الخوارج من جيش علِي إلى سيناء
٠٧ يوليه ٢٠١٥ - ٠٦:٥١ ص
هذه الواقعة التى كانت بمثابة أول استخدام للدين فى السياسة، كانت السبب أيضا فى ظهور الخوارج فى عصر الإمام على وفى كل عصر بعد ذلك. ففى واقعة التحكيم ورغم أن الإمام على أدرك الخدعة وقال لأصحابه: إنها المكيدة وإننى أعرف منكم بمعاوية وعمرو وإنهما لا يريدان العمل بالقرآن. لكن هناك من ادعوا أنهم أكثر ورعا
هذه الواقعة التى كانت بمثابة أول استخدام للدين فى السياسة، كانت السبب أيضا فى ظهور الخوارج فى عصر الإمام على وفى كل عصر بعد ذلك. ففى واقعة التحكيم ورغم أن الإمام على أدرك الخدعة وقال لأصحابه: إنها المكيدة وإننى أعرف منكم بمعاوية وعمرو وإنهما لا يريدان العمل بالقرآن. لكن هناك من ادعوا أنهم أكثر ورعا من الإمام على نفسه (سُموا الخوارج بعد ذلك) وقالوا له أجب القوم إلى كتاب الله إذا دعيت، وإلا سلمناك لمعاوية أو قتلناك كما قتلنا عثمان. فغضب الإمام وقال أنا أول من دعا إلى كتاب الله وأول من أجاب إليه، ولكنى أعلمكم أنها المكيدة. ورضخ الإمام لهؤلاء الخوارج، وبعد أن انكشفت مكيدة عمرو بن العاص بخلعه الإمام على وتثبيت معاوية، أراد الإمام كرم الله وجهه أن يعود إلى القتال مرة أخرى، ولكن الخوارج الذين أجبروه على قبول التحكيم هم أنفسهم الذين اعتبروا التحكيم جريمة كبيرة، وقالوا له: لن نقاتل معك حتى تشهد على نفسك بالكفر -لقبول التحكيم- ثم تتوب كما تبنا، وإلا ليس بيننا وبينك إلا السيف! وصار شعارهم لا حكم إلا لله.. ومنذ هذه اللحظة بدأ تكفير المخالفين فى الرأى وقتلهم، لأنهم اعتبروا الخلاف فى الرأى ذنبا إذا أدى إلى مخالفة الصواب من وجهة نظرهم. وكان أول ضحاياهم الصحابى خباب بن الأرت، عندما ساقته الأقدار فى طريقهم، وكان فى عنقه المصحف ومعه امرأته وهى حامل، قالوا إن الذى فى عنقك ليأمرنا بقتلك، ثم سألوه ماذا تقول فى أبى بكر وعمر؟ فقال خيرا. قالوا: فما تقول فى على قبل التحكيم؟ فأثنى خيرا، قالوا فما تقول فى التحكيم؟ قال: أقول إن عليا أعلم بكتاب الله منكم، وأشد توقيا على دينه، وأنفذ بصيرة، قالوا إنك تتبع الرجال على أسمائهم. ثم قربوه إلى شاطئ النهر وذبحوه وذبحوا زوجته الحامل. والغريب أنهم فى نفس اللحظة ساوموا رجلا مسيحيا على نخلته، فخاف الرجل وقال: هى لكم، فقالوا: والله ما نأخذها إلا بثمن. قال ما أعجب هذا!! أتقتلون مثل عبد الله بن خباب ولا تقبلون نخلة!
والخوارج يتمسكون بظواهر الألفاظ فقط، ولذلك عندما ناقشهم الإمام على فى إحدى المرات، لم يجادلهم بالنصوص بل ناقشهم بعمل الرسول، ومما قاله لهم «إن أبيتم إلا أن تزعموا أنى أخطأت وضللت، فلم تضلون عامة أمة محمد، وتأخذونهم بخطئى، وتكفرونهم بذنوبى، سيوفكم على عواتقكم، تضعونها مواضع البرء والسقم، وتخلطون من أذنب ممن لم يذنب، وقد علمتم أن رسول الله رجم الزانى المحصن، ثم صلى عليه ثم ورثه أهله، وقتل القاتل، وورث ميراثه أهله».
تعب الإمام على مع الخوارج، مثلما أتعبوا كل الحكام منذ ظهورهم حتى اليوم، واضطر الإمام فى النهاية إلى قتالهم، كما يفعل جيشنا اليوم فى سيناء، لكن الزمن تغير وأصبح هؤلاء الخوارج رأس الحربة للخونة والعملاء، كما أصبحوا أداة فى أيدى أجهزة المخابرات تلعب بهم لإسقاط الدول، فمرة يزرعونهم فى سيناء، ومرة فى العراق وسوريا، وقبل ذلك فى أفغانستان. وقد تختلف التسميات فمرة داعش، ومرة أنصار بيت المقدس، أو الإخوان أو الجماعة الإسلامية، أو جيش النصرة، أو.. أو.. إلخ. وهؤلاء الخوارج الجدد مهما اجتمعوا، وتآمروا، واتفقوا وحاربوا، واغتالوا، وقتلوا من جنودنا، وكل مواطن مصرى هو جندى سواء كان مسؤولا أو غير ذلك، فإنهم لن يستطيعوا، أن يهزمونا. فجيشنا العظيم الذى خدع العالم كله فى حرب أكتوبر ١٩٧٣ وحقق نصرا عظيما، قادر بالتأكيد على تدمير هذه العصابات التى تحارب لمن يدفع أكثر. فالإرهاب مهما بلغ لا يسقط دولة، فما بالك لو كانت بحجم مصر.