يثبت اختبار روسيا الكارثي صاروخا يعمل بالطاقة النووية، الأسبوع الماضي، أن سباق التسلح الذي ينتظره العالم يعني حدوث المزيد من الحوادث النووية
في يوم الخميس، 8 أغسطس الجاري، أصدرت السلطات الروسية إعلانا مفاجئا، قالت فيه إن حادثا ما وقع خلال اختبار محرك صاروخي بالقرب من مدينة سيفيرودفينسك، شمال البلاد.
وأضافت أن الحادث أسفر عن وفاة شخصين، وارتفاع محدود في معدلات الإشعاع، لكن بعد فترة وجيزة، ظهرت الصور ومقاطع الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي لعمال الإغاثة وهم يرتدون البدلات الواقية من الإشعاع.
كانت الإشارة إلى الإشعاع أمرا غريبا، حيث إن اختبارات محركات الصواريخ لا تنطوي على إشعاع، لكن روسيا كانت قد أعلنت، العام الماضي، أنها اختبرت صاروخ كروز يعمل بالطاقة النووية، باسم "9 إم 730".
وترى مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية أن وجود صاروخ كروز يعمل بالطاقة النووية فكرة شنيعة، لدرجة أن الولايات المتحدة رفضته منذ فترة طويلة باعتباره كابوسا تقنيا وإستراتيجيا وبيئيا، إلا أن روسيا تحت قيادة الرئيس فلاديمير بوتين، تفكر بطريقة مختلفة.
ولأهمية تلك الحادثة، تساءل عدد من الباحثين في معهد "ميدلبري"
وترى مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية أن وجود صاروخ كروز يعمل بالطاقة النووية فكرة شنيعة، لدرجة أن الولايات المتحدة رفضته منذ فترة طويلة باعتباره كابوسا تقنيا وإستراتيجيا وبيئيا، إلا أن روسيا تحت قيادة الرئيس فلاديمير بوتين، تفكر بطريقة مختلفة.
ولأهمية تلك الحادثة، تساءل عدد من الباحثين في معهد "ميدلبري" للدراسات الدولية، من المتخصصين في مراقبة حالة الانتشار النووي حول العالم، عما إذا كان هناك خطأ ما في برنامج روسيا الصاروخي، وسرعان ما اكتشفوا سببا وجيها في الاعتقاد بذلك.
أول شيء عمل عليه هؤلاء الباحثون هو محاولة تحديد مكان وقوع الحادث، حيث أشارت العديد من التقارير إلى موقع لاختبار الصواريخ في مكان يسمى "نينوكسا"، على بُعد نحو 18 ميلا من ساحل سيفيرودفينسك شمال البلاد.
واعتقدوا أن الحادث وقع في مركز اختبار الصواريخ بـ"نينوكسا"، وهو منشأة غير سرية، لكن عند النظر عن كثب إلى الموقع، فوجئوا بالعثور على شيء جديد، حيث شيدت روسيا موقعا جديدا لاختبار صاروخ "9 إم 730"، جنوب مركز اختبار الصواريخ بـ"نينوكسا" بعد أن فشلت اختبارات الصواريخ في الموقع القديم.
ولاحظ الباحثون حقيقة غريبة ثانية، وهي وجود العديد من السفن ومنصة اختبار قبالة ساحل موقع الاختبار الجديد، وهي منطقة محظورة على الشحن التجاري.
وكان ضمن هذه السفن، سفينة شحن كبيرة تسمى "سيريبريانكا"، وهي سفينة غير عادية، فهي مملوكة لشركة "روساتوم"، شركة الطاقة النووية الحكومية الروسية، وتستخدم لنقل المواد المشعة.
وشاركت "سيريبريانكا" في جهود لاستعادة صاروخ كروز، يعمل بالطاقة النووية سقط في المحيط عام 2018، وقال تقرير مخابرات سري عن جهود الاسترداد لعام 2018: "ستشمل العملية ثلاث سفن، إحداها مجهزة للتعامل مع المواد المشعة".
خبراء يطورون أسلحة.. أسرار الانفجار النووي في روسيا

وجود هذه السفينة كان دليلا على وقوع حوادث في أثناء اختبار الصاروخ، فخلال عطلة نهاية الأسبوع، ظهرت تأكيدات روسية بوقوع الحادث.
