السودان يتأهب للإعلان عن أسماء أعضاء المجلس السيادي.. ورفض تام لترشيحات قوى الحرية والتغيير.. وخبير بالشأن السودانى لـ«التحرير»: الوثيقة بادرة أمل وهذه هي التحديات
فى خطوة وصفها المجتمع الدولى بالإيجابية لحل أزمة الخرطوم عقب رحيل عمر البشير عن الحكم، أبريل الماضى، وقع المجلس العسكري الانتقالي في السودان وممثلو المعارضة اتفاق تقاسم السلطة، الذي ينص على تكوين مجلس حاكم انتقالي من المدنيين والعسكريين، ويمهد الطريق نحو انتخاب حكومة مدنية.
وقع "الوثيقة الدستورية"، أول من أمس، كل من نائب رئيس المجلس العسكري محمد حمدان دقلو المعروف باسم "حميدتي"، وممثل تحالف "إعلان قوى الحرية والتغيير" أحمد الربيع، بحضور رؤساء وزراء من مختلف دول العالم، وفى مقدمتهم مصر وإثيوبيا.
الوثيقة الدستورية منحت السيادة للشعب
ومن جهته، قال أيمن شبانة، الخبير بالشئون الإفريقية بجامعة القاهرة: إن هذه الوثيقة الدستورية منحت السيادة للشعب، وأكدت أن جمهورية السودان دولة مستقلة ذات سيادة، ديمقراطية، برلمانية، تعددية، لا مركزية، يسودها حكم القانون، وتقوم فيها الحقوق والواجبات على أساس المواطنة،
الوثيقة الدستورية منحت السيادة للشعب
ومن جهته، قال أيمن شبانة، الخبير بالشئون الإفريقية بجامعة القاهرة: إن هذه الوثيقة الدستورية منحت السيادة للشعب، وأكدت أن جمهورية السودان دولة مستقلة ذات سيادة، ديمقراطية، برلمانية، تعددية، لا مركزية، يسودها حكم القانون، وتقوم فيها الحقوق والواجبات على أساس المواطنة، دون تمييز بسبب العرق، الدين، الجنس، الثقافة، الرأي السياسي، أو غيرها من الأسباب.
الخبير بالشئون الإفريقية أوضح لـ"التحرير" أن هذه الوثيقة أعطت مجلس السيادة صلاحيات واسعة، تكسبه وضعا مهيمنا خلال المرحلة الانتقالية، إذ يتولى اعتماد تعيين رئيس الحكومة وأعضائها، بعد اختيارهم من جانب قوى الحرية والتغيير، واعتماد حكام الأقاليم، عقب تعيينهم من رئيس الحكومة، واعتماد تعيين أعضاء المجلس التشريعي وأعضاء المجلس الأعلى للقضاء ورئيس وأعضاء المحكمة الدستورية، والنائب العام وسفراء السودان بالخارج، وإعلان حالة الطوارئ، وإعلان الحرب بعد توصية من مجلس الأمن والدفاع، ومصادقة المجلس التشريعي.
رفض ترشيحات قوى الحرية والتغيير

واختار التحالف بعد نقاشات مضنية كلا من عائشة موسى وصديق تاور ومحمد الفكي سليمان وطه عثمان وحسن شيخ إدريس، غير أن تلك الترشيحات نالت رفضا واسعا من قبل المجتمع المدنى بالخرطوم، واصفين الأمر بأنه "خرق" لقرار عدم المشاركة المتخذ من التجمع بعدم مشاركة تجمع المهنيين الذي قاد الحراك الشعبي في السلطة الانتقالية.
اقرأ أيضا: تأجيل محاكمة البشير إلى السبت المقبل
وكان التجمع قرر عدم المشاركة في مجلس السيادة ومجلس الوزراء، ليتمكن من ممارسة دور رقابي في المرحلة الانتقالية.
أما بالنسبة لمؤسسات إدارة الدولة، فقد أشار شبانة إلى أنها تضمنت المجلس السيادى، ويضم أحد عشر عضوا، بواقع خمسة أعضاء من المدنيين ومثلهم من العسكريين، بالإضافة لشخصية مدنية، تحددها قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكرى، بحيث يتولى العسكريون رئاسة المجلس السيادى لمدة 21 شهرا، قبل أن تؤول لقائد مدنى خلال الـ18 شهرا التالية، كما تم الاتفاق على تشكيل حكومة تكنوقراط، تختارها قوى الحرية والتغيير، بالإضافة لمجلس تشريعى، بأغلبية من قوى الحرية والتغيير، بحيث يعقد أول اجتماعاته خلال ثلاثة أشهر من إقرار الوثيقة الدستورية.
