"لماذا ترسل فرنسا قواتها إلى سوريا؟".. سؤال ظل يتردد بين القوى الفاعلة داخل الأرض العربية، خاصة أن وجود القوات الفرنسية محدود منذ اندلاع الأزمة قبل 7 سنوات.
ويبدو أن الأوراق الفرنسية بدأت تنكشف تباعًا حول دوافع وجودها داخل سوريا، ولماذا ترسل قوات خاصة في ذلك التوقيت؟
بالأمس، كشفت وثائق
"لماذا ترسل فرنسا قواتها إلى سوريا؟".. سؤال ظل يتردد بين القوى الفاعلة داخل الأرض العربية، خاصة أن وجود القوات الفرنسية محدود منذ اندلاع الأزمة قبل 7 سنوات.
ويبدو أن الأوراق الفرنسية بدأت تنكشف تباعًا حول دوافع وجودها داخل سوريا، ولماذا ترسل قوات خاصة في ذلك التوقيت؟
بالأمس، كشفت وثائق سرية عن قيام فرنسا بالطلب من الولايات المتحدة عدم استهداف مصنع أسمنت جلابية، بين الرقة ومنبج، الذي سيطر عليه تنظيم "داعش" الإرهابي، وتولى مهمة إدارته بدلا من شركة "لافارج" الفرنسية، خريف عام 2014، حسب وكالة "د.ب.أ".
صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية أكدت أن الحفاظ على الاستثمارات الفرنسية في سوريا كان أولوية بالنسبة لوزارة الخارجية، رغم أن قضية المصنع تخضع الآن إلى تحقيق قضائي حول دوره في تمويل الإرهاب وتعريض حياة العاملين فيه للخطر.

اقرأ أيضًا: هل تعود سوريا قوية وموحدة مجددًا؟
ووفقًا للصحيفة، فإن وزارة الخارجية الفرنسية و"لافارج"، اتفقا على ضرورة الحفاظ على الاستثمار الفرنسي في مصنع جلابية، والبالغ نحو 700 مليون دولار أمريكي.
ومع سيطرة "داعش" على الرقة ومنبج ومناطق واسعة حول جلابية، أصبح المصنع على قائمة أهداف التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، ما دفع باريس إلى الطلب من واشنطن الامتناع عن قصف المصنع قبل استشارة الجانب الفرنسي مسبقا، وقد تم تزويد الولايات المتحدة بإحداثيات الموقع لتجنب أي أخطاء، حسب الاتحاد الإماراتية.
كانت فرنسا قد أرسلت عسكريين مسؤولين عن هذا الملف في الجيش الفرنسي عام 2014، حاملين رسالة إلى نظرائهم الأمريكيين بشأن موقع المعمل خشية استهدافه.
مساعي فرنسا لاستعادة السيطرة مجددا على المصنع تلاشت في عام 2015، وذلك بعد أن سيطرت القوات الكردية التابعة لحزب "الاتحاد الديموقراطي" على المنطقة، حيث زاد ذلك من مخاوف الفرنسيين لفقدانهم الاستثمار المهم، فالأكراد بدأوا بالتعامل مع المصنع على أنه موقع يخصهم.

اقرأ أيضًا: مخطط تقسيم سوريا.. هل تتخلى روسيا عن الأسد؟
مسؤول أمن لافارج السابق جان كلود فييار، المقرب من معظم أجهزة الاستخبارات الفرنسية وأحد أبرز الشخصيات التي تخضع للمساءلة من قبل القضاء الفرنسي، قال: إن "مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية يعيقون الوصول إلى ممثلي (لافارج)"، وفقًا للوكالة الألمانية.
"لوفيجارو" أوضحت أن "لافارج" خططت للمستقبل في سوريا، مؤكدة أن الشركة طلبت من وزارة الخارجية الفرنسية في مارس 2015، تقديم العلاج لقائد كردي كان له دور بارز في استعادة معمل جلابية من "داعش"، وبالفعل وافقت الخارجية الفرنسية على الطلب وأصدرت تأشيرة طبية للقيادي المصاب.
الوثائق كشفت أيضًا أن "لافارج" دفعت بين 80 و100 ألف دولار أمريكي شهريًا لتنظيم "داعش" مقابل استمرار إنتاج المصنع، فضلا عن شراء النفط من التنظيم بعد سيطرته على معظم الحقول.
الصحيفة نوهت بأن العملية تمت عبر رجل الأعمال السوري، نجل وزير الدفاع الأسبق فراس طلاس، الذي اعتقل في الإمارات على خلفية التحقيق في تمويل "لافارج" للإرهاب في سوريا، حيث تولى مهمة دفع الرشاوى للتنظيمات المسلحة، ومن بينها "داعش".
و"فراس طلاس" كان الشريك السوري للشركة الفرنسية عندما بدأت الاستثمار في سوريا عام 2007، بفضل قانون الاستثمار السوري الذي ينص على منح نسبة من أسهم الشركات الأجنبية التي ترغب بالاستثمار في سوريا لمواطن سوري، وغالبًا ما يكون مُقربًا من الحكومة السورية.

اقرأ أيضًا: العدوان الثلاثي على سوريا يحرج «الجيش الفرنسي»
المثير في الأمر أن صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية، كشفت، في وقت سابق، عن وثائق تدين الاستخبارات الفرنسية بالتواطؤ مع "لافارج" في نشاطها في سوريا.
ونقلت الصحيفة عن محضر استجواب مسؤول الأمن السابق للشركة جان كلود فييار، اعترافه باطلاع المخابرات الفرنسية على كامل ظروف عمل الشركة في سوريا خلال تلك الفترة.
وأبلغ فييار المحققين الذين ينظرون في القضية، أنه التقى مسؤولي الأجهزة الاستخباراتية الفرنسية 33 مرة ما بين عامي 2012 و2014، وأن كبار المسؤولين كانوا على اطلاع مباشر على أدق التفاصيل حول التوازنات العسكرية في شمالي سوريا، حسب الاتحاد الإماراتية.
وأشارت الصحيفة، إلى أن "لافارج" تحولت إلى مصدر معلومات وحيد عن سوريا بالنسبة للاستخبارات الفرنسية، وتساءلت عن أخلاقية السلوك الفرنسي الذي عرّض حياة موظفيها للخطر، وساهم بتمويل "داعش" مستغلا طمع الشركة بزيادة أرباحها، رغم تبني التنظيم لاعتداءات 13 نوفمبر الثاني 2016.