«سلمية الإخوان» كـ«التدخين ضار جدًّا بالصحة»
٠٥ يوليه ٢٠١٥ - ٠٢:٠٥ م
والحقيقة أن الربانية والأستاذية، وغيرها من شعارات الكبر والغرور والرغبة فى العلو فى الأرض بغير الحق هى مجرد دعاية رخيصة من شخص طامح فى مكانة وتميّز على خلق الله باسم الله، الإخوان بشر مثل جميع المصريين إذا كانوا فى مصر، ومثل جميع أبناء جلدتهم إن كانوا فى أى بقعة من بقاع الأرض، هم أنا وأنت، وأخى وأخوك،
والحقيقة أن الربانية والأستاذية، وغيرها من شعارات الكبر والغرور والرغبة فى العلو فى الأرض بغير الحق هى مجرد دعاية رخيصة من شخص طامح فى مكانة وتميّز على خلق الله باسم الله، الإخوان بشر مثل جميع المصريين إذا كانوا فى مصر، ومثل جميع أبناء جلدتهم إن كانوا فى أى بقعة من بقاع الأرض، هم أنا وأنت، وأخى وأخوك، وابنى وابنك، هم منا ونحن منهم، هم مثلنا فى كل شىء إلا أنهم أكثر غرورا وادعاءً وتعاليا دينيا، مما يدفعهم إلى سلوك مسالك تناقض القيم والأعراف للمحافظة على الصورة المتعالية الوهمية، أو لتحقيق الأهداف المستحيلة التى وضعها التنظيم الخيالى لنفسه مثل إقامة الخلافة، وتحرير المسلمين، وتحقيق أستاذية العالم.
الإخوان فى مصر يحملون الأمراض الثقافية للمصريين، ويبالغون فيها، فتكون عندهم مزمنةً أكثر من غيرهم، لأنهم جماعة مغلقة تقوم على أولوية التماسك على تصحيح الذات، وتحترم الهيراركية والمقامات والتراتبية والتدرجية أكثر مما تولى اهتماما بالنقد الذاتى، لذلك هم من أولئك الذين لا يتناهون عن ارتكاب الأخطاء، إذ غالبا ما يحاولون تبرير أخطاء بعضهم البعض حتى لا تظهر عوراتهم أمام الأعداء الذين هم كل أفراد المجتمع خارج الجماعة، لذلك نادرا ما تجد من الإخوان نقدا لبعضهم أو للتنظيم، وإذا ظهر نقد فسيكون فى مقام المدح، مثل قولهم أن من أخطاء الرئيس الأسبق محمد مرسى أنه لم يجتث فلول النظام السابق، ولم يكمم الأفواه ويتدخل فى الإعلام، ولم يعاقب المجلس العسكرى، جميعها يقدّمها الإخوان على أنها نقد، وهى فى الحقيقة مدح له وللتنظيم.
وإذا كان من صفات الشخصية المصرية صفة «الفهلوة»، و«اللعب بالبيضة والحجر»، أو «اللعب بالثلاث ورقات»، فإن الإخوان كانوا هم أكثر من ظهرت فيهم جينات «الفهلوة»، ونظرا لأولوية الطاعة واتباع القيادة على التفكير الحر المبدع، والتفرد فى السلوك أو الفكر، فقد انطبعت صفة «الفهلوة» عندهم بصورة جامدة تميل إلى ثقل الدم والغباوة، بينما هى عند المصريين الآخرين مغلفة بخفة الدم والشطارة والمرح، لذلك كانت صفة «الفهلوة» عندهم ممجوجة وثقيلة وكريهة، لأنها صارت كذبا وغدرا وخيانة… إلخ، لأنهم تلبسوا تلك الصفة، وحاولوا التذاكى بها على العالم، وخداع جميع الناس طوال الوقت، وهو المستحيل بعينه.
منذ ٣ يوليو والإخوان يستخدمون خطابا سياسيا مزدوجا، فى حالة نادرة من النفاق السياسى البارع الذى استطاع الاستمرار لعامين دون انقطاع أو حياء، يرفعون شعار السلمية فى التظاهرات النسائية المسائية، ويحتفلون ويرقصون ويشمتون فى جرائم الإرهاب ضد الجيش والشرطة والشعب المصرى، من أكبر عالم فيهم مثل صاحب العمامة فى الدوحة إلى أقل بلطجى مثل المغير، يتآمرون أو ينفذون أو يشجعون العمليات الإرهابية، وفى الوقت عينه يرفعون الشعارات المخادعة مثل «سلميتنا أقوى من الرصاص»، لم يرَ المصريون السلمية، وإنما فتت أجسادهم الرصاص.
