لا يزال «التطهير العرقى» شبحًا يطارد الأقلية المسلمة فى ميانمار، إذ يتعرض مسلمو الروهينجا كل يوم للإبادة الجماعية، دون تدخل من جانب المعنيين بالدفاع عنهم، فيُترَكون فى مهب رياح تلك الهجمات والاعتداءات الوحشية عليهم، وسط صمت دولى، إلا من التصريحات المنددة بما يحدث، والتى لم تتخط التصريحات ولم تدخل حيز التنفيذ حتى الآن.
الخارجية المصرية: نسعى من أجل وقف نزيف الدماء والحد من أعمال العنف والتهجير بميانمار
ففى الوقت الذى يُباد فيه مسلمو الروهينجا، يلوذ الناجون من جحيم التطهير العرقى بالفرار إلى بنجلاديش المجاورة، دعت مصر لمجلس الأمن لعقد جلسة طارئة لمناقشة تطورات أزمة مسلمى الروهينجا فى ميانمار، فى ظل تدهور الأوضاع الميدانية أمنيا وإنسانيا منذ يوم 25 من شهر أغسطس الماضى.
وقال المتحدث باسم الخارجية المصرية إن كلا من السويد وبريطانيا، شاركتا مصر فى طلبها لمجلس الأمن بالانعقاد من أجل أزمة بورما، إلى جانب تأييد وفد من كازاخستان والسنغال باعتبارهما من أعضاء مجلس الأمن المنتمين إلى منظمة التعاون الإسلامى، لافتًا إلى موقف مصر من القضية، وسعيها من أجل العمل على وقف نزيف الدماء والحد من أعمال العنف والتهجير الجارية فى ولاية راكين، وصولًا إلى إيجاد حل عادل يشمل منح المنتمين لأقلية الروهينجا حقوقهم المشروعة، ويضمن أمنهم وسلامتهم وعودتهم إلى ديارهم، وتسهيل نفاذ ووصول المساعدات الإنسانية لهم.
الخارجية البريطانية: ما يحدث فى ميانمار «وصمة»
من ناحية أخرى، وعلى هامش مشاركته فى اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، التقى بوريس جونسون، وزير الخارجية البريطانى، مع مسئولين فى حكومة ميانمار، أمس الإثنين، والمتمثلين فى مستشار الأمن القومى ونائب وزير الخارجية فى ميانمار، إضافة إلى المندوبة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، ووزراء من دول بنجلاديش وإندونيسيا وتركيا وأستراليا وكندا والسويد والدنمارك لبحث الموقف الخاص بمسلمى الروهينجا، حيث دعا وفد ميانمار لوقف العنف الذى تسبب فى فرار مئات الآلاف من مسلمى الروهينجا إلى بنجلاديش.
وفى بيان صدر عنه عقب اللقاء، وصف وزير الخارجية البريطانى ما يحدث فى ميانمار من أعمال عنف بـ«الوصمة»، وقال: «يتعين على مستشارة الدولة والحكومة المدنية التأكد من توقف تلك الانتهاكات».
زعيمة ميانمار: مستعدون لتنظيم عودة 410 آلاف لاجئ من الروهينجا
أما الزعيمة البورمية، أونج سان سو تشى، فبعد طول غياب، أعلنت موقفها مما يحدث حيال مسلمى الروهينجا، فى كلمة متلفزة لها، أمس الثلاثاء، قالت فيها إن بلادها مستعدة لتنظيم عودة أكثر من 410 آلاف لاجئ من الروهينجا، فروا إلى بنجلاديش المجاورة، معربة عن قلقها بشأن المسلمين والمدنيين العالقين فى الأزمة.
وقالت الزعيمة البورمية إن بلادها لا تخشى تدقيقًا دوليا حول الأزمة، وأضافت: «بعد أكثر من 3 أسابيع من الاضطرابات فى غرب البلاد، نحن مستعدون لأن نبدأ التحقق من هوية اللاجئين بهدف تنظيم عودتهم».
وتابعت: «إن قوات الأمن تلقت تعليمات من أجل اتخاذ كل الإجراءات لتفادى الأضرار الجانبية وإصابة مدنيين بجروح، خلال عملياتها، ونحن نشعر بالحزن الشديد لآلام الأشخاص العالقين فى الأزمة (فى إشارة منها إلى المدنيين الذين فروا إلى بنجلاديش والبوذيين الذين هربوا من قراهم فى المنطقة)، ولا نريد أن تكون بورما منقسمة حول المعتقدات الدينية».
