وقال كريس جارفيس، رئيس بعثة الصندوق في مصر إن برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تتبعه القاهرة والمرتبط بقرض الصندوق «يسير على ما يرام»، متوقعًا صرف الدفعة الثانية من القرض في الربيع المقبل، وأضاف في مؤتمر صحفي -بثت وقائعه على موقع الصندوق- «اعتقد أن مصر قامت ببداية جيدة»،
وقال كريس جارفيس، رئيس بعثة الصندوق في مصر إن برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تتبعه القاهرة والمرتبط بقرض الصندوق «يسير على ما يرام»، متوقعًا صرف الدفعة الثانية من القرض في الربيع المقبل، وأضاف في مؤتمر صحفي -بثت وقائعه على موقع الصندوق- «اعتقد أن مصر قامت ببداية جيدة»، وتوقع أن «ترتفع قيمة الجنيه خلال العام الجاري، بعد ما شهد في الفترة الماضية هبوطًا حادًا».
ووافق صندوق النقد الدولي في نوفمبر الماضي على منح قرض بقيمة 12 مليار دولار؛ وذلك بعد أن قلّصت القاهرة ميزانية دعم الطاقة وحررت سعر صرف الجنيه، وأفرج الصندوق عن شريحة أولى بقيمة 2.75 مليار دولار من القرض، في وقت عمدت الحكومة إلى تطبيق العديد من الإجراءات مثل تحرير سعر صرف الجنيه وتطبيق ضريبة القيمة المضافة.
وأضاف «جارفيس»، في مؤتمر صحفي له اليوم عبر الإنترنت، «بالرغم من أن معدلات التضخم قفزت في ديسمبر إلى مستوى قياسي بلغ 24.3 بالمئة، وهو أعلى مستوى له منذ عام 2008، كما تظهر المؤشرات الأولية تظهر أن مصر ستفي على الأرجح بمعايير الشريحة التالية من القرض».
وأشار إلى أن الصندوق يتوقع أن يبدأ التضخم في الانخفاض بشدة بحلول الربع الثاني من 2017، لافتًا إلى أن سعر صرف العملة في مصر انخفض أكثر مما توقعه الصندوق بالنظر إلى العوامل الأساسية.
ونشرت وكالة «رويترز» الإخبارية بعض محتويات الوثائق المتعلقة بالقرض والمكونة من 72 صفحة، وتشمل تفاصيل الجدول الزمني للإجراءات التي تلتزم مصر باتخاذها مقابل الحصول على القرض، وأهم العقبات التي تواجه تنفيذ برنامج اﻹصلاح، كم احتوت الوثائق على تقرير الخبراء، وخطاب النوايا الموقع من محافظ البنك المركزي طارق عامر ووزير المالية عمرو الجارحي، ومذكرة السياسات الاقتصادية والمالية الملحقة بخطاب النوايا، باﻹضافة إلى بيان لجارفيس، وبيان آخر للمدير التنفيذي لمصر بالصندوق حازم الببلاوي.
وفي الصفحة الأولى من الوثائق، أوضح الصندوق أن سياسات الشفافية الخاصة به تسمح بحذف المعلومات المؤثرة على الأسواق، والإفصاح قبل الأوان عن نوايا السلطات فيما يخص الإجراءات المستقبلية، مما يعني أنه قد تكون هناك إجراءات تم الاتفاق عليها غير مذكورة في الوثائق.
وبحسب الوثائق أيضًا فإن الحكومة تلتزم بحلول 30 يونيو 2017 بزيادة اﻹنفاق الاجتماعي، على كل من؛ برامج الدعم النقدي، والمعاش الاجتماعي، ووجبات المدارس، والتأمين الصحي والعلاج المجاني للفقراء، بمقدار 25 مليار جنيه، وإنفاق 250 مليون جنيه ﻹنشاء حضانات عامة لدعم قدرة المرأة على البحث عن عمل.
فيما قفز معدل التضخم السنوي في أسعار المستهلكين في المدن إلى 24.3% في ديسمبر الماضي، مقابل 19.4% في نوفمبر، كما ارتفع معدل التضخم الشهري بنسبة 3.4% في ديسمبر الماضي، مقارنة بشهر نوفمبر.
وعلى الرغم من عدم اﻹفصاح عن اﻹجراءات الاقتصادية المزمع اتخاذها لاحقًا حتى نهاية فترة القرض في 2019، إلا أن خطابًا من حازم الببلاوي، العضو الممثل لمصر في مجلس مديري الصندوق، كشف عن اعتزام الحكومة خفض دعم الطاقة من 6.5% من الناتج المحلي اﻹجمالي في 2012-2013 إلى 1.75% هذا العام، مع خفضها لاحقًا إلى 0.5% من الناتج المحلي.
وأوضحت الوثائق أنه على الحكومة المصرية، بحلول 31 مارس 2017، تبني استراتيجية إعادة هيكلة لقطاع الطاقة بناء على تقرير يصدره استشاري خارجي، لم تحدده الوثائق، وأن تنتهي من إعداد خطة عمل ﻹعادة الاستقرار المالي للهيئة العامة للبترول.