اعترفت شركة "روساتوم" بأن خمسة من موظفيها قتلوا في الحادث، وأوضح بيان الشركة أنه "تم إجراء اختبارات الصواريخ في منصة بحرية، وبعد الانتهاء من الاختبارات، اشتعل الوقود الصاروخي، ووقع بعدها انفجار، وبعد ذلك سقط العديد من العاملين في البحر".
ومع ذلك، لم توضح "روساتوم" ماهية الصاروخ أو الخطأ الذي حدث، إذ قال البيان ببساطة: "كان هناك مجموعة من العوامل التي غالبا ما تحدث عند اختبار التقنيات الجديدة".
وقالت المجلة الأمريكية إنه في الوقت نفسه، ظهرت قائمة بأسماء القتلى على وسائل التواصل الاجتماعي، جميعهم من الشباب، وأكد الباحثون في معهد "ميدلبري" أنهم يعملون لحساب "روساتوم" في مختبر التصميم النووي في "ساروف".
ووفقا للرواية الرسمية، فإن العلماء الذين قُتلوا في الحادث، وهم أليكسي فيوشين، ويفجيني كوراتاييف، وفياتشيسلاف ليبشيف، وزسيرجي بيشوجين وفلاديسلاف يانوفسكي، قُتلوا خلال اختبارات أجريت على محرك صاروخي يعمل بالوقود النووي.
وتسبب الحادث في انبعاث إشعاعات نووية مرتفعة لفترة وجيزة في مدينة تبعد 25 ميلا عن الحادث، وهو ما أثار قلق خبراء غربيين طالبوا بالتأكد مما حدث.
ومن جانبها أفادت وكالة الأنباء الروسية "تاس" يوم الخميس، أن السلطات في شمال روسيا اكتشفت ارتفاعا طفيفا في مستويات الإشعاع في أعقاب الانفجار.
بالتأكيد، الحادث أثار اهتمام الولايات المتحدة، حيث قام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالتعليق عليه، قائلا عبر "تويتر": "إن انفجار الصاروخ الروسي قد أثار قلق الناس حول الهواء وحول المنشأة وما بعدها. هذا ليس جيدا".
وأشارت شبكة "سي إن إن" الأمريكية إلى أن هناك العديد من الأسئلة التي لم يجدوا لها إجابة حتى الآن حول ما إذا كان قد تم إصدار قرارات جادة في أعقاب هذا الحادث.
ترامب يفجر مفأجاة عن الانفجار النووي في روسيا

فوفقا لموقع "رو 29" الروسي المحلي، أصدرت السلطات الروسية قرارا يقضي بمنع السباحة في منطقة خليج "دفينا" في البحر الأبيض حيث وقع الحادث.
وأثارت الشبكة الأمريكية تساؤلا: "هل هذا الحادث هو تشيرنوبيل الجديد؟"، لترد قائلة إنه لم يتم اكتشاف أي ارتفاع ضخم في معدلات الإشعاع، كما حدث في الدول الإسكندنافية قبل أن يعترف السوفييت بالكارثة التي وقعت عام 1986، لكن السرية التي أحاطت بالواقعة تثير المخاوف من التستر على كارثة.
وتابعت أن هذه الحالة أشبه بحادث وقع قبل 19 عاما، إذ أدى غرق الغواصة الروسية "كورسك" التي تعمل بالطاقة النووية، إلى مقتل أكثر من 100 بحار، وكان كارثة في العلاقات العامة للرئيس بوتين، الذي كان لا يزال حديثا في منصبه.
وحتى الآن يتوفر القليل من المعلومات حول الصاروخ الروسي "9 إم 730"، الذي يعتقد أنه السبب في الحادث، إلا أن بوتين تفاخر في العام الماضي بأسلحة جديدة ادّعى أنها ستجعل الدفاعات الصاروخية الأمريكية بالية.
وقال خلال عرض مقطع فيديو لقدرات الصاروخ: "بما أن مدى هذه الصواريخ غير محدود، فسيكون بإمكانها المناورة ما دام ذلك ضروريا".