ويوجد من بين حوالي 36 مسلسل مشارك بالموسم الدرامي القادم، مالا يقل عن 10 أعمال لا ينتمون إلى مؤلف وحيد، من بينهم مسلسلات "الزيبق، حلاوة الدنيا، الطوفان"، وغيرهم من الأعمال المنتظرة الأخيرة.
ظاهرة ورش الكتابة الفنية تشكلت في الأساس بالولايات المتحدة الأمريكية على يد الكاتب "جون شولتز"،
ويوجد من بين حوالي 36 مسلسل مشارك بالموسم الدرامي القادم، مالا يقل عن 10 أعمال لا ينتمون إلى مؤلف وحيد، من بينهم مسلسلات "الزيبق، حلاوة الدنيا، الطوفان"، وغيرهم من الأعمال المنتظرة الأخيرة.
ظاهرة ورش الكتابة الفنية تشكلت في الأساس بالولايات المتحدة الأمريكية على يد الكاتب "جون شولتز"، وأثبتت نجاحًا كبيرًا، ولكن ربما يختلف الأمر في مصر، لاسيما وأن ثقافتنا الآدبية راسخة بأن الكتابة ما هي إلا عمل فردي يعتمد على الموهبة الذاتية والتي لا تقبل المشاركة.
ونحاول خلال التقرير التالي تسليط الضوء على هذه الظاهرة ومعرفة أسباب انتشارها، ودوافع المؤلفين للمشاركة في هذه التجارب، بالإضافة إلى مدى أهميتها الفنية والمميزات التي قد تضيفها للأعمال أو العيوب التي تعرضها للفشل، وذلك من خلال كتاب الدراما المشاركين في الموسم الرمضاني القادم في تجارب مماثلة.
وليد يوسف: موضة ولن تستمر كثيرًا

يقول الكاتب وليد يوسف، الذي يشارك المؤلف وائل عبد الله، في كتابة مسلسل "الزيبق" الذي يقوم ببطولته النجم كريم عبد العزيز، إن هذه الظاهرة ما هي إلى "موضة"، مشيرًا إلى أنها لن تستمر طويلًا وسرعان ما ستنتهي.
ويضيف أنه لا يحبذ هذه التجارب، خاصة وأن المؤلف لابد وأن يكون له فكره الخاص، مستثنيًا تجربته مع الكاتب وائل عبد الله، مشيرًا إلى أن هذه التجربة استثنائية لأنه والأخير أصدقاء وتشاركوا الكتابة في عدة أعمال سابقة.
وأكد "يوسف" أن المؤلفين الذين يقومون بكتابة أعمالهم عن طريق الورش الفنية التي تضم مجموعة من الشباب، لا يمتلكون شخصية الكاتب الأوحد، مشيرًا إلى أنهم يلجأوا إلى لهذ الأمر لعدم قدرتهم على تحمل عمل كامل بمفردهم.
كما ألفت إلى أن الورش الفنية بها العديد من العيوب، منها أن الشخصيات والأحداث غالبًا ما تكون غير متسقة، وأن الشخصية تكون مفتقدة للهوية، حيث من الممكن أن تجد شخصية واحدة تتعامل وتتحدث بطرق ومفردات مختلفة بناء على الشخص الذي كتبها.
أما عن سبب انتشار هذه الظاهرة، فأوضح أن المنتجين يلجأون إلى للاستعانة بالورش الفنية من أجل تخفيض التكاليف، لأن الكتاب الكبار يتحصلون على أجور أعلى، لافتًا إلى أن المنتجين يقوموا بالأمر تحت إدعاء "ضح دماء جديدة"، وهو ما يراه غير صحيح، لأنه يقدم مجموعة من الشباب دون إعطاهم الفرصة كاملة، خاصة وأنهم يكتبون أعمال ينصب الفضل الأكبر بها لغيرهم.
تامر محسن: انتشرت لأنها توفر الكثير من الوقت والمال

أما الكاتب والمخرج تامر محسن الذي يقدم في الموسم الرمضاني مسلسل "هذا المساء"، الذي يقوم ببطولته الفنان إياد نصار، وأروى جودة، والذي كتبه عن طريق ورشة فنية، فأيد هذه الظاهرة، وقال إن ورش الكتابة الفنية أمر مجدي فنيًا إلى حد كبير.
وأضاف "محسن" أن برغم اقتناعه بأن أعمال المؤلف الواحد تكون أفضل فنيًا في أغلب الأحيان، إلى أنه لم يعد أمر سهل في الوقت الحالي، مشيرًا إلى أن المؤلف من أجل تقديمه لمسلسل جيد قد يستغرق منه الأمر لعام أو أكثر، وهو ما أصبح مرفوض في عالم الدراما للعديد من الاعتبارات.
وأوضح "محسن" أنه في الماضي كان الكاتب الراحل أسامة أنور عكاشة، قد يعكف على كتابة أحد مسلسلاته لعامين، ولكن عند عرضه يلقى النجاح الكبير الذي يستحقه، أما الآن فالأمر لم يعد كذلك، لافتًا إلى أن هناك العديد من الحسابات المختلفة، التي قد تجعل من الوقت عاملًا أساسيًا لاختيار الأعمال.
وحول مسلسله القادم، كشف الكاتب والمخرج أنه منذ اللحظة الأولى لانتهائه من القصة، قرر أن يكتب المسلسل بالتعاون مع ورشة فنية، خاصة وأنه يقوم بإخراجها، لافتًا إلى أنه في أول 12 حلقة كان يكتب السيناريو الخاص بهم بنفسه مع أعضاء الورشة، ولكن فور بدء التصوير اكتفى بمتابعة مجريات الكتابة فقط.
محمد رجاء: ظاهرة جيدة ولكن تحتاج لقائد موهوب وقوي الشخصية

