادعاءات، حيث أكدت وثائق وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون"، عدم وجود سفن فيتنامية شمالية بالقرب من القطع البحرية الأمريكية في 4 أغسطس 1964.
هذه الادعاءات الكاذبة وضعت الأساس القانون لخوض حرب فيتنام التي أسفرت عن مقتل أكثر من 50 ألف جندي أمريكي، في أكثر حرب مذلة في تاريخ أمريكا.
الصحيفة البريطانية أشارت إلى أن حادثة الأمس جاءت في وقت غير مريح بالنسبة لإيران، حيث كان رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي في طهران في محاولة لتخفيف التوترات بين إيران والولايات المتحدة.
إلا أن الحادثة الأخيرة في خليج عُمان، يمكن أن تقضي على أي فرصة لعقد محادثات سلام بين طهران وواشنطن، إذا ألقي باللوم على إيران في القيام بهذه الأعمال العدائية، وتعيد للأذهان واقعة "أشباح تونكين".
فمن جانبه أثنى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، على محاولات آبي للتوسط في هذه الأزمة، لكنه ادعى أنه من السابق لأوانه التفكير في عقد صفقة مع إيران.
وكتب على تويتر: "بينما أقدر ذهاب رئيس الوزراء آبي إلى إيران للقاء آية الله علي خامنئي، إلا أنني شخصيا، أشعر أنه من السابق لأوانه التفكير في عقد صفقة"، وأضاف "أنهم ليسوا مستعدين، ولا نحن كذلك!".
وتأتي حادثة الأمس، بعد شهر من تعرض أربع ناقلات نفط لعملية تخريب في هجوم قبالة سواحل الإمارات، لم تتبنى أي جهة مسؤوليته حتى الآن، إلا أن الولايات المتحدة ألقت باللوم على إيران، التي نفت تورطها في هذه الحادثة.
وتسبب هجوم خليج عُمان في ارتفاع أسعار النفط بأكثر من 4% بين عشية وضحاها، حيث قالت "بيمكو" وهي أكبر اتحاد لشركات الشحن الدولية في العالم، إن التوتر في المنطقة "أصبح الآن مرتفعا بما يشبه الأوضاع في حالة نشوب صراع مسلح حقيقي".
وازدادت التوترات بين الولايات المتحدة وإيران بشكل مطرد في الأشهر الماضية، بعد انسحاب ترامب من الاتفاق النووي الإيراني الذي توصل إليه، الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما مع طهران، والذي نص على تخفيف العقوبات المفروضة على إيران مقابل كبح برنامجها للأسلحة النووية.
وفرضت إدارة ترامب عقوبات مختلفة على إيران منذ ذلك الوقت في محاولة لإعاقة اقتصاد البلاد، وأعلنت مؤخرًا عن خطط لنشر قوات إضافية في المنطقة.
وعلى الرغم من ذلك، قال ترامب في العديد من المقابلات الصحفية أنه منفتح للتحدث مع القادة الإيرانيين، إلا أن القادة الإيرانيون رفضوا هذه الفكرة، بحجة أن ترامب ليس جديرا بالثقة.