كشفت الاشتباكات التي شهدتها العاصمة اليمنية "عدن" خلال الأسابيع الماضية بين الانفصاليين في الجنوب والمدعومين من الإمارات العربية المتحدة وقوات هادي المدعومة من التحالف العربي برئاسة السعودية، عن خلافات تاريخية بين الحليفين.
ويرى العديد من المحللين اليمنيين والغربيين أن تلك
كشفت الاشتباكات التي شهدتها العاصمة اليمنية "عدن" خلال الأسابيع الماضية بين الانفصاليين في الجنوب والمدعومين من الإمارات العربية المتحدة وقوات هادي المدعومة من التحالف العربي برئاسة السعودية، عن خلافات تاريخية بين الحليفين.
ويرى العديد من المحللين اليمنيين والغربيين أن تلك الخلافات تضع مزيدًا من العقبات فى سبيل التوصل لحل وإنهاء الصراع في البلد الذي مزقته الحرب، وفقًا لما ذكرته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.
واشتبك الانفصاليون الجنوبيون، مع القوات المؤيدة للرئيس هادي على مدار أيام، ليستولوا بعدها على مدينة عدن، رغم تحالف الفريقين مع السعودية والإمارات لقتال المتمردين الحوثيين.

وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن المعارك التي شهدتها عدن، كشفت مدى هشاشة التحالف، وأكدت اختلاف الأجندات التي تتبناها كل من السعودية والإمارات في حرب اليمن.
وسعى الانفصاليون -الذين شكلوا ما يُعرف باسم المجلس الانتقالي الجنوبي- إلى استقلال دولة جنوب اليمن مرة أخرى، والتي كانت موجودة قبل وحدة البلاد عام 1990، وكثيرًا ما اتهموا الحكومة المركزية في صنعاء، والتي يرأسها (هادي) الآن بالفساد وإهمال الجنوب.
ونقلت الصحيفة عن محللين قولهم: إن "الاشتباكات الأخيرة، ما هي إلا انعكاس للتوترات المتصاعدة منذ أمد طويل".
أبريل لونجلي آلي، الباحثة في مجموعة الأزمات الدولية والخبيرة في الشأن اليمني أفادت أن الخلاف بين الحليفين يكشف كيف حطمت الحرب هذا البلد، وتفتت؟، مضيفة "رواية الحكومة الشرعية بمقاتلة الحوثيين، تحجب واقعا أكثر تعقيدًا، وهذا يعيق جهود السلام".
وقالت "آلي": إن "كلا من السعودية والإمارات لديهما أجندات مختلفة في اليمن، فالمملكة تدعم بشكل وثيق حزب الإصلاح، الذي كان لديه علاقات مقربة من جماعة الإخوان، وأعلن مؤخرًا قطع العلاقة مع الجماعة، بينما تعارض الإمارات حزب الإصلاح".
وأضافت أن الانفصاليين الجنوبيين، "كانوا على تحالف مع حكومة هادي الداعمة لوحدة اليمن، وما نراه الآن هو محاولات من السعودية والإمارات، للتغطية على الخلافات بين الفريقين، للحفاظ على أسطورة وجود جبهة موحدة تحت قيادة الحكومة المعترف بها دوليا".
وأوضحت "واشنطن بوست" أن الاشتباكات الأخيرة أسفرت عن سقوط أكثر من 30 قتيلًا، لينضموا إلى أكثر من 10 آلاف آخرين من ضحايا الحرب، أغلبهم من المدنيين الذين سقطوا بسبب غارات التحالف العربي.
كما يعاني الملايين في اليمن -أفقر دول الشرق الأوسط- من الجوع والمرض، وهو ما دفع العاملين في جهود الإغاثة إلى وصفها بأكثر الأزمات الإنسانية مأساوية ونسيانًا في العالم.

ومنذ أن تولى منصور الرئيس اليمين عبد ربه منصور هادي منصبه في 2012، توقع الجنوبيون أن تتحسن أحوالهم المعيشية، إلا أنه على مدار السنوات الثلاث الماضية فشل الرئيس في ممارسة سلطاته السياسية أو دعم الاقتصاد.
كما تعرضت عدن للعديد من الهجمات الانتحارية وغيرها من أشكال العنف التي تبناها تنظيم القاعدة وداعش باليمن.
وصرح جيرالد فيرشتاين، سفير أمريكي سابق لدى اليمن، بأنه لم يتم فعل الكثير لاستقرار الأوضاع في اليمن، وإعادة الأمور إلى نصابها، مضيفًا أن الشعب هناك أصبح أكثر إحباطًا.
وأشارت "واشنطن بوست" إلى أن الاشتباكات اندلعت بعد انتهاء المهلة التي حددها المجلس الانتقالي الجنوبي لـ"هادي" لإقالة الحكومة التي يرأسها أحمد عبيد بن داغر، والتي اتهموها بالفساد وسوء الإدارة.
وبعد استيلاء الانفصاليين على المدينة، تحصن القوات الموالية لهادي بالقصر الرئاسي، بينما فكر البعض في الهرب من المدينة.

وقال السفير الأمريكي السابق باليمن: إنه "وسط الانشقاقات التي شهدها التحالف، هناك أسئلة جادة بخصوص بقاء ومصداقية حكومة هادي، وكذلك حول ما يقدمونه بجلوسهم على طاولة المفاوضات".
فبعد يوم من محاصرة الانفصاليين الجنوبيين القصر الرئاسي في عدن، أرسلت السعودية والإمارات مندوبين لنزع فتيل الأزمة وتطبيق وقف لإطلاق النار، حيث تعد السعودية الداعم الرئيسي لقوات هادي، بينما تدعم الإمارات المجلس الانتقالي الجنوبي وقامت بتدريبهم وتمويلهم، بحسب المسؤول الأمريكي.
وعلى الرغم من التوترات المتصاعدة، فإنه من غير المرجح جدا أن يتفكك تحالف السعودية والإمارات في اليمن، حيث تشترك الدولتان في الاعتقاد بأن "الحوثيين وإيران" يشكلان تهديدا للمنطقة، بحسب الصحيفة.
ويرى العديد من سكان عدن أن الوجود المتزايد للإمارات يثير القلق، وسط مخاوف من أن تتمكن البلاد من تحقيق مكاسب اقتصادية من خلال محاولة السيطرة على مواني اليمن، خاصة عدن، التي تقع بجانب ممرات الشحن الرئيسية.

ونقلت "واشنطن بوست" عن الصحفي اليمني حسن الجلال قوله: إن "الإمارات لديها طموحات في جنوب اليمن، وأهمها ميناء عدن"، مضيفًا أن دعمها للانفصاليين يكشف هذا الأمر.
من جانبه صرح هشام الغنام، الباحث السعودي في جامعة إكستر، بأن حكومة اليمن يقع عليها بعض اللوم في العنف الواقع بعدن، وينبغي أن تقدم استقالتها إذا كانت غير قادرة على إدارة المعركة ضد الحوثيين وتقديم الخدمات للمواطنين في نفس الوقت.
وأضاف "الغنام" أنه على الانفصاليين أن ينتظروا حتى تصبح الأمور أكثر وضوحا، مشيرًا إلى أنه على الرغم من النهج المختلف الذي تتبعه كل من السعودية والإمارات في اليمن، فإنهم اتفقوا على الوقوف في وجه أي دعوات للانفصال.