وبحسب «رويترز» فإن البرنامج يحدد مجموعة من التدابير الأخرى، بما في ذلك؛ إلغاء دعم الطاقة، وإصلاح الشركات الحكومية، وإدخال إصلاحات على السياسة النقدية، والتي تنفذها مصر على مدى السنوات الثلاث المقبلة لاستعادة الاستقرار الاقتصادي وتحقيق النمو على الأجل الطويل.
ووفقًا للتقرير تعهدت الحكومة بالإبقاء على سعر صرف مرن مع التدخل فقط من حين لآخر لمنع حدوث تقلبات مفرطة قصيرة الأجل في سعر الصرف.
كما تعهدت الحكومة أيضًا بإلغاء سقف الإيداع النقدي بالعملة الصعبة البالغ 50 ألف دولار للشركات المستوردة للسلع غير الأساسية، وسقف تحويلات الأفراد للخارج البالغ 100 ألف دولار في الوقت الذي تسعى فيه لزيادة احتياطيات النقد الأجنبي المتراجعة، وبدلًا من قيامه بإدارة سعر الصرف سيستهدف البنك المركزي التضخم.
ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يبلغ التضخم 19% في السنة المالية الحالية بسبب تحرير سعر الصرف وخفض الدعم وتطبيق ضريبة القيمة المضافة. كما يتوقع أيضًا هبوط التضخم إلى 7% بنهاية البرنامج، مع تشديد البنك المركزي للسياسة النقدية باستخدام أسعار الفائدة وأدوات أخرى.
ورأت «رويترز» أن الإجراءات التقشفية المزمعة تنطوي على مخاطر سياسية كبيرة للرئيس عبد الفتاح السيسي الذي تعهد باستعادة الاستقرار والازدهار حينما تولى الحكم في منتصف 2013.
واعترف الصندوق بأن المخاطر تتمثل في أن الحكومة قد ترضخ لضغوط سياسية لإبطاء وتيرة إصلاحات صعبة.
وقال الصندوق «تأتي أهم المخاطر على البرنامج الوطني من المصاعب التي ينطوي عليها تنفيذ برنامج إصلاحي قوي وواسع النطاق». مضيفًا «قد يتسبب عدم تشديد السياسة النقدية بالقدر الكافي في نشأة ضغوط على صعيد سعر الصرف والتضخم وفقدان الاحتياطيات. يمكن أن تتعرض الإصلاحات الهيكلية للمقاومة من أصحاب المصالح الخاصة». بالإضافة إلى أن «هناك مخاطر تنبع من إمكانية احتدام الصراعات الإقليمية وتدهور الأوضاع الأمنية الداخلية».
إصلاح قطاع البترول
بحسب الوثائق، فإن الاتفاق يلزم مصر بإجراء إصلاحات هيكلية على المدى الطويل، ووضع قوانين جديدة للإفلاس ومنح التراخيص الصناعية وتشريعات أخرى، تهدف إلى تقليص الروتين الحكومي وتشجيع استثمارات القطاع الخاص.
ومن بين أجرأ تلك الخطوات خطة تضعها مصر لإصلاح قطاع البترول بوجه عام والهيئة المصرية العامة للبترول بشكل خاص. وستقوم مصر بالانتهاء من تطوير الخطة بنهاية مارس.
ومن المقرر أن تسدد الهيئة المصرية العامة للبترول مستحقات متأخرة بنحو 3.6 مليار دولار لشركات النفط العالمية، إلى جانب العمل على عدم تراكم مستحقات جديدة عليها.
وعلى الصعيد المالي التزمت الحكومة بإلغاء دعم البنزين ووقود الديزل (السولار) في السنة المالية 2018-2019، وستقوم الحكومة بنشر تقارير بشأن الاستدامة المالية وتقارير فصلية بشأن التضخم والسياسة النقدية، لمنح المستثمرين مزيدًا من وضوح الرؤية.
وقالت الحكومة في نص خطاب النوايا الذي نشر ضمن تقرير بعثة الصندوق «نعتقد أن السياسات التي جرى ذكرها كافية لتحقيق أهداف برنامجنا على المدى المتوسط».
ويشير التقرير إلى أن من المتوقع أن تخفض الإجراءات الحكومية الدين العام من نحو 95% من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2015-2016 إلى نحو 86% بحلول السنة المالية 2018-2019، و78% بحلول 2020-2021.
ومن المتوقع أن يظل نمو الناتج المحلي الإجمالي مستقرًا عند نحو 4% في السنة المالية الحالية، في الوقت الذي ترتفع فيه أسعار الفائدة وإجراءات التقشف الحكومية والتضخم لتؤثر على نشاط الأعمال. وأوضح التقرير أن من المتوقع ارتفاع النمو إلى ما بين 5 و6 % على المدى المتوسط.
وأشار إلى أن مصر ستطبق ضريبة الأرباح الرأسمالية على معاملات البورصة في موعد لا يتجاوز السنة المالية 2017-2018. مؤكدًا أن الصين والإمارات العربية المتحدة وألمانيا وبريطانيا وفرنسا واليابان ساهموا جميعًا في التمويل بأشكال متنوعة.
ولفتت «رويترز» إلى أن التقرير لم يذكر اسم المملكة العربية السعودية التي كانت ذات يوم إحدى أقرب الدول الداعمة لمصر.