أدان خصوم ترامب مخاطر التصعيد مع إيران، وقال جو بايدن النائب السابق للرئيس والمرشح للانتخابات التمهيدية للديمقراطيين إن "ترامب ألقى للتو أصبع ديناميت في برميل بارود".
لا تزال تداعيات مقتل قاسم سليماني قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني ، تلقي بظلالها على المشهد السياسي، حيث دخل سليماني للمرة الأخيرة دائرة الضوء، بعد مقتله فجر الجمعة في عملية أمريكية استهدفت سيارته التي كان يستقلها بالقرب من مطار في العاصمة العراقية بغداد.
وقال الكونجرس الأمريكي "إن سليماني قتل بأمر من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب".
حيث كان سليماني من الأسماء الإيرانية البارزة المتهمة بالإرهاب من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، والتي أكدت مسؤوليتها في عملية قتله.
وتوالت ردود الأفعال بعد مقتل قاسم سليماني، وتباينت المواقف على المستوى العربي والدولي، فبينما دعت غالبية العواصم إلى الهدوء لتجنب التصعيد، رأى البعض في العملية "حق الولايات المتحدة في الدفاع عن نفسها"، ووصف آخرون العملية الأمريكية "بالاعتداء الغاشم".
انقسام أمريكي
انقسمت ردود الأفعال الأمريكية بين التأييد
وتوالت ردود الأفعال بعد مقتل قاسم سليماني، وتباينت المواقف على المستوى العربي والدولي، فبينما دعت غالبية العواصم إلى الهدوء لتجنب التصعيد، رأى البعض في العملية "حق الولايات المتحدة في الدفاع عن نفسها"، ووصف آخرون العملية الأمريكية "بالاعتداء الغاشم".
انقسام أمريكي
انقسمت ردود الأفعال الأمريكية بين التأييد والرفض، فبينما سارع الجمهوريين إلى تأييد الرئيس دونالد ترامب الذي أمر بالغارة، تصاعدت أصوات ديمقراطية منتقدة للعملية بمن فيهم منافسه المحتمل في الانتخابات الرئاسية جو بايدن.

وقال السناتور الجمهوري النافذ ليندسي جراهام أحد حلفاء ترامب المقربين "أنظر بتقدير إلى العمل الشجاع للرئيس دونالد ترامب ضد العدوان الإيراني".
وقال السيناتور الجمهوري ماركو روبيو إن "التحركات الدفاعية التي تقوم بها الولايات المتحدة ضد إيران ووكلائها تطابق مع التحذيرات الواضحة التي تلقوها، لكنهم اختاروا تجاهل هذه التحذيرات لأنهم يعتقدون أن انقساماتنا السياسية الداخلية تمنع رئيس الولايات المتحدة من التحرك".
وأضاف "لقد أساؤوا التقدير"، أما السناتور الجمهوري توم كوتون، فقد رأى أن الجنرال سليماني "نال ما يستحقه".
أما المعسكر الديمقراطي، فقد أدان خصوم ترامب القصف ومخاطر التصعيد مع إيران، وقال جو بايدن النائب السابق للرئيس والمرشح للانتخابات التمهيدية للديمقراطيين إن "ترامب ألقى للتو أصبع ديناميت في برميل بارود وعليه أن يقدم توضيحات للشعب الأمريكي"، مؤكدا أنه "تصعيد هائل في منطقة خطيرة أساسا".
من جهته، أكد بيرني ساندرز المرشح الآخر للانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي أن "التصعيد الخطير لترامب يقربنا أكثر من حرب كارثية أخرى في الشرق الأوسط".

وأضاف السيناتور المستقل أن "ترامب وعد بإنهاء الحروب التي لا تنتهي لكن عمله هذا يضعنا على طريق حرب أخرى".
ضبط النفس
طالب عدد من قادة الدول في العالم، بضبط النفس وعدم التصعيد، بعد مقتل سليماني، في عملية تثير مخاوف من نزاع مفتوح بين واشنطن وطهران.
نبدأ من فرنسا، حيث دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون "كل الأطراف إلى ضبط النفس"، وأعلن قصر الإليزيه أن الرئيس ماكرون سيبقى على "اتصال وثيق" مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين لمتابعة الوضع في العراق "وتجنب تصعيد جديد خطير للتوتر".
كما دعت فرنسا إلى إحلال الاستقرار في الشرق الأوسط بعد مقتل الجنرال سليماني، معتبرة على لسان وزيرة الشؤون الأوروبية في حكومتها أميلي دو مونشالان أن "التصعيد العسكري خطير دائما".

