أعلنت حركة النهضة ترشيح زعيمها راشد الغنوشي لرئاسة الحكومة المقبلة، إلا أنها لم تتوصل إلى اتفاقات مع الكتل البرلمانية لتتراجع وتعلن ترشيح الغنوشي لرئاسة البرلمان
حَول راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة الإسلامية في تونس وجهته من رئاسة الحكومة المقبلة إلى رئاسة البرلمان التونسي، بعد انتخابه رئيسا للبرلمان لخمس سنوات مقبلة بـ123 صوتا من أصل 217، بعد دعم حركة "قلب تونس" له.
وترقب التوانسة رئيس البرلمان الجديد وسط التوقعات الأولية التي أشارت إلى أن حظوظ زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي، في الفوز بهذا المنصب، والتي أصبحت واقعية، بعد مفاوضات الساعات الأخيرة، التي أفضت إلى توافق غير منتظر بين حزب "حركة النهضة" (52 مقعدًا) وحزب "قلب تونس" (38) ومعهما كتلة ائتلاف الكرامة (21 مقعدا) وكتلة الإصلاح الوطني (16 مقعدا).
جاء هذا التوافق من أجل التصويت للغنوشي لقيادة البرلمان، على أن تتولى القيادية في حزب "قلب تونس" سميرة الشواشي منصب النائب الأول لرئيس البرلمان.
من الحكومة إلى البرلمان
وتسعى حركة النهضة إلى منصب سيادي بعد أن حققت في أكتوبر الماضي فوزًا في الانتخابات البرلمانية، لكنه غير كافٍ لتأليف الحكومة بمفردها،
جاء هذا التوافق من أجل التصويت للغنوشي لقيادة البرلمان، على أن تتولى القيادية في حزب "قلب تونس" سميرة الشواشي منصب النائب الأول لرئيس البرلمان.
من الحكومة إلى البرلمان
وتسعى حركة النهضة إلى منصب سيادي بعد أن حققت في أكتوبر الماضي فوزًا في الانتخابات البرلمانية، لكنه غير كافٍ لتأليف الحكومة بمفردها، إذ فرضت النتائج التي أعلنتها هيئة الانتخابات المستقلة ضرورة الدخول في تحالفات وتشكيل ائتلاف عريض مع عدة كتل لضمان الأغلبية ونيلها ثقة مجلس النواب.
وبعد الإعلان عن فوزها بالانتخابات أعلنت حركة "النهضة" ترشيح زعيمها راشد الغنوشي لرئاسة الحكومة المقبلة، خلفًا للحالي يوسف الشاهد؛ إلا أنها لم تتوصل إلى اتفاقات مع الكتل البرلمانية الفائزة؛ لتتراجع خطوة إلى الوراء، وتعلن ترشيح "الغنوشي" لرئاسة البرلمان.
الغنوشي أم العريض.. من يرأس حكومة «النهضة» التونسية؟
الانتخابات التشريعية أفرزت مشهدًا معقدًا بعد فشل كل الأطراف في الحصول على أغلبية تخولها تشكيل حكومة، وهذا طبعًا يتطلب تكوين تحالفات.
وأفضت الانتخابات التشريعية إلى ما وصفه مراقبون بـ"الزلزال الانتخابي"، إذ تشتت أصوات الناخبين بين العائلات السياسية التي تقدمت للانتخابات.
وكانت الكتل المرشحة للتحالف مع النهضة قد رفضت تولي الغنوشي رئاسة الحكومة، على غرار التيار الديمقراطي (ديمقراطي اجتماعي 22 مقعدًا)، وحركة الشعب (قومية ناصرية 15 نائبًا)، وحركة تحيا تونس (14 نائبًا)، حيث تطالب بترشيح إحدى الشخصيات المستقلة لقيادة الحكومة الجديدة.
وفيما يتعلق بقرار مجلس شورى النهضة بترشيح الغنوشي للمناصب الرسمية، يقول المحلل السياسي التونسي محمد هدية: "إن ذلك يأتي رغبة من مؤسسات الحركة لإتاحة فرصة طالما سعى إليها الرجل، وتتعلق بتولي مسؤولية عليا بعد مسار سياسي طويل امتد منذ تأسيس الحركة".