من جهته؛ قال الكاتب محمد رجاء الذي شارك في العديد من ورش الكتابة الفنية، آخرها مسلسل "فوق مستوى الشبهات" العام الماضي، وكذلك مسلسل "الطوفان" هذا العام مع الكاتب وائل حمدي، إن ورش الكتابة لها العديد من المميزات والعيوب، ولكن نجاحها يكون متوقف فقط على شخصية المؤلف الذي يديرها.
وأوضح "رجاء" أن الورش الفنية توفر الكثير من الوقت، نظرًا للمناقشات السريعة التي تحدث بين الكتاب لإنهاء أي جدل فكري، مشيرًا إلى أن المؤلف عندما يكتب بمفرده يأخذ وقت كبير في التفكير والرد على العديد من الأسئلة الدرامية، وهو ما يكون معدومًا إلى حد كبير في الكتابة متعددة الأطراف.
وشدد المؤلف الشاب على أن أهم ما يضمن النجاح للورش الفنية هي شخصية الكاتب الذي يديرها، مشيرًا إلى أنه لابد أن يكون صاحب شخصية قوية وخبرة كبيرة ليتمكن من تنظيم عملية التأليف والكتابة، حتى يخرج العمل في النهاية بنمط واحد دون أية خطوط درامية شاذة.
وبرغم إيمانه الشديد بمميزات الورش الفنية، إلا أن "رجاء" كشف أيضًا عن بعض عيوبها، قائلًا إنها برغم توفيرها لبعض الفرص للمؤلفين الشباب إلا أنها أيضًا تكبت موهبتهم، حيث أن مهما كانت جودة الأفكار والأسلوب لأعضاء الورشة، فإن الشكل النهائي للعمل يكون منوط به فقط المشرف على الورشة، وهو ما يعطيه الحق بتغيير ما تمت كتابته حتى وإن كان للأسوأ.
تامر فرج: معمول بها في جميع المسلسلات العالمية
أيضًا قال السيناريست تامر فرج، والذي قاد العديد من ورش الكتابة الفنية، ويشارك في ورشة كتابة مسلسل "يوميات زوجة مفروسة"، المقرر عرض رابع أجزاءه في رمضان المقبل، إنه يؤيد تواجد الورش الفنية، لما توفره من مواهب.
وأضاف "فرج" أن الورش الفنية معمول بها في هوليود وجميع المسلسلات الأمريكية، مشيرًا إلى أن أعمال الكاتب الواحد لم تعد متواجدة بعد الآن في الأعمال العالمية، ولكنها لابد أن يكون لها شروط وقواعد.
وتابع أن ظهور هذه الورش في الأعوام الأخيرة، حل العديد من الأزمات الفنية، حيث يلجأ إليها المخرجون والمنتجون لإنجاز أعمالهم في أوقات أقصر، وربما ليحلوا محل بعض المؤلفين الذين ينسحبون في أوقات حرجة.
نادر عدلي: تجاربها فاشلة ولم تضف شيئًا للدراما

من جهة أخرى، هاجم الناقد الفني نادر عدلي، هذه الظاهرة، وقال إنها أحد أسباب إفساد الدراما المصرية في السنوات الأخيرة، مشيرًا إلى أن جميع تجاربها فاشلة، وأنها لم تحقق أي نجاح يذكر منذ انتشارها وحتى والآن.
وأضاف "عدلي" أن لا يوجد عمل واحد في الدراما المصرية قامت بكتابته ورشة كتابة فنية وظل عالق في أذهان الجمهور، لافتًا إلى أن الأمر تحول إلى تجميع أكبر عدد من الشباب الموهوبين لصنع أعمال مثلية بدون أي عمق درامي يذكر.
أما عن أسباب انتشارها، فقال الناقد الفني، إنه في السنوات الأخيرة أصبح يتم إنتاج العديد من المسلسلات، حتى أصبح عدد الأعمال يفوق عدد كتاب السيناريو، وهو ما جعلهم يلجأون إلى كتابة العمل الواحد بأكثر من مؤلف.
وتابع "عدلي" أن بعض المؤلفين الكبار أصبحوا يتلهفون حول المال، حيث بات همهم الأكبر هو تجميع أكبر عدد من الأموال في وقت قصير، وهو ما دفعهم لفتح ورش الكتابة من أجل تقديم أكثر من عمل في أوقات وجيزة.
وأوضح الناقد أن السيناريو أصبح في الوقت الحالي أضعف حلقات الأعمال الدرامية، مشيرًا إلى أن هناك مخرجين متميزين وممثلين شباب جيدون، إلا أن السيناريو والحوار هو نقطة الضعف الحقيقية حتى الآن، خاصة وأن عدد المؤلفين أصحاب الموهبة الحقيقة أصبح عددهم منخفض إلى حد كبير.