بعد أزمة الكورونا، ظهرت ملائكة الرحمة من جديد "الممرضات"، وقررن التضحية بأرواحهن من أجل إنقاذ البشرية، متسلحات بالإرداة واليقين، أن هذا الوباء سينتهي قريبًا.
تمتلك المرأة أسلحة نادرة، خلقت خصيصًا من أجلها، فتتألم من أجل راحة الجميع دون أن يتملكها التعب، فهل يتميز هذا الكائن بروح فولاذية، جعلته مستقبلا جيدا للألم؟من المثير للدهشة أن المرأة تحب ارتداء ثوب التضحية، وتغزل من عمرها راحة وأمانًا لأولادها، كما أنها الزوجة التى تقف بجوار شريكها، وتساعده فى تخطى متاعب الحياة، وهى الجدة التى تمنح أحفادها قصصًا لا تنتهى، وتظل آثارها باقية فى قلوبهم مهما مرت الأيام، ورغم أن البعض يراها «ناقصة»، فهذا النقص هو سر الكمال، فهى بمثابة «وتد البيت» ودونها سينهار كل شىء.
وفى الآونة الأخيرة أطل علينا «ملائكة الرحمة» وهن الممرضات، اللاتى لا يمتلكن سوى الابتسامة، فى وقت تستعد كل منهن للموت، نتيحة انتشار فيروس «كورونا» الوبائى، فماذا لو حكمت النساء العالم؟المرأة أدارت العالم منذ الحرب العالمية الأولىعلى مر الأزمنة المختلفة لعبت المرأة دورًا حيويًّا -بعيدا عن قضية المساواة
وفى الآونة الأخيرة أطل علينا «ملائكة الرحمة» وهن الممرضات، اللاتى لا يمتلكن سوى الابتسامة، فى وقت تستعد كل منهن للموت، نتيحة انتشار فيروس «كورونا» الوبائى، فماذا لو حكمت النساء العالم؟
المرأة أدارت العالم منذ الحرب العالمية الأولى
على مر الأزمنة المختلفة لعبت المرأة دورًا حيويًّا -بعيدا عن قضية المساواة بين المرأة والرجل التى لن تنتهى- ولعل البداية كانت فى الحرب العالمية الأولى، فوفقًا لـ«IWM»، قررت المرأة النزول لساحة العمل، لبناء الوطن من جديد، فشكلن جزءًا كبيرًا من القوى العاملة الصناعية، ورغم التركيز بشكل رئيسى على صناعة المنسوجات، فإنه عندما اشتدت الحاجة إلى الأسلحة والذخائر، تم إدخال النساء فى صناعتها بأعداد كبيرة، كما خدمت أول ضابطات شرطة خلال الحرب العالمية الأولى، وفى هذه الفترة، كانت توجد فرق كرة قدم خاصة للنساء، وأشهرها فرقة «Dick, Kerr Ladies F.C» فى بريستون، مدينة بريطانية.
حديثًا، حملت المرأة لقب «الإسترونج إندبندنت وومان»، لأنها شغلت مناصب كانت مقتصرة على الرجال فقط، وحتى القضاء أصبحت عضوًا بارزًا فيه، فلا يعنى امتلاكها لعاطفة تسيطر عليها، أنها ستفشل فى إدارة أمور الحياة، وذلك وفقًا لما تؤمن بعض المجتمعات الذكورية التى تعتمد على العنف فى التعامل معها، وبخاصة العنف المنزلى والتحرش، فضلًا عن قضايا الاغتصاب التى ملأت المحاكم، فينتهكونها نفسيًّا وجسديًّا، وينعتونها بــ«الناقصة»، وما زال يوجد أشخاص، يرغبون فى تقييد المرأة بسلاسل من كلمات مهينة.
المرأة فى الحرب البيولوجية
يهتز العالم أجمع الآن لأول مرة منذ عقود عديدة، نتيجة تفشى فيروس الكورونا الوبائى، الجميع وقف عاجزًا أمام فيروس ضعيف، وأصبحت الأموال لا قيمة لها، والقصور الفارهة لا تحمى، فها هو الأمير تشارلز أصيب بالكورونا، وذلك رغم أنه يعيش فى ممكلة خاصة به، كما أن رئيس الوزراء البريطانى بوريس جيمسون كان له نصيب من كلامه «ودعوا أحباءكم»، فأعلن عن إصابته بالكورونا منذ أيام قليلة، أما الأطباء فهم الجنود الآن، لا شىء ينفع سوى العلم والأبحاث.
وبالنسبة لملائكة الرحمة «الممرضات»، تحولت حياتهن بشكل كبير، وجسد العالم مشاهد إنسانية عن دور بطولة غير مسبوق، وظهر ذلك بداية من الصين، عندما قضت الممرضات الليل بطوله فى المستشفيات، يرتدين ملابس وقائية ثقيلة، تغطى أعينهن، تركت لهن جروحا بالغة، ومع ذلك قابلن ذلك بالسعادة والابتسام، ومن أحد المشاهد المؤلمة، عندما تبادلت ممرضة مع طفلتها «عناق هوائى»، خوفًا من انتقال العدوى إليها، فقد حُرمن من أطفالهن فى سبيل الوطن.
ومن الصين لإيطاليا، تعانى مدينة السحر والجمال من الآلام البالغة، وتعزف البندقية سيمفونيات الوداع، والجميع يعيش فى قلق، فأصبح الأطباء يقررون من يعيش ومن يموت، وذلك يشبه أيام الحروب، أما الممرضات فلا يجدن شيئًا سوى التضحية بكل ما يملكن، فتداولت مواقع التواصل الاجتماعى صورًا لبعضهن يبكين من قلة الحيلة، ولكن قررن البقاء فى ساحة المعركة، متمسكات بالأمل، ووصلت التضيحة أن ممرضة قررت الانتحار، بعد إصابتها بالكورونا، خوفًا من انتقال العدوى.
وفى مصر، أشاد الجميع بالدور البطولى الذى يقوم به الأطباء والممرضات، ولكى نعيش معهن الوضع، قررنا التواصل مع إحداهن.
قالت «أسماء» التى تعمل فى مستشفى الحوامدية العام لـ«التحرير»: «لازم أستحمل عشان أنا لو خفت وكل واحدة فينا خافت مش هيبقى فى أمان للناس خالص»، مشيرة إلى أنه يتم تحويل حالات الإصابة بفيروس كورونا سريعًا إلى «الحميات»، لتلتقط منها زميلتها «نجاة» طرف الحديث، مؤكدة: «رغم حملى، ومناعتى الضعيفة، لازم أشتغل»، مضيفة: «ساعات مش بنلاقى مواصلات نروح أيام الحظر».
وعلقت «سمر» من مستشفى بنها الجامعى: «بنشتغل 24 ساعة، وفى ناس مش بيروحوا بيوتهم، خاصة بعد موضوع الحجر الصحى، ولكن الصعوبات اللى بنقابلها بتكون فى نقص الإمكانات والماسكات، والواحد مش همه حياته، ولكن الأهل والعائلة ملهمش أى ذنب إننا ننقل ليهم العدوى، بنروح خايفين، وبنبقى عايزين نحبس نفسنا فى أوضة ونقعد لوحدنا، ومنختلطش بيهم»، ورغم الضغوط وخوفهن على ذويهن، قررن البقاء فى المستشفيات، للحفاظ على الأوراح.