«الفيل الأزرق 2» .. رعب مصرى بطعم السينما العالمية
«الفيل الأزرق 2» هند صبرى تتفوق على الجميع وكريم عبد العزيز يتألق بأداء سهل ممتنع، وخالد الصاوى تترك بصمة مميزة بمشهد واحد، ونهاية غير متوقعة تفتح الباب لتقديم جزء ثالث.
تحرير:ريهام عبد الوهاب١٢ أغسطس ٢٠١٩ - ٠١:٠٠ م
فيلم الفيل الأزرق- كريم عبد العزيز وخالد الصاوي
«رعب، إثارة، غموض، حيوانات مفترسة، عالم ملىء بالغرائب» وغيرها من التفاصيل التى يحملها الجزء الثانى من فيلم «الفيل الأزرق»، الذى منذ طرح إعلانه الرسمي أحدث حالة جدل بين الجمهور عبر مواقع التواصل الاجتماعى، وسط تساؤلات حول الدرجة التى سيصل إليها العمل من الإثارة والتشويق، حيث رفع التريلر الرسمى الذى لا يتعدى الدقيقتين والنصف، سقف التوقعات لدى الجمهور بظهور شخصيات جديدة تبدو أنها ستقدم وجبة أكثر رعبًا من الجزء الأول الذى حقق إيرادات مرتفعة جدًا وقتها متجاوزا 33 مليون جنيه، وربما هذا ما شجع أحمد مراد ومروان حامد وشركة "سينرجى"، لإنتاج جزء جديد.
منذ انطلاقة «الفيل الأزرق 2» تسكنك حالة من الترقب والتوتر وتشعر برعب شديد، بمجرد أن ترى (فريدة) أو الفنانة هند صبرى، وهى جالسة على حافة سرير، وترتدى جلبابا أبيض ووجهها ملفح بوشاح أبيض لا يُظهر ملامحها، وتبدأ صدى الجملة الترويجية للعمل: «لا تخافوا.. ولكن احذروا»، تتجسد أمامك وتبث
منذ انطلاقة «الفيل الأزرق 2» تسكنك حالة من الترقب والتوتر وتشعر برعب شديد، بمجرد أن ترى (فريدة) أو الفنانة هند صبرى، وهى جالسة على حافة سرير، وترتدى جلبابا أبيض ووجهها ملفح بوشاح أبيض لا يُظهر ملامحها، وتبدأ صدى الجملة الترويجية للعمل: «لا تخافوا.. ولكن احذروا»، تتجسد أمامك وتبث الرعب فى قلبك، خاصة بعد أن يصدمك المخرج ببداية مشوقة ومرعبة، جريمة تحدث أمامك وأنت فى غفلة منها، كيف حدثت ولم تشعر بها؟ وهنا تظهر براعة الإضاءة وكادرات التصوير والموسيقى التصويرية التى كانت سببا رئيسا فى الدخول فى أجواء الفيلم سريعًا، وكأن لم يمر 5 سنوات، على أحداث الجزء الأول، وأن الفارق بين الجزءين وقت استراحة لا يتعدى 10 دقائق.
قصة الفيلم تنطلق بعد لقاء سيحدث بين (فريدة) و(دكتور يحيى) أو الفنان كريم عبد العزيز، بعدما يتم استدعاؤه لمقابلة مريضة تم وضعها فى (قسم 8 غرب)، ومن هنا تبدأ الوجبة الدرامية الدسمة التى يقدمها أحمد مراد ومروان حامد، مغلفة بأبعاد نفسية وخبايا عن عالم الجان والسحر الأسود، وسريعًا يكشف لك المؤلف أن (يحيى) ترك الطب النفسى وأصبح موظفا بإحدى الشركات الكبرى، وترك مهنته التى تمكن منها بعد أن عالج (شريف) أو الفنان خالد الصاوى، ولكن يعود مرة أخرى مع إصرار (فريدة) المريضة، على عدم التحدث إلا فى حضوره، يوافق الطبيب المتابع لحالتها الفنان إياد نصار، على ذلك بشرط حضور المقابلة.
هذا اللقاء يحدد بعد ذلك سير الأحداث بالفيلم، وتكون (فريدة) سببًا فى انقلاب حياة (دكتور يحيى) رأسًا على عقب، يجعلك العمل تشاهده فى تلك الحالة النفسية الصعبة التى سبق وشاهدناه عليها فى الجزء الأول، إذ تظهر عليه أعراض التوتر والخوف من المجهول وعدم النوم والترقب والقلق، بعد أن حذرته (فريدة) من النوم «اوعى تنام يا يحيى»، تلك العبارة التى تردد كثيرًا خلال الإعلان الرسمى، ويحاول (يحيى) أن يحل لغز (فريدة) المريضة النفسية التى ينتظرها حبل المشنقة.
