نفسي الأمَّارة بالشعر والحب!
د. مجدي العفيفي
٢٩ ديسمبر ٢٠١٩ - ٠١:٥٥ م
أرشيفية
مع أن الشعر ليس حماماتٍ نُطيِّرُها فوقَ السَّماء، ولا نايًا وريحَ صبا.. لكنَّهُ غضبٌ طالت أظافرُهُ.. ما أجبنَ الشِّعر إن لم يركبِ الغضبا، طبقا لنزار قباني، ومع أن قصائدنا بلا لون بلا طعمٍ بلا صوتِ، إذا لم تحمل المصباح من بيتٍ إلى بيتٍ! وإن لم يفهم البُسَطا معانيها فأولى أن نُذَرّيها ونخلدَ نحنُ للصمتِ، تناغما مع توصيف محمود درويش: ومع أنه فمُ الشُّعورِ.. وصرخةُ الرُّوحِ الكئيبْ كما يقول أبو القاسم الشابي، وإن أحسن بيت أنت قائله بيتٌ يقال إذا أنشدتَه صدقا للشاعر حسان بن ثابت..
أقول قولي هذا والقلب مع نهاية عام 2019 يستعيد عبير أنفاس من بعض ما خبأته الأحداث والحوادث تحت ركامها فاختلط الحريق بالبريق بالرحيق، وفي لحظات رحيل عام بما له، وهو قليل، وما عليه وهو كثير..
نبضات من قلب يقاوم.. بقايا نفحات من نفس أمارة بالحب.. لفحات من فكر لا يشتعل شيبا وإن اشتعل الرأس والعمر..
أقول قولي هذا والقلب مع نهاية عام 2019 يستعيد عبير أنفاس من بعض ما خبأته الأحداث والحوادث تحت ركامها فاختلط الحريق بالبريق بالرحيق، وفي لحظات رحيل عام بما له، وهو قليل، وما عليه وهو كثير..
نبضات من قلب يقاوم.. بقايا نفحات من نفس أمارة بالحب.. لفحات من فكر لا يشتعل شيبا وإن اشتعل الرأس والعمر.. بعيدا بعيدا عن ثرثرة الأيام والسياسة والإعلام والميديا ووجع الدماغ من أشياء مهلكة ومستهلكة!
(1)
لن تقتطفوا مني عسلا
فهو.. لا يمتص رحيقا
(2)
نوري اسمي وهجا من نارك
بعض حريري أمضى من كل حديدك
نفحاتي أقوى من لفحاتك
ونسيمي أعنف من إعصارك
حرفي أقوى من سيفك
صوتي أعلى من سوطك
صمتي أبلغ من جهرك
سيفك يصدأ حتى لو أزهق
قلمي يبرئ من تُـزهق
فأنا الأطول عمرا.. وأنا الأقوى أثرا..
عملاق أنت؟ نعم
لكن.. عرشك يهتز بكلمة
كرسيك ينهار بكلمة
وسلاحك يركع من كلمة
(3)
يتنــزل نـــورك يا ســيدتي
يخرجني من صدع الرجـفة!
ويدثـــرني ويزملنـــــي..
يدخلني ملكوت اللـهـفـة!
ويلملمنـــــي.. ويرتـــــلني..
يقرؤني أصداء الــرأفـة!
ويزمـزمني.. ويطـــوف بـي..
وأنا بين الرجم وبين اللــثم..
أسعى.. أصفو.. أهفو..
بأثير صاغته ذبذبة الرحمة!
(4)
أتظن يا «حــجـَّـاج» أن رؤوســـنا
قد أينـعـت أيضـا وحــــان قطــافــــهـا؟
أتظــــن أنــك يا «ابـن يوســــف»
خالــع منا القلوب وقاطع أطرافــــها؟
أتظن يا «ابن جلا وطلاع الثنايا»
لو وضعت لنا العمامة سوف نخشى عرفها؟
إنا نضجنـــا يا رجــل..
يا كذبة أموية لم تكتمل!
نحن الذين نصنــعك..
في الصـــبح.. ننفخ روحنا في هيكلك!
في الظهـــر.. نعبـد مظـــهــرك!
أما المســــاء.. فنأكلك
وإذا أردنا أن تعيش نقول لك:
«ما شـئت، لا ما شــاءت الأقـــدار
فاحكــم فأنـت الواحــد القـهـار»!!
(5)
نُبئــت -حبيبــة روحي- أنــك لي
كلفـــت.. بحبـــك!
عُلمـت طــويلا كيف أحبك.
لكنــــي.. داهـمــــت الشــــجرة
وقربـــت الـــثـــمــــــرة
فهبطنــا.. لا نعلـــم شـــيئا
وأفقــــنـــــا.. لا نعــــرف إلا:
أنك حــوائي المـفقـــودة
وأنـا آدمـــــك الأبـــدي!!
(6)
كلما أغرس نبتا
كلما أنتج حرثا
كلما أحصد زرعا
كلما أسمن ضرعا
تزأر السبع العجاف!!
تسمن السبع العجاف!!
كلما أشرع للحب نوافذ
كلما أفتح للحق منافذ
كلما أوسع للنور مواقع
كلما أرفع للشمس مطالع
تطفئ الريح مصابيحي
وتغتال صباحي
والضحى والليل حتى مطلع الفجر
الذي يمسي نذيـرا وجمودا
ووعيدا ورعودا
(7)
حتى متى ستظل تحكمنا القـبور؟!
وتظـــل تَنهشُــنــا الجثـث؟!
وإلى متى سيطن في آذاننا وقـر الجيف؟!
وإلام تـــلك الرائـــحــــة..
ستــظل تزحــف في شــــرايين المصــير؟!!
(8)
اذكريني..
كلـما لامسـتْ روحَـك أنوارُ الجلال
واذكـريني كلمــا «آنـسـتِ نارًا»
واذكريني كلما قلتُ «امـكـثوا»
واذكريني.. كلما جن عليك الليلُ شمسا وضحاها
واذكـريني.. كلمــا طــاف عليــكِ
طائفٌ يحمـل مني ذبذبات الشــوقِ
في قلـب تغـشّـاه الجمالْ