الآلاف يطالبون الحكومة الكندية بسحب جنسيتها من زعيمة ميانمار
وفى العاصمة الكندية أوتاو، احتشد المئات أمام البرلمان الكندى، لمطالبة حكومة بلادهم بسحب الجنسية الكندية الفخرية من زعيمة ميانمار، احتجاجًا على عمليات التطهير العرقى وما تتعرض إليه أقلية الروهينجا المسلمة، حيث شارك في التظاهرة، التى ضمت نحو 250 شخصًا، عدد من أعضاء البرلمان والحقوقيين، ممن طالبوا حكومة بلادهم بالتدخل لإنهاء الجرائم التى تُرتَكَب ضد مسلمى الروهينجا، وسحب الجنسية الفخرية التى حصلت عليها أونج سان سو تشى عام 2007.
ودعا المتظاهرون رئيس الوزراء جاستن ترودو للانضمام إلى المطالبين بتوفير ملاذ آمن لمسلمى الروهينجا داخل ميانمار، كوسيلة للعمل على التزامهم بمسئولية حماية السكان الضعفاء من الاضطهاد، والعمل على تحقيق هذا الغرض مع مفوضية الأمم المتحدة للاجئين، بينما أُطلِقت دعوة على أحد مواقع التصويت الكندية، موجهة إلى رئيس الوزراء الكندى، تستعرض صمت زعيمة ميانمار الحائزة جائزة نوبل للسلام أمام الانتهاكات الحقوقية الجسيمة التى تحدث فى بلادها، وتطالبه بسحب الجنسية الكندية الفخرية منها، وقد أيد الدعوة، التى انطلقت فى الأسبوع الأول من شهر سبتمبر الجارى، حتى الآن ما يزيد على 32 ألف شخص.
مسلمو الروهينجا: نشعر بالرعب.. والبوذيون صاحوا فينا «غادروا وإلا سنقتلكم جميعا»
فى الوقت الذى يستغيث فيه آلاف من مسلم الروهينجا بالسلطات للسماح لهم بمرور آمن من قريتين نائيتين انفصلتا عن العالم الخارجى بسبب البوذيين المعادين ونقص الغذاء، حيث أكد الروهينجا أن ما لديهم من غذاء بدأ ينفد منذ 25 أغسطس، حين شن مسلحون هجمات فتاكة فى ولاية راكين أدت لقيام جيش ميانمار بحملة عنيفة.
وبحسب «رويترز»، فإن ماونج ماونج، أحد مسئولى الروهينجا فى قرية «آه نوك بين»، قال: «نشعر بالرعب، سنموت من الجوع قريبًا، وهم يهددون بحرق منازلنا»، بينما قال شخص آخر من الروهينجا إن بوذيين من ولاية راكين أتوا إلى نفس القرية وصاحوا قائلين: «غادروا وإلا سنقتلكم جميعا».
مسئول حكومى: لن يُسمَح للروهينجا بالخروج الآمن من قريتين نائيتين مثلما طلبوا
بينما قال مسئول حكومى فى ميانمار، إن بوذيين معادين فى شمال غرب البلاد، يحاصرون آلافًا من مسلمى الروهينجا، لافتًا إلى أن لديهم ما يكفى من الطعام ولن يُسمَح لهم بالخروج الآمن من قريتين نائيتين مثلما طلبوا.
وبحسب «رويترز»، فر ما لا يقل عن 42 ألفًا من الروهينجا إلى بنجلاديش المجاورة هربًا مما وصفه مسئول كبير بالأمم المتحدة بأنه مثل نموذجى لـ«التطهير العرقى».
وقال تين موانج سوى، أمين حكومة ولاية راكين، إن الطلبات المقدمة من قريتين للسماح بالمرور الآمن قوبِلت بالرفض لأن هناك ما يكفى من الأرز، ولأن نقطة شرطة قريبة تحميهما، وأضاف: «أسبابهم غير مقبولة، يجب أن يمكثوا فى مكانهم الأصلى».
رئيس بعثة تقصى الحقائق يطالب بمد مهلة التحقيق 6 أشهر.. ويؤكد: «سنذهب إلى حيث تقودنا الأدلة»