خلال فترة حكمه نفذ داعش عمليات القتل الجماعي وقطع الرؤوس، وغيرها من الفظائع، حيث تم رجم المتهمين بالزنى حتى الموت، في حين تم إلقاء المتهمين بالمثلية من فوق المباني
منذ أيام قليلة أبلغ سكان أحد المباني في مدينة الرقة، بانبعاث رائحة كريهة من المنزل المجاور للمنزل الذي كان يستخدمه "داعش" كمدرسة لتدريب "أشبال الخلافة"، لم يطأه أحد منذ أن تم طرد المسلحين من المدينة السورية قبل عامين.
وقبل أن تطأ أقدام رجال الإنقاذ الأرض اللينة للفناء، كانوا يعلمون ما كان تحته، حيث تم اكتشاف آخر مقبرة جماعية في الرقة، العاصمة السابقة لخلافة "داعش" المزعومة.
في اليوم الأول من الحفر أخرجوا جثتين في غضون بضعة أيام، كان هناك ما يصل إلى 20 شخصا تقريبا، بمن فيهم نساء وأطفال، كانوا مكدسين في حفرة بحديقة الفناء.
كان الاكتشاف، الذي شاهده صحفيو وكالة "أسوشيتد برس" خلال عطلة نهاية الأسبوع، هو المقبرة الجماعية السادسة عشرة التي عثر عليها في الرقة منذ طرد مقاتلي داعش في صيف عام 2017.
وحتى مع قيام سكان الرقة بإعادة بناء المدينة تدريجيا، فإن المقابر الموجودة في المنازل والحدائق والمباني المدمرة هي ذكرى قاتمة للفظائع
كان الاكتشاف، الذي شاهده صحفيو وكالة "أسوشيتد برس" خلال عطلة نهاية الأسبوع، هو المقبرة الجماعية السادسة عشرة التي عثر عليها في الرقة منذ طرد مقاتلي داعش في صيف عام 2017.
وحتى مع قيام سكان الرقة بإعادة بناء المدينة تدريجيا، فإن المقابر الموجودة في المنازل والحدائق والمباني المدمرة هي ذكرى قاتمة للفظائع التي ارتكبها المقاتلون، والعنف الهائل الذي لحق بالمدينة.
خلال حكمهم، نفذ مقاتلو "داعش" عمليات القتل الجماعي وقطع الرؤوس العامة وغيرها من الفظائع، حيث تم رجم النساء والرجال المتهمين بالزنى حتى الموت، بينما تم إلقاء الرجال الذين يُعتقد أنهم مثليون من فوق المباني ثم رشقوا بالحجارة.
في الوقت نفسه، حدثت المزيد من الوفيات في الحملة الجوية والبرية التي استمرت لسنوات لتحرير الرقة، التي شنتها قوات بقيادة الأكراد مدعومة بغارات جوية من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، وهو الهجوم الذي دمر ما يقرب من 80% من الرقة.
حتى الآن تم استخراج 5218 جثة من مقابر جماعية أو من تحت أنقاض المباني المدمرة حول الرقة، وفقا لياسر خميس، الذي يقود فريقا من رجال الإغاثة.
وقال خميس إن من بين هؤلاء نحو 1400 من مقاتلي داعش، يمكن تمييزهم بملابسهم ومن بينهم بعض الأجانب، وتم التعرف على 700 من القتلى الآخرين بواسطة أقربائهم.
وأضاف أن الموارد المحدودة أبطأت عملية البحث وجعلت من الصعب تحديد سبب الوفاة بالنسبة لمعظم الناس، لكن القتلى لقوا حتفهم في غارات جوية أو انفجارات لغم أرضي أو عمليات قتل جماعي أو كانوا من مقاتلي داعش أو الضحايا الذين دفنتهم المجموعة، حيث تم استخراج بعض منها مقيدا بالأصفاد.
من المحتمل أن يكون القتلى الذين عثر عليهم في المقبرة الجماعية الأخيرة قد قُتلوا في الأيام الأخيرة من المعارك العنيفة على الرقة، حيث دفنوا سريعا أثناء القتال، حيث كان المنزل الذي يقع في المنطقة البدوية من الرقة، قد شهد أحد آخر معارك داعش ضد الحصار.
باقية وتتمدد.. لماذا لم ينته خطر «داعش» بالكامل؟

تقول الوكالة إنه تم بناء المنزل على الطراز العربي التقليدي، مع فناء في الوسط محاط بالغرف، وكانت ثقوب الرصاص تغطي الجدران الخارجية للمنزل الذي استخدمها "داعش" كمدرسة أثناء حكمه، حيث كانت دفاتر الملاحظات المدرسية، ومقاعد الأطفال منتشرة حول الغرف.
