لم يعتد عمرو موسى، الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية، على الغياب عن المعترك السياسي، فكلما استشعر الشارع ابتعاده تجد اسمه قد عاد يتردد بقوة على مسامعهم، فهو يعرف كيف يحقق أهدافه في الوقت الذي يريد.
ظهر موسى مرشحًا قويًّا في الفترة الدعائية التي سبقت إجراء الانتخابات الرئاسية 2012، لكنه
لم يعتد عمرو موسى، الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية، على الغياب عن المعترك السياسي، فكلما استشعر الشارع ابتعاده تجد اسمه قد عاد يتردد بقوة على مسامعهم، فهو يعرف كيف يحقق أهدافه في الوقت الذي يريد.
ظهر موسى مرشحًا قويًّا في الفترة الدعائية التي سبقت إجراء الانتخابات الرئاسية 2012، لكنه فشل في المنافسة على المقعد، ورغم كل التقلبات التي أثرت على الحياة السياسية في مصر لم يغب موسى عن المشهد السياسي، وعاد اسمه أكثر قوة عندما كان رئيسًا للجنة الخمسين، التي وضعت الدستور المصري.
وعندما هوجم موسى بعد الترويج بأنه في طريقه للانضمام لجبهة معارضة للرئيس عبد الفتاح السيسي، سارع بإصدار بيان للتأكيد أنه لا يشارك في هذه الجبهة، ولم تمض أيام حتى عاد اسمه يتردد من جديد بعد حفل توقيع مذكراته، التي تحدث فيها عن معرفته برؤساء مصر، وشن هجومًا على عبد الناصر واصفًا إياه بالديكتاتور، ما أسهم في الترويج لكتابه، وحصوله على اهتمام زائد.
موسى حاول محو الصورة الذهنية المترسخة في عقول المصريين بأن عبد الناصر نصير الغلابة، لذلك تطرق في مذكراته للحديث عن أن الرئيس الأسبق كان يستورد طعاما خاصا له من الخارج، وتحديدا من سويسرا، مرجعًا السبب وراء ذلك بأنه كان مهتما بنظام غذائي يؤدي لخفض الوزن، وكان يرسل من وقت إلى آخر من يأتي له بأصناف معينة من الطعام الخاص بالريجيم من سويسرا.
وأراد الرجل أن يوثق ما يحكيه بتأكيده أنه كان يعمل بسفارة مصر في سويسرا، وكان رجلا ضخم الجثة يأتي لتسلم الطعام، وكان موسى هو المسؤول عن تسليمها له، بعد ذلك انتقل إلى الترويج بأن عبد الناصر كان ديكتاتورًا، وقاد مصر للهزيمة، مضيفا أن مظاهرات التنحي مسرحية، وأن عبد الناصر اختصر مصر في شخصه، فكل ما هو جيد له جيد لها، واعتبر أن سياساته سبب اندلاع ثورة 25 يناير2011.

يقول أمين إسكندر، القيادي بحزب الكرامة، إن هناك معركة تدور بشكل دائم، ترتفع وتيرتها عند ذكر ثورة 23 يوليو، وإن هناك صراعا ما بين أصحاب مشروع تدمير مصر وإضعافها وتقزيمها، وهم رجال كامب ديفيد، الذين يدعون إلى الخصخصة والانفتاح الاقتصادي ومشروع جمال عبد الناصر.
إسكندر يدافع عن الرئيس الأسبق ويقول، عبد الناصر ما زال حيًّا وحاضرًا عند الجماهير، لذلك المعركة تدور حول عقل الشعب المصري، إن مثل هؤلاء يريدون تلويث سمعة الرجل بأية طريقة في محاولة بائسة لأن ينساه الناس، مشيرًا إلى أن الجميع يتذكره بمجرد الحديث عن العدالة الاجتماعية والاستقلال وسمعة وقيمة مصر.
وتابع: "نحن أمام معركة تدور بشكل دائم ما بين مشروعين، الأول يدمر مصر ويجعلها تابعة، والآخر يجسده جمال عبد الناصر يختلف معه تماما، وعمرو موسى هو أحد رجال كامب ديفيد ينتمي للمشروع الآخر، فقد تآمر وتورط في تدمير هذه الأمة".
لم يقتصر موسى على الحديث عن فترة عبد الناصر، لكنه تطرق إلى ذكرياته مع الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، ويقول عنه: "إنه شخصية لطيفة مُحببة، له قفشاته الطريفة، منوفي حقيقي، كان يستمع لآراء خبراء في الظل قبل أن يجتمع بفريقه في جلسات رسمية، وكان يتمتع بتوازن مبسّط للأمور"، ويحكي: "دخلت مرة مكتبه الداخلي الواقع في الدور الأرضي في خلفية منزله، فوجدت أكوامًا من التقارير التي تصدر عن أجهزة الدولة وتُرسل إليه بوصفه رئيسًا للجمهورية في شكل كتب أو ملفات صغيرة الحجم، وهذا ما يفسر قولي إنه كان موظفًا كبيرًا يقتنع بأنه يجب الاحتفاظ بهذه التقارير، التي ربما يحتاج إلى أن يعود إليها في يوم ما».
وبعد مرور ما يقرب من 6 سنوات على ثورة يناير يرى موسى أن «مبارك» كان يعطي المعارضة مساحة تتسع قليلاً أو تتقلص حسب المعطيات والظروف والاحتياج، وغضّ الطرف عن بعض الفساد بين كبار مؤيديه وأركان نظامه وعائلاتهم، لكنه لم يتردد في أن يلفت نظر كبار المسؤولين في نظامه إذا تعدوا حدودا معينة في استغلال النفوذ.

يعترض عمرو هاشم ربيع على ما جاء في مذكرات موسى عن مبارك وقال إن مبارك الذي جرف الحياة السياسية في مصر على مدى 30 عامًا، والذي حوّل البلد إلى عزبة، والتعليم في عهد تم تدميره، لا يصح أن يتم ذكره بأنه صاحب نكتة، هو أمر لا يخصنا.
وأشار إلى أن المواطنين لا يبحثون عن النكتة من الرئيس لكنهم كانوا يريدون أن تتحسن الأوضاع السياسية والاجتماعية، والتي باستطاعتها أن تنتشل الناس من الفقر، لكنه كان في عهده تزاوج السلطة مع المال، واستفاد أولاده أثناء فترة توليه السلطة.