نرى محاولات (يحيى) المستميتة لإنقاذ عائلته من اللعنة التى ستخبره بها (فريدة)، يتحرك فى إطار الدائرة المحيطة به، خاصة أن (لبنى) أو الفنانة نيللى كريم، زوجته لها علاقة من قريب أو بعيد، بالحالة التى وصلت إليها (فريدة)، ومن خلال مخدر الفيل الأزرق الذى يتناوله (دكتور يحيى) يأخذ أحمد مراد الجمهور إلى عالم آخر ملىء بالغرائب عن القرون الماضية وأسرار السحر الأسود وملوك الجان، بصورة متكاملة العناصر من ديكور وأزياء وإضاءة وحركة بصرية وموسيقى تصويرية، لدرجة تجعل جمهوره يعيش الخيال ويعصر تفكيره لفك اللغز والسحر الملعون، والعلاقة الشائكة بين (لبنى) و(فريدة).
أداء هند صبرى جاء ممتعا، ويبدو أنها بذلت مجهودا كبيرا حتى استطاعت أن تتحكم فى تفاصيل الشخصية بهذه الطريقة، بداية من نظرات العين وحركة الجسد وحتى لحظات الهدوء والسكون التى تعقب فترات تحولها، لنجد أن الفنانة التونسية تحمل على عاتقها جزءا كبيرا من الحبكة الدرامية، فهى محرك أساسى لها، ويأتى دور كريم عبد العزيز، ليؤكد أنه لم يخرج من شخصية (يحيى) الطبيب النفسى الذى يعانى من أزمة نفسية بعد تسببه فى موت زوجته وابنته، بأداء مبهر ومقنع خاصة لغة العين.
لخص المخرج مروان حامد الحياة التعيسة التى تعيشها (لبنى) مع حب حياتها (يحيى)، من خلال خطوط العجز التى رسمت على ملامحها، كأنها سيدة تخطت الستين من عمرها وليست فى نهاية الثلاثينيات، ليؤكد لنا أن زواجهما لم يكن النهاية السعيدة لحكايتهما، ورغم أن الجزء الثانى من فيلم (الفيل الأزرق) ترك لها مساحة أكبر لدورها، إلا أن أداءها كان باهتا للغاية ويصل فى بعض الأحيان إلى حد البرود والفتور أمام الكاميرا، وكان أداؤها أفضل بالجزء الأول.
ومن المفاجآت التى يحملها الفيلم، ظهور الفنان خالد الصاوى (شريف) ضيف شرف بالجزء الثانى، لضرورة مشاركته لربط الأحداث الدرامية ببعضها، وكعادته نجح (الصاوى) بمشهد لا يتعدى الدقيقتين أن يتألق و"يعلم" على كل المشاركين فى الفيلم، بأدائه المحترف، مشهد واحد فقط ظهر فيه وهو يتحدث مع كريم عبد العزيز، كان كفيلا ببث الرعب فى نفوس كل الحاضرين فى قاعة السينما لدرجة استحق عليها التصفيق، كأنه لم يشفَ بعد من (نائل) بهذا الأداء المتمكن والحضور المميز.
وخلال الأحداث تظهر شيرين رضا، رسامة التاتو الذى جاء ظهورها باهتا وغير مؤثر، وأيضا إياد نصار، الذى لعب دور الطبيب، لم يكن ظهوره فى أحسن حال، رغم وجود حالة من الترقب لدوره، خاصة لمن شاهده فى فيلمى «كازابلانكا» و«الممر» بموسم عيد الفطر، فكان من المتوقع أن يكون هناك مبارزة تمثيلية بينه وبين كريم عبد العزيز، ولكن دوره مر مرور الكرام، لنجد أن دوره الذى سبق ولعبه محمد ممدوح فى الجزء الأول، كان أكثر تأثيرًا، أما تارا عماد ومروان يونس اللذان خصصت لهما أفيشات دعائية بمفردهما، فلم يظهرا إلا فى مشهدين وغير مؤثرين، وربما لو أسندت تلك الأدوار إلى فنانين مغمورين كان أفضل، لعل سبب ذلك هو عدم منحهما مساحة تمثيلية أكبر.
وبالعودة مرة أخرى إلى الأحداث من خلال الثلاثى (يحيى) و(فريدة) و(لبنى)، فبعد نجاح (دكتور يحيى) فى حل اللغز، ثمة خطأ آخر ارتكبه، جعل الفيلم ينتهى بطريقة غير متوقعة وصادمة، وتؤكد أن «الفيل الأرزق» فكرة لا تموت، وأن الجمهور على موعد مع لقاء آخر مع بطل الفيلم فى جزء ثالث.
إذا كنت تريد أن تشاهد عملا سينمائيا متكاملا على مستوى الإخراج والتصوير والإضاءة والجرافيكس والمؤثرات البصرية والحبكة الدرامية والموسيقى التصويرية، فلا تفوت مشاهدة «الفيل الأزرق 2» الذى حتمًا سيكون علامة بارزة فى تاريخ السينما، فخلال الـ130 دقيقة مدة الفيلم جاءت الأحداث سريعة للغاية ولم يكن هناك أى رتابة أو ملل، بقيادة المخرج مروان حامد، الذى أثبت أنه مدرسة إخراجية مختلفة تسعى نحو العالمية، فيلم (الفيل الأزرق 2) لا يقل إبهارًا عن أى عمل أجنبى آخر، وسنضمن لك مشاهدة ممتعة ومثيرة من أول دقيقة إلى آخر دقيقة.