بعد الإضراب.. هل ينتصر «التوانسة» على صندوق النقد؟
ويعتقد المحلل المختص بالشأن التونسي، أن المناخ السياسي الحالي قد يكون ممهدًا أكثر من أي وقت مضى لكي "يبرز راشد الغنوشي في قيادة البلاد من مسؤولية عليا".
في المقابل يشير المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي "هناك أحزاب تعتقد أن حركة النهضة مرفوضة بشكل واسع من السياسيين ومن جزء كبير من الرأي العام. هي تخشى أن يجر التحالف مع النهضة تراجعا في شعبيتها وقيمتها السياسية".
وتستند هذه الخشية من خلال تجارب الحزب الماضية في الحكم خصوصا خلال 2013 والأزمة السياسية التي اندلعت في البلاد أثر اغتيالات سياسية انتهت بتخلي النهضة عن الحكم.
تضاف إلى ذلك حصيلة التحالف مع حزب "نداء تونس" في الحكم التي لم تكن مرضية لعموم التونسيين بسبب عدم ظهور بوادر الانفراج الاقتصادي الذي يريده التونسيون، حسب "فرانس برس".
أول منصب رسمي
وهذه أول مرة يتولى الغنوشي منصبا رسميا منذ عودته إلى تونس من منفاه الذي استمر لأكثر من عقدين.
وهذا المنصب يأتي في نهاية حياة سياسية سيغادر فيها الغنوشي رئاسة الحزب، في المؤتمر الحادي عشر، المزمع عقده في مايو المقبل، حسب القانون الداخلي للحركة، وسط تململ داخلي في صفوف قيادات الحزب ممن يعتبر بعضها أن الغنوشي "أب الديمقراطية" في التيارات الإسلامية لم يكن ديمقراطيا داخل الحركة.
سياسية أم صحية| عودة بن على تثير جدلا وتقسم التوانسة
والغنوشي من مواليد يونيو 1941 بولاية قابس، ويعتبر سياسيّا ومفكرًا إسلاميًّا، ويتولى زعامة حركة "النهضة" أكبر الأحزاب التونسية، كما أنه مساعد الأمين العام لشؤون القضايا والأقليات في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ونائب رئيسه، إلى جانب عضويته في مكتب الإرشاد العام العالمي لجماعة الإخوان المسلمين.
وعاش الغنوشي في المهجر بالعاصمة البريطانية لندن بعد نفيه منذ بداية التسعينيات إلى أن عاد بعد الثورة التونسية والإطاحة بنظام زين العابدين بن على أثر ثورة شعبية.
وكون الغنوشي قاعدة الحركة الإسلامية في تونس في عام 1980، وحملت اسم "حركة الاتجاه الإسلامي"، وقدم طلبًا في بداية 1989 بأن تصبح "قانونية" قبل أن يغير اسمها لاحقًا لحركة "النهضة"، لكن السلطات الحاكمة رفضت الطلب في منتصف العام ذاته.
وحوكم الغنوشي عدة مرات على يد نظامي الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي، وحوكم مرتين عامي 1981 و1987، وحكم عليه مرة بالسجن 11 عامًا وأخرى مدى الحياة، كما حوكم غيابيًّا عامي 1991 و1998، وأصدر بحقه حكمان بالسجن مدى الحياة أيضًا بتهم عدة من بينها "التآمر على رئيس الدولة" والتورط بأعمال "إرهابية".
وبعد سقوط نظام بن علي، عاد الغنوشي إلى تونس في 30 يناير2011، وكان في استقباله الكثير من مؤيديه ومؤيدي حزب النهضة.
وقال ناطق باسمه آنذاك إن الغنوشي "يدرك جيدا أنه لن يترشح لأي انتخابات ولن يترشح لأي منصب سياسي"، كما أعلن سعيه لتسليم قيادة الحركة لجيل جديد من الشباب.
برلمان تونس.. سقوط حزب الرئيس الراحل وتزوير إخواني
لكنه منذ ذلك الحين، أصبح واحدا من أهم اللاعبين في المشهد السياسي التونسي، وتحالفت حركة النهضة بقيادته مع حركة نداء تونس لصياغة الدستور الجديد ما بعد الثورة.