في الحديقة في الفناء، سحب الحفارون جثة جديدة من الأرض، يوم السبت الماضي، كان الجثمان يرتدي زيا موحدا، في إشارة لكونه أحد مقاتلي داعش، وانتهى الحفر يوم الإثنين، حيث تم العثور على 19 جثة، من بينها ثلاث نساء وطفلان.
وقال إبراهيم المايل، حفار، إن العديد من الجثث التي عثروا عليها كانت مكدسة فوق بعضها البعض على الأرض.
وتمثل هذه المدافن المنزلية، نموذجا لمعظم المقابر الجماعية في المدينة حيث قام المدنيون بدفن موتاهم حيث استطاعوا، غير قادرين على الذهاب بعيدًا مع اشتداد القتال، وكانت تضم مقابر أخرى في نفس الحي، اثنتان منها داخل المنازل، واثنتان في الحدائق، تسعين جثة.
وتم العثور على مقبرتين جماعيتين على الأقل في المناطق المفتوحة في المدينة، في حديقة عامة ومجمع تدريب، أو على أطراف المدينة، حيث دفن المقاتلون زملاءهم، أو الأشخاص الذين قتلوهم.
قال خميس إن القبر الموجود في الحديقة كان يحمل 1400 جثة على الأقل، ما زال فريقه يستخرج الجثث من مقبرة جماعية خارج المدينة، حيث عثروا على أكثر من 700 منها حتى الآن.
وفي حديثه عن المقبرة الجماعية الأخيرة، أضاف خميس: "أتوقع أن يكون هذا المنزل العربي هو آخر موقع داخل المدينة، سنركز بعد ذلك على الريف".
وكانت الرقة مقر الخلافة التي أعلنها التنظيم الإرهابي، والتي امتدت في أوجها خلال عام 2014، عبر ثلث سوريا والعراق، إلا أن هذا العام، شهد استعادة آخر قرية يسيطر "داعش" عليها، في شرق سوريا، على الرغم من أن المقاتلين ما زالوا موجودين على طول الحدود، ويشنون هجمات متفرقة.
في الحرب الأهلية التي استمرت 8 سنوات في سوريا، تم اعتقال أو اختطاف أو اختفاء أكثر من 100 ألف شخص، وفقًا للأمم المتحدة، اخفت الحكومة معظمهم، ومن المحتمل أن يكون عشرات الآلاف منهم قتلوا ودفنوا في مقابر جماعية، وكثير منهم على يد داعش.
بعد اختياره خليفة.. هل ينجح «الأستاذ» في إحياء داعش؟

وقال خميس إن فريقه سجل ألفي شخص من الرقة في عداد المفقودين، بناءً على تقارير عائلية، لكنه أضاف أن الرقم لا يعكس الواقع الكامل، لأن العديد من العائلات فقدت الأمل في البحث عن المفقودين، ولم تتمكن من الوصول إلى فريق خميس، أو انتقلت إلى مناطق أخرى.
وأشارت "أسوشيتد برس" إلى أن فريقه بدء في جمع عينات من الجثث قبل ثلاثة أشهر، على أمل أن تكون تقنيات الكشف عن الحمض النووي متاحة مستقبلا، للمساعدة في التعرف عليها.
وهذا يعني أن 1600 جثة فقط من أصل 5200 تم العثور عليها، أخذت عينات منها قبل إعادة دفنها، وأكد خميس "نحتاج لأكثر من ذلك بكثير".
في مكاتبه في الرقة، تم وضع العلامات على الأكياس البلاستيكية التي تحمل عينات من العظم أو الأسنان أو الشعر وتحديد موقعها ورقمها.
وأشارت "أسوشيتد برس" إلى أن جماعات حقوق الإنسان الدولية أعربت عن قلقها من أن جماعات الطب الشرعي المحلية لا تحصل على الدعم والخبرة والموارد التي تحتاجها، مشيرين إلى أن تحديد الأدلة المفقودة والمحافظة عليها للمحاكمات المحتملة أمر بالغ الأهمية لمستقبل سوريا.
وقال الهويدي منواخ، أحد حفاري القبور: "أسوأ شيء رأيته في حياتي عند هذه القبور هو رجل كان يبحث عن طفله، ولم يتمكن من العثور عليه".
وأشار منواخ إلى أنه عمل في تسع من المقابر الجماعية في الرقة، وأخرج من إحداها واحدة من بنات عمومته، وكانت قد قتلت في غارة جوية خلال المعارك الأخيرة في المدينة.