هذا الخطاب المخادع المزدوج الذى يتوجه الجزء العنيف منه لكل من وقف فى مصر ضد أحلامهم فى السلطة والسلطان والتمكين وأستاذية العالم، ويتوجه الجانب السلمى منه للمجتمع الدولى ممثلا فى أوروبا وأمريكا، وهنا خطاب مزدوج آخر، ونفاق من نوع آخر، فالغرب عند قياداتهم هو الداعم الرئيسى، هو المخلِّص، هو المنقذ، هو المساند، هو الجنسية الثانية، ومقر الإقامة والاستثمار، والجنة الموعودة لهم ولأبنائهم، والغرب عندما يخاطب هذه القيادات ذات الوجهين جماهير الإخوان، من الناس الطيبين وحسنى النية والحالمين بالمشروع الإسلامى، هو الصليبية والصهيونية والماسونية والاستشراق والاستعمار.
والحال هكذا، فإن سلمية الإخوان لا تختلف عن العبارة الموجودة على علبة السجائر بخط صغير جدا: «التدخين ضار جدا بالصحة»، أو «وزارة الصحة تحذرك من أضرار التدخين»، عبارة تضعها شركات صناعة السجائر استجابة لقوانين وزارة الصحة فى دولها، لكنها لا تحول دون التدخين، ولا تمنع المدخّن من السيجارة، وهو يعلم أن أضرار التدخين لا حصر لها، سلمية الإخوان عبارة تزيّن البيانات والشعارات الموجهة للغرب، الغرب الذى هو مصدر الوجود منذ الأستاذ المؤسس، ومصدر الشرعية بعد ذلك، ومصدر الحماية منذ ثورات الربيع العربى.
سلمية الإخوان عبارة مكتوبة على كل قنبلة تنفجر فى جندى أو شرطى من أهلى وعشيرتى الفلاحين الأميين البسطاء الذين قد لا يعرف الواحد منهم عن السياسة حرفا، ولا يفهم فى كل صراعات النخب المصرية شيئا، ولا همَّ له إلا أن يؤدى الخدمة العسكرية ويعود ليعول أهله ويتزوج، سلمية الإخوان مكتوبة على كل عملية اغتيال لضابط أو قاضٍ أو موظف عام، قد يكون أعطى صوته إلى الدكتور محمد مرسى، لكنه موظف فى دولاب الدولة المصرية، يؤدى واجبه ووظيفته، سلمية الإخوان أصبحت غطاءً للقتل على الهوية بصورة جاهلية، بل إن الجاهلية كان عندها شرف ومنطق، الجاهلية تقتل طبقا لرابطة الدم، ولم يعرف الكون جاهلية تقتل طبقا لنوع الزى الذى يرتديه الإنسان، هناك فى مصر نحو مليونين من رجال الشرطة والأمن المركزى تعاملهم الإخوان كقبيلة واحدة وتستبيح دماءهم جميعا، بحجة قيام عشرات منهم بواجب قانونى، وهو فض اعتصام غير قانونى، وقع فيه قتلى من الطرفين.
تابعت شخصيا جميع ما قيل على منصة رابعة العدوية طوال فترة الاعتصام، وكنت قد عملت باحثا فى مشروع استمر عشر سنوات عن العلاقات الدولية فى الإسلام، وخلصت من متابعة خطب قيادات الإخوان والسلفيين على منصة رابع العدوية إلى أن المتحدثين جميعهم لم يتركوا آية من القرآن الكريم، ولا حديثا نبويا، ولا فتوى من فتاوى الفقهاء، ولا موعظة ولا شعرا… إلخ، لم يتركوا أى شىء من هذا كله قيل فى حشد المسلمين لمحاربة الكفار الزاحفين على ديار الإسلام من الدول المعادية، مثل المغول أو الصليبيين، إلا واستخدموها لحشد أتباعهم من بسطاء التعليم ضد الجيش والشرطة المصرية.
جميع ما قاله المسلمون فى التاريخ لحشد الجماهير للجهاد، قاله المتحدثون على منصة رابعة العدوية ضد الجيش المصرى والشرطة المصرية والدولة المصرية، لذلك فإن كل أحداث العنف بعد ذلك تقع مسؤوليتها -من حيث التحريض- على المتحدثين فى رابعة العدوية الذين كانت كلماتهم تُنقَل بصورة مباشرة من خلال قنوات الفتنة فى قطر، وأتمنى أن يقوم بعض الباحثين أو مراكز الأبحاث بجمع خطب رابعة العدوية، وتحليلها تحليلا علميا، ونشرها كوثائق لتجلية الحقيقة والكشف عن جوهر سلمية تنظيم الإخوان.