أولويات عمل الوثيقة
شبانة أثنى على ما حددته الوثيقة بأولويات العمل خلال المرحلة الانتقالية، لتشمل إنهاء الحرب، وتحقيق السلام العادل والشامل، وصياغة دستور دائم للبلاد، وإعادة هيكلة مؤسسات الدولة، وإصلاح النظام القانونى، لضمان استقلال القضاء، وإلغاء القوانين المقيدة للحريات التي تميز بين المواطنين، وتعزيز حقوق النساء والشباب، وتفكيك بنية نظام الإنقاذ، ومحاسبة عناصره على جرائمهم بحق الشعب السوداني، وتشكيل لجنة تحقيق وطنية مستقلة، بدعم إفريقي، للتحقيق في انتهاكات الثالث من يونيو 2019، ومعالجة الأزمة الاقتصادية، وانتهاج سياسة خارجية متوازنة، وعقد مؤتمر قومي دستوري قبل نهاية الفترة الانتقالية.
تحديات

ويرى شبانة أن أكبر العقبات فى طريق المرحلة الانتقالية تتمثل فى أمرين هما: تكوين المجلس التشريعى، وتفكيك دولة الإنقاذ الوطنى، لافتا إلى أنه من المرجح عدم تطبيق اتفاق الرابع عشر من مايو، الذى منح قوى الحرية والتغيير 67% من مقاعد المجلس التشريعى، فى ظل اعتراض الأحزاب السياسية على تلك النسبة، ومطالبتها للمجلس العسكرى بتعديلها، بدعوى أن قوى الحرية والتغيير ليست وحدها فى ميدان الثورة، كما أن تفكيك أركان نظام الإنقاذ يعد مهمة بالغة الصعوبة، نظرًا لتغلغل فلول النظام وعناصر الإخون المسلمين فى مؤسسات الدولة، خلال الأعوام الثلاثين الماضية، والإجراءات المطولة المتوقع أن تستغرقها محاكمة رموز النظام السابق.
هنا حاول المجلس العسكرى وقوى الحرية والتغيير طمأنة القوى المعارضة للوثيقة الدستورية، بشأن عدم وجود أى نوايا إقصائية لديهما، بحسب "شبانة" مشيرا إلى تأكيد الفريق أول عبدالفتاح البرهان رئيس المجلس العسكرى بأنه سيتم حل المجلس بعد تشكيل المجلس السيادى، ونفى وجود تطلعات لأعضاء المجلس للتمسك بالسلطة أو المشاركة فى الانتخابات القادمة، منوها أن قوى الحرية والتغيير حرصت على رأب الصدع داخل التحالف المعارض، فأكدت توافقها مع المجلس العسكرى بشأن صلاحيات ومعايير تكوين المجلس التشريعى، واستمرار تواصلها مع قادة الحركات المسلحة، لإقناعهم بمزايا الوثيقة الدستورية، وأن قوى الحرية والتغيير هى تحالف سياسى قائم ومستمر حتى بعد توقيع الاتفاق، وأنه لن يتم حله، وأن قضية إحلال السلم بالبلاد تعتبر قضية مفصلية لا تراجع عنها، خاصة أنها متضمنة فى شعار الثورة.
بادرة أمل
وعن التوافق بشأن الوثيقة الدستورية أكد أنه يمثل بادرة أمل على طريق المصالحة الوطنية بالسودان، وأنه بمثابة انفراجة سياسية تحتاج إليها البلاد بشدة، لكى يتفرغ ولاة أموره للوفاء بباقى استحاقات المرحلة الانتقالية، وأهمها تحقيق السلام، وتحسين الأوضاع الاقتصادية، والتضامن لأجل استكمال رفع العقوبات الاقتصادية عن البلاد، وصيانة حقوق شهداء ومصابى الثورة، وإعادة بناء الوطن، على أساس العدل والمساواة والمواطنة وعدم الإقصاء، وهو ما يتطلب من الجميع تنسيق المواقف، وحسن إدارة الملفات الخلافية، لأجل بناء السودان الجديد، على أن يظل الشعب السودانى هو الضامن الحقيقى لإنفاذ الاتفاق.
خطوة على طريق الاستقرار
ومن جهته عبر السفير محمد الشاذلي، سفير مصر الأسبق بالخرطوم، عن بالغ سعادته بحالة التوافق الوطنى التى شهدتها الخرطوم خلال الساعات الماضية، مؤكدا على أن توقيع الطرفين للوثيقة الدستورية فى وجود شخصيات من كل دول العالم، بمثابة بداية لوضع السودان على طريق الاستقرار.
وفي تصريح لـ«التحرير»، أشار الشاذلي إلى أن الخرطوم شهد العديد من أعمال الشغب والعنف منذ بضعة أشهر، الأمر الذى جعل من تلك الوثيقة بداية لحقن الدماء، وبمثابة اتجاه قوي من جميع الأطراف لإنهاء حالة الصراع، وتغليب المصلحة العامة على المصالح الشخصية الضيقة، الأمر الذى يزيد من وحدة السودان، خلال الفترة المقبلة.