الصين أيضا دعت إلى ضبط النفس من جميع الأطراف وخصوصا الولايات المتحدة، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية جينغ شوانج "نحض الأطراف ذات الصلة، وخصوصا الولايات المتحدة، على الحفاظ على الهدوء وممارسة ضبط النفس لتجنب المزيد من تصعيد التوتر".
قلق وحذر
ودعت الحكومة الألمانية إلى التهدئة في أعقاب مقتل قاسم سليماني، وقالت أولريكه ديمر، نائبة المتحدث باسم الحكومة الألمانية اليوم الجمعة: "نتابع بقلق بالغ الأنشطة الإقليمية لإيران".
وأضافت "نحن نمر بنقطة تصعيد خطيرة والمهم الآن هو أن يسهم التعقل وضبط النفس في التهدئة".
وتجنبت المتحدثة في رد على سؤال توجيه نقد مباشر لتصرف الحكومة الأمريكية، وقالت إن "التصرف الأمريكي هو رد فعل على سلسلة من الاستفزازات العسكرية التي تتحمل إيران المسؤولية عنها، وأُذكر هنا بالهجمات على ناقلات النفط في مضيق هرمز ومنشآت النفط السعودية".
ولم توجه ألمانيا حتى الآن دعوة إلى رعاياها لمغادرة العراق على غرار ما فعلت الولايات المتحدة، كما لم تصدر الخارجية الألمانية أية تفاصيل تتعلق بتداعيات محتملة للأحداث الجارية على عمل السفارة الألمانية في بغداد.

كما حذرت وزارة الخارجية التركية من تصاعد التوترات في منطقة الشرق الأوسط، داعية جميع الأطراف إلى توخي الحذر، والامتناع عن اتخاذ أي خطوات من جانب واحد يمكن أن تعرض السلام والاستقرار للخطر.
على المستوى العربي أيضا، ذكرت وزارة الخارجية المصرية في بيان لها إنها تتابع التطورات في العراق بقدر كبير من القلق، ودعت إلى تفادي أي تصعيد جديد.
وقال البيان: "بقدر كبير من القلق، تتابع وزارة الخارجية التطورات المتسارعة للأحداث في العراق، والتي تنذر بتصعيد للموقف من الأهمية تجنبه، ولهذا فإن مصر تدعو لاحتواء الموقف وتفادي أي تصعيد جديد".
كما طالبت السعودية والإمارات بضبط النفس وعدم التصعيد، وقال مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السعودية: "مع معرفة ما يتعرض له أمن المنطقة واستقرارها من عمليات وتهديدات من قبل الميليشيات الإرهابية تتطلب إيقافها، فإن المملكة وفي ضوء التطورات المتسارعة تدعو إلى أهمية ضبط النفس لدرء كل ما قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع بما لا تحمد عقباه".
خرق السيادة
وفي البلد الذي شهد مقتل سليماني، أدان رئيس حكومة تصريف الأعمال العراقية عادل عبد المهدي، الجمعة، اغتيال قاسم سليماني، داعيا البرلمان إلى عقد جلسة طارئة لاتخاذ القرارات التشريعية الضرورية في إشارة إلى التصويت على إخراج القوات الأمريكية من البلاد.
واعتبر عبد المهدي أن "القيام بعمليات تصفية ضد شخصيات قيادية عراقية، أو من بلد شقيق على الأرض العراقية، يعد خرقا سافرا للسيادة، واعتداء صارخا على كرامة الوطن، وتصعيدا خطيرا يشعل فتيل حرب مدمرة في البلاد والمنطقة والعالم".
وقال عبد المهدي في بيان، "ندين بأقصى درجات الإدانة والاستنكار، إقدام الإدارة الأمريكية على عملية اغتيال الشهيدين الحاج أبي مهدي المهندس، والحاج قاسم سليماني، وشخصيات عراقية وإيرانية أخرى" ، على حد وصفها.
كما عقب حسن نصرالله، الأمين العام لحزب الله اللبناني، على مقتل اللواء قاسم سليماني، قائلا: "أغبطه على هذه الشهادة".

جاء ذلك في شريط عاجل نشرته قناة المنار التابعة لحزب الله، حيث قال نصرالله: "أغبطه على هذه الشهادة العظيمة وهذه العاقبة.. نحن الذين بقينا بعده سنكمل طريقه وسنعمل لنحقق أهدافه وسنحمل رايته في كل الساحات.. القصاص العادل من قتلة المجاهدين سيكون مسؤولية وامانة وفعل كل المقاومين".
وأضاف نصرالله قائلا: "القتلة الأمريكيون لن يستطيعوا أن يحققوا أياً من أهدافهم بجريمتهم الكبيرة هذه".
كما أدانت الحكومة السورية الحادث.
طبول الحرب
صحيفة "الإندبندنت"، تناولت تحذيرات من الحرب بينما تتوعد إيران بالانتقام من الولايات المتحدة، حيث يخشى الدبلوماسيون تصعيد الموقف في الوقت الذي يرسل فيه ترامب الآلاف من القوات الإضافية إلى المنطقة.
تحت عنوان "طبول الحرب بين واشنطن وطهران"، ذكرت صحيفة "فايننشال تايمز" أن الغارات الجوية التي أمر بها ترامب جعلت الولايات المتحدة وإيران على أبواب الحرب.
كتبت صحيفة "لوفيجارو" تحت عنوان "عمل حربي"، أن "التاريخ علّمنا أن بعض الاغتيالات يمكن أن تُشعل النار بين الأمم، وتمثّل تصفية الجنرال قاسم سليماني بأمر من ترامب على أي حال تصعيدا كبيرا في "حرب الظل" التي تخوضها الولايات المتحدة وإيران بالوكالة في جميع أنحاء الشرق الأوسط".
